أثارت تصريحات وزير الخارجية رمطان لعمامرة لصحيفة “القدس العربي”حول تاريخ الجزائر النضالي ودعم القضية الفليسطينية وقضايا منها دعم بسخاء مليشيات البولساريو الإرهابية، جدلًا وسط نشطاء وخبراء السياسة الدولية، بين من يرى أن تصريحاته حملت مغالطات تاريخية ومحاولته للتقليل من ما تحظى به القضية الفلسطينية تاريخيا بتعاطف كبير لدى الملك المفدى محمد السادس حفظه الله والشعب المغربي، وبين ما يؤكّد على توظيف الرئيس الجزائري تبون ووزير خارجيته لورقة إعادة الرباط علاقاتها مع تل أبيب، إذ ترتبطها بقضية الصحراء المغربية التي تعد القضية الوطنية الأولى في المملكة.
وقال وزير الخارجية رمطان لعمامرة، إن بلاده الآن أصبحت تشعر أنها دولة مواجهة أمام إسرائيل، في حين كانت الجزائر “ترسل قواتها لقتالها مع الأشقاء العرب، وأصبحت على حدودنا وتوقع اتفاقات عسكرية وأمنية واستخباراتية مع الجار والأخ والصديق” مشيرا إلى أن “مخطط استهداف الجزائر بدأ مرة أخرى كأولوية لأنه لا يمكن فرض الواقع على إقليم الصحراء”.
جاءت تصريحات لعمامرة في حوار لصحيفة “القدس العربي”، أكد خلاله أن “المغرب يعرف أنه غير قادر على فرض رؤيته في إقليم الصحراء وما زال هناك قلعة صامدة هي الجزائر تدعم حق الصحراويين الانفصاليين بما يسمى حق تقرير المصير “المتجاوز بمقترح مغربي يسمى الحخكم الذاتي” كما تدعم الشعب الفلسطيني بحق تقرير المصير بكالام فقط وليس في نية الجزائر، لا الآن ولا في المستقبل، أن تتخلى عن هذا المبدأ”.
وأضاف الوزير الجزائري، أنه “حتى مع اعتراف رئيس أقوى دولة في العامل ترامب أو غير ترامب ما دامت الجزائر تقف مع جبهة البوليساريو الانفصالية من أجل حق تقرير المصير (المتجاوز بحكم ذاتي)”، مشيرا إلى أنه “ومن هذا المنطلق نفهم قضية التطبيع مع الكيان الصهيوني والمؤكد أن الأخيرة هي المستفيد الأكبر من مسألة التطبيع”.
وأوضح لعمامرة سعي بلاده إلى ” لم شمل العرب في مؤتمر القمة القادم، لنصل إلى موقف مشترك من دعم حقوق الشعب الفلسطيني دون أن نتدخل في الشؤون الداخلية للدول التي آثرت أن يسبق التطبيع قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية”.
وشدد الوزير على أن، “فكرة استخدام ورقة الصحراء المغربية لتقوية المغرب وإضعاف الجزائر ما زالت قائمة، حيث عادت المسألة من جديد بعد قضايا الإرهاب والحراك الشعبي في الجزائر ظنّا منهم أن الجزائر مشغولة في أوضاعها الداخلية”.
وأشار لعمامرة، إلى أن “لديهم قناعة أيضا أن الأمم المتحدة انصاعت لإملاءات فرنسا وأمريكا في هذا المضمار، وتخلت عن فكرة تصنيف الأزمة بأنها تتعلق بتصفية الاستعمار، بل قضية تتعلق بخلافات محلية يمكن حلها بمنح الحكم الذاتي للصحراويين”.
ويندد الفلسطينيون باتفاقات التطبيع التي وقعتها دول عربية مع إسرائيل، إلا أن الدول الأربعة وهي الإمارات والبحرين والسودان والمغرب أعلنت مرارا التزامها بدعم القضية الفلسطينية وإنهاء الصراع على أساس حلّ الدولتين.
