المغرب: حملة للحد من تبذير الماء .. خبراء : زراعة “الافوكادو” ستستنزف ما تبقى من مياه!؟

0
542

أصدر خبراء بالمغرب تحذيرات في ظل تعاظم الازمات التي يتخبط فيها المواطن في المملكة ومنها مشكل المياه و اثره السلبي على مجال الزراعة الذي دخل المستثمرون الأجانب وشركات إسرائيلية فيها على خط التماس بإعلانها عن مشاريع لزراعة مئات الهكتارات من الاراضي بالمملكة بفاكهة “الافوكادو” التي ستستنزف ما تبقى من مياه.

اطلقت وزارة التجهيز والماء  حملة توعية تحت شعار “لا لتبذير الماء”لتوعية مختلف المواطنين بضرورة الحد من تبذير المياه، وذلكنظرا لوضعية الإجهاد المائي الذي تواجهه المملكة وبناءًا على قرارات حكومية.

وذكرت الوزارة في بيان نشرته على موقعها الرسمي، اليوم الجمعة، أنه “في الوقت الذي تتناقص فيه الموارد المائية يعرف منحنى استهلاك المياه بين المستخدمين ارتفاعا”، داعية إلى “التوقف عن ممارسة أي شكل من أشكال تبذير الماء حفاظا على الموارد الحالية ومن أجل ضمان التوزيع العادل للمياه لفائدة الجميع”.

وأشارت إلى أن الحملة التي ستمتد على مدى شهرين تهدف إلى “دق ناقوس الخطر” في مواجهة الجفاف الذي يعرفه المغرب، وكذا رفع الوعي بين صفوف المواطنين حول حساسية الوضع.

وجاءت ندرة الامطار لتعمق من الازمة التي تسبب فيها – وفق الخبراء في مجال الثروة المائية -، “انعدام المراقبة الحقيقية للسياسة الفلاحية والاتجاه نحو زراعات تستنزف بشكل غير طبيعي المياه الجوفية”.

وكشفت أكبر شركة للمنتجين والمصدرين “للأفوكادو” الإسرائيليين كشركة (“مهادرين”)، عن انطلاق مشروع لإنتاج الفاكهة بالمغرب على مساحة 455 هكتار .

ويرى خبراء بالثروة المائية، وفق جريدة “الأيام”، أن توسيع مساحات زراعة الأفوكادو بالمملكة سيستنزف الفرشة المائية، لاسيما بالمناطق التي تعرف خصاصا في المادة الحيوية.

وحسب المختصين، فإن هذا النوع من الزراعات يستهلك بشكل كبير المياه الجوفية. فما عدا الأشهر الأربعة الأكثر برودة، تتطلب الأفوكادو الناضجة من 2271 إلى 4163 لتر ماء، و أما خلال فترات الجفاف الشديد، فإنها تتطلب ما يصل إلى 4542 لتر، بينما تحتاج الأشجار الصغيرة ذات المظلة النباتية التي يصل طولها إلى 1.2 متر، إلى ما بين 75.7 و 151 لتر، وقد تحتاج إلى ما يصل إلى 189 لتر خلال أشهر أكثر دفئا.

وعن المشروع الإسرائيلي  بالمملكة، قال الرئيس التنفيذي لشركة “مهادرين” الإسرائيلية، أن “زراعة الأفوكادو في المغرب جزء من خطة أكبر لنكون قادرين على تزويد الزبائن الأوروبيين بسهولة أكبر بحكم القرب الجغرافي للمغرب والتكاليف الأكثر تنافسية”،  وهو ما يبرز -وفق الخبراء- أن “الفائدة الاقتصادية والمالية لهذا الاستثمار ستعود على الشركة الإسرائيلية، فيما لن ينال المغرب سوى الضرر في مائه، وتبعا لذلك في اقتصاده وتنميته”.

وتظهر بيانات وزارة التجهيز والمياه أنّ مخزون المياه في السدود لم يتجاوز 34.1%، مقابل 44.4% في الفترة نفسها من العام الماضي، حتى الأشهر الأوى من العام الجاري.

