المغرب يتصدّر قائمة أكبر مصدري التوت الأزرق بتكلفة 80%من موارد البلاد المائية؟!

0
437

للعام السادس على التوالي، يعيش المغرب عاما آخر من الجفاف، ويعتبر العام الماضي أسوأ عام جفاف شهدته المملكة المغربية منذ 40 سنة.، خشية أن تمتد الأزمة إلى حد تراجع كمية المياه التي يجري تزويد المناطق الحضرية بها لأغراض الشرب والاستخدامات المعيشية اليومية.

يصنف المغرب ضمن الدول التي تعاني من الإجهاد المائي، وتقدر الموارد المائية السطحية في السنة المتوسطة بـ18 مليار متر مكعب، أما المياه الجوفية فتمثل 20% من الموارد المائية التي تتحصل عليها المملكة.

وتبلغ حصة الفرد من المياه أقل من 650 مترا مكعبا سنويا، مقابل 2500 متر مكعب عام 1960، ومن المتوقع أن تنخفض هذه الكمية لأقل من 500 متر مكعب بحلول عام 2030.

في السياق، تمكن رجال الأعمال أغنى الفلاح في المغرب من تصدر قائمة أكبر مصدري التوت الأزرق نحو الإمارات العربية المتحدة، التي باتت من “أكبر” المستهلكين لهذه الفاكهة عبر العالم.

وأفادت منصة “إيست فروت”، أن “المغرب لم يصدر كميات كبيرة من التوت الأزرق نحو الإمارات العربية المتحدة في السابق، غير أنه في الآونة الأخيرة، وبفعل بحثه المستمر عن أسواق جديدة غير أوروبا، نجح في تصدر قائمة الموردين لهذه الفاكهة إلى السوق الإماراتية في ظرف قياسي”.

وأبرزت المنصة، أن “المغرب شحن في شهر ماي من سنتي 2020 و2021 فقط 211 طنا من التوت الأزرق إلى الإمارات، قبل أن تزيد الكمية بشكل قياسي في ماي من العامين الجاري والمنصرم لتصل إلى 982 طنا”.

وأضاف المصدر ذاته، أن “قيمة الصادرات المغربية الحالية من التوت الأزرق الموجه إلى الإمارات العربية المتحدة بلغت قيمتها الإجمالية 6,3 ملايين دولار”.

“وتابعت إيست فروت”: “لسنوات كانت هولندا والولايات المتحدة الأمريكية ثم إسبانيا من الموردين الأساسيين للتوت الأزرق بالنسبة للإمارات، قبل أن تأتي جنوب إفريقيا وتتصدر القائمة لوقت طويل، مشكلة بذلك ثلث إجمالي الواردات”.

وزادت المنصة بأن “السنة الحالية شكلت ارتفاعا ملحوظا من الصادرات المغربية من التوت الأزرق نحو الإمارات، بعدما كانت تمثل فقط نسبة 2,6 في المائة سابقا من إجمالي واردات أبوظبي، قبل أن تصل إلى 36 في المائة سنة 2022، ثم 80 في المائة في فبراير من السنة الجارية”.

شركة “أفريقيا غاز” تحقق أرباح تتجاوز 4 مليار درهم على حساب جيوب المغاربة المحترقة أساسا بارتفاع صاروخي للأسعار

وعلى عكس ما يتم توقعه من وجود تنافس بين المغرب وجنوب إفريقيا حول صادرات التوت الأزرق إلى الإمارات، فإن البلدين في الواقع لا يتنافسان إطلاقا، تقول المنصة ذاتها، موضحة أن تزعم المغرب قائمة الموردين يفسر بكونه يصدر التوت الأزرق إلى الإمارات في الفترة بين يناير ويونيو، في وقت يتم اللجوء فيه إلى جنوب إفريقيا في الفترة بين يوليوز وديسمبر، ما يجعل الإمدادات متوفرة على طول العام لدى المستهلكين الإماراتيين.

ووفق ” إيست فروت”، فإن “صادرات التوت جعلت المغرب من أكبر المصدرين عبر العالم، محتلا بذلك المرتبة السابعة عالميا سنة 2022 الرابعة في صنف التوت المزروع، متجاوزا الولايات المتحدة الأمريكية”.

انخفاض الأصول الاحتياطية للمغرب إلى 37 مليار دولار تكفي لاستيراد ما يلزم لـ 5 أشهر

و”وصلت عائدات التوت المغربي إلى 315 مليون دولار بين سنتي 2022 و2023، في وقت ما تزال فيه الطماطم أهم الصادرات المغربية من الخضروات والفواكه، فضلا عن أن السوق الأوروبية أولى وجهات هاته الصادرات، غير أن التوجه الحالي لدى المزارعين المغاربة هو البحث عن أسواق جديدة ووقف الاعتماد على القارة العجوز”، تورد “إيست فروت”.

وشهد المغرب عجزا في هطول الأمطار خلال الفترة ما بين أعوام 2018-2022، نتج عنه انخفاض قوي في تدفقات المياه إلى السدود.

