الساسي يسلط الضوء على عدم تحقيق المغرب الانتقال الكامل نحو الديمقراطية، ويشير إلى أن هناك قيوداً على حرية التعبير والإعلان عن المواقف السياسية الحقيقية في المغرب.
الرباط – أكد محمد الساسي أن المغرب لم يحقق بعد الانتقال الديمقراطي، مشيرا إلى ضرورة وجود حرية أكبر للإعلان عن المواقف الحقيقية في البلاد.
في ندوة نظمتها مؤسسة “الفقيه التطواني” في سلا، أوضح أن السياسة تتيح المجال للاختلاف والتنافس، وأن التقسيم السياسي في المغرب تطور من معادلة حزبية ثنائية إلى ثلاثية بسبب ظهور الحركة الإسلامية، مؤكدا أن التمييز السياسي لم يعد مقتصرا فقط على يمين ويسار الطيف السياسي.
وأشار الساسي إلى وجود حركة تماهي بين الأحزاب السياسية في المغرب، سواء في الشعارات أو الممارسة، أو في النشأة والامتداد، مؤكدا أن المغرب لم يحقق بعد انتقالا ديمقراطيا تتحقق فيه المشاريع المجتمعية، وليس هناك حرية للإعلان عن المواقف الحقيقية.
وتابع ” نحن في المغرب نتطور من الأحزاب المختلفة في مشاريعها ومرجعياتها وهياكلها، إلى الحزب الوحيد بأسماء متعددة، والقاسم المشترك هو أن فكرة السيادة الملكية لها إغراء يكتسح مساحات لدى عقليات مختلف الحزبيين”.
واعتبر الساسي أن جزء من الأحزاب الإدارية يحاول أن يتوفر على حد أدنى من الهيكلة، وكانت في السابق تترك القصر ليفكر مكانها وتعفي نفسها من البرنامج، واليوم نلاحظ أن التقنية البرمجية عند هذه الفئة من الأحزاب تقدمت، وانفتحت على أطر عليا، وأصبح يلجها فنانون ومفكرون.
وزاد ” الأحزاب التي كنا نعتبرها ديمقراطية وطنية إضافة إلى الإغراء بفكرة السيادة الملكية، هناك مشاركة حكومية في جميع الأحوال، خاصة أننا في المغرب نعيش في ظل حكومة ائتلافية دائمة وكأننا في أزمة سياسية، وهي نفسها اليوم تستقطب مرشحين من أحزاب الإدارة وتقصي حاسة النقد”.
وتساءل الساسي عن اختفاء الانتقاد في المغرب؟ فهل كل أمورنا بخير؟ أليس لدينا معتقلون سياسيون في السجن؟ ولماذا لم تعد الفكرة الديمقراطية لها أسبقية في البلاد؟ لافتا إلى أنه ربما أطول انتقال ديمقراطي هو الذي سيكون بالمغرب.
وتحدث أيضا عن أحزاب اليسار التي حافظت لحد الساعة على جزء من تراث الحركة الوطنية، ولكنها انشقت عن الأحزاب اليسارية التقليدية دون أن تتمكن من تشكيل بديل لها، إلى جانب أنها تعيش إشكالية الوحدة بسبب المطامح الزعماتية من جهة، إلى جانب مشاكلها الداخلية المتعلقة بالموقف من النظام والصحراء والانتخابات.
وأوضح أن العائلة الإسلامية التي تتزوع حسب أربع مجموعات المشاركون أي “العدالة والتنمية”، و جماعة “العدل والإحسان” (فاعل سياسي)، والسلفيون أيضا كفاعل سياسي مناسباتي لأن البودشيشيين خرجوا لدعم الدستور، إلى جانب “الأمة” و”البديل”.
وسجل أن ما يجمع كل هذه الفئات الإسلامية هو تطبيق الشريعة، ويختلفون في نسبة هذا التطبيق وفي الموقف من النظام وحرية المعتقد، لكن بصفة عامة فإنهم بمثابة اليمين المتطرف في الغرب، لأن هذا الأخير دائما يتمركز حول فكرة الهوية الوطنية والأحزاب الإسلامية كذلك، اليمين المتطرف ضد الإجهاض ومع عقوبة الإعدام والتشدد في مساحة الحرية والإسلاميون كذلك.
وأبرز أن الأحزاب في المغرب تختلف أيضا حول القضية الفلسطينية، هل هي مسألة دينية أم تصفية استعمار؟ وهل ممثل فلسطين هو حماس أم السلطة الفلسطينية؟ مشبرا أن ما يقع في غزة يظهر أن حماس تتجه شيئا فشيء إلى “علمنة” خطابها، وربما تتحول مستقبلا بحكم الاحتكاك بالواقع.
التصريحات التي أدلى بها محمد الساسي تتناول عدة جوانب مهمة في السياق السياسي والاجتماعي في المغرب:
الديمقراطية وحرية الرأي: يشير الساسي إلى أن المغرب لم يحقق بعد الانتقال الكامل نحو الديمقراطية، مما يعني أن هناك تحديات مستمرة تتعلق بحرية التعبير والإعلان عن المواقف السياسية الحقيقية بدون مخاوف من الانتقامات أو القيود.
التقسيم السياسي: يلاحظ الساسي تحول التقسيم السياسي في المغرب من نموذج ثنائي إلى ثلاثي بفعل ظهور الحركة الإسلامية وتأثيرها على المشهد السياسي، مما يعكس تعددية الأصوات والمواقف داخل البلاد.
التحديات السياسية والاجتماعية: يعرض الساسي تحليلاً للتطورات السياسية والاجتماعية في المغرب، مشيراً إلى التحديات التي تواجهها الأحزاب، بما في ذلك الوحدة الداخلية ومواقفها من القضايا السياسية الملحة مثل الصحراء الغربية والانتخابات.
التوجهات الدينية والثقافية: يلقي الضوء على التنوع داخل الأحزاب وتماهيها في بعض الجوانب الثقافية والدينية، ويسلط الضوء على الديناميكيات التي تؤثر على السياسة المغربية والتي تتجاوب مع التحولات العالمية والمحلية.
بشكل عام، يعكس التحليل الذي قدمه الساسي تعقيدات المشهد السياسي في المغرب والتحديات التي تواجه العملية الديمقراطية، مع التركيز على حرية التعبير والتنوع السياسي كأساس للتقدم نحو مجتمع مدني يعترف بحقوق الإنسان والمشاركة السياسية الفعالة.