ويأتي تصاعد التوترات الأخيرة بين البلدين بعد قطع العلاقات بينهما في أغسطس/آب الماضي.
وجدد الملك محمد السادس الذي يرأس لجنة القدس، التأكيد على “التضامن المطلق مع الشعب الفلسطيني” ودعم “حقه المشروع في إقامة دولته المستقلة”.
وترفض تيارات يسارية وإسلامية اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل، إلا أن المغرب أوضح أن الأمر لا يتعلق بتطبيع العلاقات بل باستئناف علاقات كانت مجمدة منذ العام 2000 على اثر التعامل الإسرائيلي الوحشي مع الانتفاضة الفلسطينية الثانية.
وتحظى القضية الفلسطينية تاريخيا بتعاطف كبير في المغرب غير أن إعادة الرباط علاقاتها مع تل أبيب لم يثر رفضا قويا في المملكة، إذ يرتبط بقضية الصحراء المغربية التي تعد القضية الوطنية الأولى في المملكة.
وكان الرئيس الأميركي السابق الجمهوري دونالد ترامب قد طرح مبادرة سلام خلال عهد الحكومة اليمينية المتطرفة برئاسة بنيامين نتنياهو رفضها الفلسطينيون وتحفظ عليها العرب ووصف صهر ترامب ومستشاره حينها جاريد كوشنير تلك المبادرة وهو أحد مهندسيها، بأنها مساهمة في الاستقرار في المنطقة، بينما تساعد على إضعاف النفوذ الإيراني.
وتعرف المبادرة أيضا باسم صفقة القرن وتهدف إلى حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني وتشمل إنشاء صندوق استثمار عالمي لدعم اقتصادات الفلسطينيين والدول العربية المجاورة وتركز في معظمها على دعم الفلسطينيين اقتصاديا وتخفيف معاناتهم أما سياسيا فتلغي حق العودة للاجئين ودويلة منزوعة السلاح وهو أمر رفضه الفلسطينيون بشدة.
وجاءت زيارة غانتس بعد عام على إعادة العلاقات بين إسرائيل و4 دول عربية من بينهم المغرب، برعاية إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، فيما عرف باتفاقيات “أبراهام”.
وأقام المغرب وإسرائيل علاقات دبلوماسية إثر توقيع اتفاقات أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في العام 1993، قبل أن تقطعها الرباط بسبب قمع الانتفاضة الفلسطينية الثانية التي انطلقت عام 2000.
واستأنف الجانبان علاقاتهما أواخر العام ليكون المغرب رابع بلد عربي يطبع علاقاته مع إسرائيل في 2020 برعاية أميركية، بعد الإمارات والبحرين والسودان.
وقد تم افتتاح سفارة لإسرائيل بالمغرب خلال زيارة قام بها وزير الخارجية يائير لابيد إلى الرباط في أغسطس/ آب الماضي.
وعشية وصول غانتس إلى الرباط جدد وزيرا خارجية الولايات المتحدة أنتوني بلينكين والمغرب ناصر بوريطة، خلال لقائهما الاثنين بواشنطن، التأكيد على أهمية “التعميق المستمر” للعلاقات بين المغرب وإسرائيل.
ووصف غانتس اتفاقيات التعاون مع المغرب بأنها “أمر مهم جدا، سيمكننا من تبادل الآراء وإطلاق مشاريع مشتركة وتحفيز الصادرات الإسرائيلية” إلى المغرب.
وجاءت زيارة غانتس إلى المملكة في سياق إقليمي متوتر مع إعلان الجزائر في أغسطس/اب قطع علاقاتها مع الرباط بسبب ما قالت إنها “أعمال عدائية”. وأعرب المغرب عن أسفه للقرار ورفض مبرراته التي وصفها بـ”الزائفة”.
كما أعلنت جبهة البوليساريو الجمعة الماضية “تكثيف” عملياتها العسكرية ضد القوات المغربية في الصحراء المغربية.