وتأخر تساقط الأمطار منذ بداية العام الحالي، إذ أفاد وزير الفلاحة محمد الصديقي، في تصريحات صحافية أخيراً، بأنّ التساقطات تراجعت بنسبة 61% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي. 

وتستنفر هذه الوضعية المنذرة بتراجع مخزون المياه خلال العام الجاري وزارة التجهيز والمياه، بهدف تأمين الماء الصالح للشرب لفائدة بعض المناطق، التي يمكن أن تعاني من نقص فيها.

وقررت الوزارة تخصيص حوالي 220 مليون دولار من أجل تأمين الماء الصالح للشرب في تلك المناطق، ومنها المنطقة الشرقية، بينما تشهد المنطقة الشمالية فائضاً على مستوى المياه.

وينتظر أن يتم التوجه نحو البحث عن موارد جوفية وتجهيز الآبار المتوفرة، بالموازاة مع استعمال المياه المخصصة للزراعة لتوفير احتياجات الشرب، مع العمل على تسريع توفير محطة تحلية مياه البحر في الدار البيضاء.

وفي هذا الصدد، قال وزير التجهيز والماء، نزار بركة، إن “المياه أصبحت اليوم شحيحة وكل قطرة مهمة للغاية”، مؤكدا أن “الاستهلاك المسؤول والمعقلن للماء أضحى عملا مواطنا ودليلا على التضامن الوطني”.

يذكر أن رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش، عقد أمس الخميس، اجتماعا خُصص لـ “دراسة الوضعية المائية” في البلاد، حيث تقرر إحداث لجنة تضم جميع القطاعات المعنية تحت إشراف وزارة التجهيز والماء ستقوم بتتبع برنامج الحكومة فيما يتعلق بالتزود المستمر بالماء الصالح للشرب في جميع مناطق المملكة.

وسبق لوزير التجهيز والماء أن أكد أن وضعية الموارد المائية “مقلقة” وبأن “المغرب مهدد بندرة المياه”، مشيرا إلى أن “هذه السنة كانت جافة مما خلف انعكاسات كبيرة على السكان”.

وأوضح بركة خلال حديثه في البرلمان ، أواخر مايو الماضي، أن الموارد المائية سجلت “تراجعا كبيرا” بحيث انخفضت بنسبة 84٪ مقارنة مع سنة عادية، لافتا إلى أنه بفضل التساقطات الأخيرة في شهري مارس وأبريل انخفضت هذه النسبة إلى 45٪ قبل أن يردف مؤكدا أن ذلك “يبقى غير كاف”. 

وينتظر أن يواجه المغرب في الأعوام المقبلة مشكلة الإجهاد المائي في ظل عدم استقرار تساقط الأمطار، إذ ينتظر أن تصل حصة الفرد من المياه التي كانت 3 آلاف متر مكعب في ستينيات القرن الماضي إلى 700 متر مكعب في 2025.

ويقول الخبير الزراعي محمد الهاكش،في تصريح سابق، إنّ المغرب يشهد طلباً كبيراً على المياه في الزراعة في ظل التعويل على الزراعات التصديرية، إذ إنّ الزراعة تحظى بحوالي 85% من المياه المتوفرة، غير أنّه يتوجب في نظره ترشيد استعمال ذلك المورد في المستقبل.

يضيف الهاكش أنّه يفترض توجيه السياسة الزراعية نحو المزروعات التي لا تستهلك المياه بشكل مفرط، والتي يمكن أن تحقق السيادة الغذائية للمملكة، وفي الوقت نفسه يتوجب توفير مياه الشرب لسكان المدن والأرياف عبر السدود.

وكان المغرب قد وضع مخططاً للتزود بالماء الصالح للشرب ومياه السقي يمتد بين 2020 و2027، وينتظر أن تصل كلفة ذلك المخطط إلى 12 مليار دولار، إذ يتضمن إنجاز مشاريع لاستغلال المياه الجوفية في الأرياف، وتزويد سكان تلك المناطق بشاحنات صهريجية، بالإضافة إلى التوجه نحو إنشاء العديد من سدود تخزين المياه في الأعوام المقبلة.