خلف قرار “حكومة أخنوش” الجديد تشديد الاجراءات الاحترازية جراء ظهور” المتحورة أوميكرون”ابتداء من الاثنين الماضي، تساؤلات كثيرة حول مصير عدد من القطاعات التي ستعود لإغلاق أبوابها. فبالإضافة إلى استياء العاملين في قطاع السياحة الذين يتخوفون من “ضربة قاضية”تعمّق أزمة هذا القطاع الحيوي للاقتصاد المغربي للعام الثاني، بسبب إغلاق الحدود مجددا جراء جائحة كوفيد-19، خصوصا مع فرنسا التي تعد أهم مصدر للسياح الأجانب خلال فترة رأس السنة الميلادية.
فعلى الرغم من أن الأرقام المسجلة على مستوى الإصابات والوفيات التي أفرزتها جائحة (كوفيد-19) في المغرب، لا تعتبر كبيرة مقارنة مع بلدان أخرى، فإن فترة الإغلاق التام للحدود البرية والجوية، كلها عوامل ،
وتعتبر المملكة المغربية وتونس، أبرز الوجهات السياحية في المنطقة، بينما تسعى الجزائر للاستثمار في القطاع بخطى ثقيلة لتنويع مصادر دخلها، وهي التي تعتمد على أكثر من 90 في المئة من دخلها على المحروقات.
واكتوى كل العاملين في القطاع السياحي عموما بنيران الأزمة الصحية مع تراجع مداخيله بنسبة 65% مطلع هذا العام، بعدما بلغت حوالى 9 مليارات دولار العام 2019.
ولم تستقبل المملكة المغربية العام الماضي سوى 2.2 مليون سائح بانخفاض يعادل 78% مقارنة مع العام 2019، وفق أرقام رسمية.
في تعليقه على ذلك، أعرب العاملون في قطاع السياحة في المغرب عن تخوفهم من “ضربة قاضية” تعمق أزمة هذا القطاع الحيوي للاقتصاد المغربي للعام الثاني، بسبب إغلاق الحدود مجددا جراء جائحة كوفيد-19، خصوصا مع فرنسا التي تعد أهم مصدر للسياح الأجانب.
وكان المغرب قد أغلق حدوده منذ الأحد وحتى إشعار آخر مع فرنسا، بسبب تطورات الوضع الوبائي في “جواره الأوروبي”، قبل تعليق الرحلات الجوية تماما لأسبوعين تحسبا لانتشار المتحورة أوميكرون ابتداء من الاثنين. يذكر أن رحلات أخرى معلقة أيضا منذ الشهر الماضي مع بريطانيا وألمانيا وهولندا، وجميعها من الدول التي يأتي منها السياح تقليديا للسياحة في المغرب.
وفي وقت يعول المهنيون على عطل أعياد نهاية السنة لتخفيف الخسائر التي يتكبدها القطاع منذ عامين، يأسف رئيس فيدرالية الفندقيين المغاربة لحسن زلماط لكون “الانتعاشة المأمولة لن تتحقق”.
وتابع: “كل الحجوزات ألغيت وجل الفنادق سوف تضطر للإغلاق، علما أن نحو 50 بالمئة منها مغلقة أصلا منذ بدء الجائحة”. ويصف رئيس فيدرالية أرباب وكالات الأسفار محمد السملالي تعليق الرحلات مع فرنسا في هذه الفترة بالذات “بالضربة القاضية للقطاع”. وينبه إلى أن “قرابة 80 بالمئة من وكالات الأسفار ما تزال مقفلة منذ ظهور الجائحة” مطلع 2020.
في هذا السياق اعتبر موقع “ميديا 24” المحلي عن أحد المهنيين قوله إن السياحة المغربية ستخسر أكثر من 100 مليون دولار على أقل تقدير خلال فترة رأس السنة الميلادية. ولم يتسن لوكالة الأنباء الفرنسية الحصول على معطيات رسمية حول الخسائر المتوقعة.
نقل موقع “ميديا 24” عن وزيرة السياحة فاطمة الزهراء عمور أن السلطات سوف تعيد تقديم دعم شهري يقارب 200 دولار لمهنيي القطاع المتوقفين عن العمل، خلال الأشهر الأخيرة من هذا العام دون تفاصيل حول عدد المستفيدين منها.
واعتمدت هذه الإعانات منذ بدء الجائحة، وتوقفت خلال انتعاشة القطاع الصيف الماضي، لكنها تشمل فقط العاملين النظاميين المصرح بهم في صندوق التضامن الاجتماعي.
على الصعيد العالمي، قدّرت منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة هذا الأسبوع خسائر هذا القطاع بتريليونَي دولار عام 2021، وهو مبلغ مماثل للعام الماضي، واصفة تعافي القطاع بأنه “بطيء” و”هش”.
وأعاد المغرب فتح حدوده تدريجيا ابتداء من حزيران/يونيو التي كان مغلقة في وجه 54 بلدا لأشهر طويلة بعد ظهور الجائحة، ما مكن من تحقيق تحسن نسبي لنشاط هذا القطاع الحيوي للاقتصاد المغربي الذي يشكل قرابة 7 بالمئة من الناتج الداخلي الخام.
وقد أدى ذلك إلى ارتفاع عدد السياح القادمين إلى المملكة إلى قرابة مليونين ما بين حزيران/يونيو وآب/أغسطس، مقابل 165 ألفا خلال الفترة نفسها من العام الماضي، وفق آخر نشرة لوزارة المالية حول الظرفية الاقتصادية. وبقيت آمال استمرار هذا الانتعاش قائمة مع تحسن الوضع الوبائي في المملكة خلال الأشهر الأخيرة، ما سمح برفع حظر التجوال الليلي المفروض لأشهر، وتخفيف القيود على التنقلات داخل المملكة وعلى ولوج الفنادق والمطاعم والمرافق السياحية.
لكن السلطات المغربية عادت لتغلق الحدود في وجه المسافرين القادمين من ألمانيا وهولندا وبريطانيا ابتداء من 20 تشرين الأول/أكتوبر، قبل أن تضاف فرنسا إلى اللائحة ابتداء من الأحد وحتى إشعار آخر.
وبخصوص الآفاق المستقبلية لاقتصاد المغرب ، توقع تقرير لوزارة المالية المغربية ، صدر في الآونة الأخيرة ،أن يبلغ متوسط النمو الاقتصادي للبلاد 4.5 % في الفترة من 2021 إلى 2023 .
وأوضح التقرير أن التوقعات الاقتصادية لسنة 2022 تأخذ بعين الاعتبار أيضا تنفيذ خطة إنعاش مختلف قطاعات الاقتصاد المغربي الرامية إلى الحد من الآثار السلبية للأزمة الصحية المرتبطة بـ(كوفيد- 19)، على النسيج الاقتصادي.
وفي تعليقه على توقعات وزارة المالية المغربية قال خالد حمص ،إن تنفيذ خطة الإنعاش هذه تتطلب خلق “دينامية إيجابية” لتجاوز الأزمة في كل القطاعات خاصة أن التضخم ظل في مستوى منخفض مدعوما باستقرار قيمة الدرهم المغربي.