وبلغ العجز المائي 85% تقريبا في موسم 2021-2022، إذ بلغ مخزون المياه الصالحة للري 900 مليون متر مكعب عام 2022 مقارنة بمتوسط 3.4 مليارات متر مكعب بين أعوام 2009-2017، في حين بلغ العجز في المياه الجوفية مستوى حادا، إذ انخفضت بما بين 3 و6 أمتار.

في الوقت ذاته، تتعالى الأصوات التي تحذر من المشكلات البيئية الناجمة عموماً عن نقص المياه، وسط اتهامات بتراجع المخططات الاستراتيجية التي كان لزاماً عليها ملاءمة المحاصيل الزراعية لتتناسب مع التغيرات المناخية وتحدّ من هدر المياه.

خلال 70 عاما، شهدت المملكة 20 موسم جفاف، إلى جانب الارتفاع المتزايد لدرجات الحرارة بسبب التغيرات المناخية، ورغم أن الجفاف ليس ظاهرة طبيعية جديدة على المغرب، فإن النمو السكاني جعل تأثيره أخطر وأكبر، حسب ما أوضح عبد الحكيم الفلالي أستاذ علم المناخ والبحث في قضايا البيئة والماء.

وأضاف الفلالي -في تصريحات إعلامية- أن 40% من المياه الصالحة للزراعة تتعرض للهدر بفعل تقادم قنوات الري والتسرب الجوفي.

من جهتها، ترى البرلمانية نعيمة الفتحاوي، عضو مجموعة العمل الموضوعاتية المكلفة بتقييم السياسة المائية بمجلس النواب، أن غياب إستراتيجية حاكمة للنشاط البشري، خاصة في مجال الزراعة، أدى إلى تفاقم الأزمة، إذ إن عديدا من الجمعيات البيئية تحمّل المسؤولية لمزارعي محاصيل مثل البطيخ الأحمر والأفوكادو، بالنظر لكون هذه الزراعات تستهلك كل عام أزيد من 15 مليون متر مكعب وتسببت في استنزاف المياه الجوفية.

في الآن ذاته، يؤكد الخبراء أن غياب الاستراتيجية الحاكمة للنشاط البشري في مجال الزراعة تحديداً قد أدى إلى تفاقم الأزمة، إذ يستهلك هذا القطاع وحده ما يزيد على 80%من موارد البلاد المائية، خاصة الأراضي التي تم تخصيصها لزراعة محاصيل مثل البطيخ الأحمر، والتي تبلغ نحو 20 ألف هكتار، وتستهلك كل عام أزيد من 15 مليون متر مكعب من المياه الجوفية، وتُحمّلها بعض الجمعيات البيئية المسؤولية الجزئية عن الأزمة.

كذلك فإن محدودية سعة السدود في المغرب قد أدّت إلى انخفاض معدلات تخزين المياه الناجمة عن الأمطار، ما أدى إلى إهدارها.

لدى المغرب حاليا 150 سدا كبيرا بطاقة تخزينية تصل إلى 19.1 مليار متر مكعب، مقابل 17 سدا لا تزال في طور الإنجاز، إضافة إلى 137 سدا متوسطا و129 سدا صغيرا.

وبلغ مخزون السدود يوم 11 مايو/أيار الماضي 5214 مليون متر مكعب، بمعدل ملء قدره 32% مقابل 34% خلال الفترة نفسها من العام الماضي.

وأطلقت وزارة التجهيز والماء مشروعا للربط بين السدود بهدف تحويل الفائض من سد إلى آخر.

ومن المفترض أن يتم خلال الصيف القادم الانتهاء من الربط بين الحوض المائي لسبو وحوض أبي رقراق وحوض أم الربيع، وذلك بهدف تفادي هدر ما بين 500 إلى 800 مليون متر مكعب من المياه تصب في البحر من دون الاستفادة منها، والعمل على استثمارها في المناطق الأكثر حاجة إلى ماء الشرب أو الزراعة.

وقد تراجعت حصة الفرد من المياه في المملكة المغربية من نحو 2600 م³ في ستينيات القرن الماضي إلى قرابة 606 م³ اليوم، وهو المستوى القريب من معدل شحّ المياه المحدّد بـ500 م³ للفرد، وإن كان الأمر لا يمكن تفسيره فقط بنقص الموارد المائية، بل يرجع أيضاً إلى زيادة عدد السكان.

تعد الموارد المائية من القضايا ذات الأولوية في البلاد وتحظى باهتمام أعلى سلطة في البلاد، إذ خصص ملك المغرب محمد السادس حيزا مهما في خطبه في عديد من المناسبات حول هذا الموضوع، وعقد جلسات مع الحكومة لمتابعة تقدم المشاريع وتنفيذها.

وبالنظر إلى الوضع المناخي والمائي، الذي أثر هذا العام بشكل سلبي على سير الموسم الزراعي تم تخصيص مبلغ 143 مليار درهم (الدولار يعادل نحو 10 دراهم) ميزانية مخصصة لبرنامج مكافحة آثار الجفاف.