أظهر تقرير ممارسة أنشطة الأعمال لعام 2020 الذي استند على معايير تسهيلات الاستثمارات تقدم المغرب ليحتل المركز الـ53 ضمن أكثر الوجهات الاستثمارية جاذبية، وفي حين كان ذلك مؤشرا إيجابيا إلا أنه يغذي التحديات حسب خبراء لدخول البلد لقائمة أفضل 50 اقتصادا في العالم.
وأبطأت التبعات الاقتصادية لتفشي جائحة كورونا خطوات المغرب نحو تحسين بيئة الأعمال والدخول في قائمة أفضل 50 اقتصادا حول العالم في مجال ممارسة الأعمال.
وركزت الحكومة المغربية منذ عام 2010 على تحسين الاستثمار، حيث شكلت اللجنة الوطنية لمناخ الأعمال في البلاد، التي تتبع رئاسة الحكومة وتختص باقتراح الإجراءات التي من شأنها تحسين المناخ والإطار القانوني للأعمال.
وتقدم المغرب بسبع مراتب في تقرير ممارسة الأعمال لعام 2020 مقارنة مع تقرير 2019، ليحتل المرتبة 53 من بين 190 بلداً عبر العالم. وكان المغرب قد حصل عام 2010 على ترتيب 114 من أصل 183 اقتصادا في ذلك الوقت في تقرير ممارسة أنشطة الأعمال الصادر عن البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية.
ويأتي الاقتصاد المغربي “أولًا” في شمال أفريقيا، و”ثالثاً” في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلف كل من الإمارات في المرتبة الـ16 عالمياً والبحرين في المرتبة الـ43.
ويراهن المغرب على التقدم في تقرير العام 2021 ليدخل في قائمة أفضل 50 اقتصادا في العالم.
وفي ديسمبر الماضي قال البنك الدولي في دراسة أنجزها بالشراكة مع اللجنة المغربية لمناخ الأعمال إن “الإصلاحات المغربية لتحسين مناخ الأعمال تتعثُّر جراء تفشِّي كورونا”.
ويقدم “تقرير ممارسة أنشطة الأعمال”، وهو تقرير سنوي يصدر عن وحدة أنشطة الأعمال في البنك الدولي، أداء 190 اقتصادا في سهولة تنفيذ الأعمال.
ويعتمد التقرير في ترتيب الدول على 10 معايير، وهي بدء النشاط التجاري، واستخراج تراخيص البناء، والحصول على الكهرباء، وتسجيل الملكية، والحصول على الائتمان.
كما تتألف المعايير العشرة من حماية مستثمري الأقلية، ودفع الضرائب، والتجارة عبر الحدود، وإنفاذ العقود، وتسوية حالات الإعسار والتعثر.
وكان من المقرر أن يعلن عن إطلاق تقرير ممارسة أنشطة الأعمال 2021 بنهاية أكتوبر، إلا أن صعوبة دراسة الاقتصادات خلال جائحة كورونا أجلت إصدار التقرير إلى وقت لاحق من العام الجاري لم يحدد بعد.
وقال الخبير الاقتصادي والباحث في السياسات التنموية نوفل الناصري إن “المغرب حقق مكتسبات كبيرة في مجال تحسين مناخ الأعمال بفضل العمل الجماعي بين مختلف الأطراف”.
وأوضح الناصري في تصريحات صحافية أن الحكومة المغربية اعتمدت مجموعة من التدابير والإصلاحات المهمة لفائدة القطاع الخاص والشركات، والتي تشكل جزءا من برنامج عمل اللجنة الوطنية لمناخ الأعمال.
وأشار إلى أن “اللجنة الوطنية لمناخ الأعمال تعمل على تنفيذ الإصلاحات المبرمجة، بما فيها مواصلة تحديث النصوص القانونية المتعلقة بحوكمة الشركات، وتشريع مرتبط بشركات المساهمة والشركات ذات المسؤولية المحدودة”.
وتوقع إصدار نصوص تنظيمية تتيح العمل بالوسائل الإلكترونية الحديثة “لما توفره من إمكانية نشر الأحكام القانونية والقضائية والتقاضي عن بعد، بما يضمن النجاعة والسرعة المطلوبة خاصة بالنسبة إلى مجال المال والأعمال”.
وزاد “يفترض أيضا إقرار إصلاحات لتسهيل الوصول إلى التمويل، خاصة بالنسبة إلى الشركات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، بما يساهم في تحسين ترتيب المغرب في مؤشر الحصول على التمويل”.
وخلال فبراير الماضي قال رئيس الحكومة المغربية سعدالدين العثماني إن دخول بلاده إلى قائمة أفضل 50 اقتصادا في العالم بات قريبا.
وخلال جلسة مساءلة بمجلس النواب قال العثماني “حددت الحكومة هدف دخول الاقتصادات الخمسين الأولى عالميا في تقرير ممارسة الأعمال لسنة 2021 الذي يصدره البنك الدولي”.
وأضاف “بلادنا تقترب من هذا الهدف بكل ثقة وثبات بفضل العمل الدؤوب والإصلاحات المتتالية، وهي إصلاحات ثبتت أهميتها في ظل الأزمة الحالية وتداعياتها”.
أما أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس عمر الكتاني فأقر أن “بلاده حققت تقدما من الناحية الاقتصادية”، لكنه اعتبر أن هذا التقدم “لم ينعكس على الجانب الاجتماعي”.
وقال الكتاني “الاقتصاد يقاس مع الأسف في المعايير الدولية بالمردود الاقتصادي والاستثماري، لكن المردودية الاجتماعية لا تؤخذ بعين الاعتبار”.
وتابع “تحسن المؤشرات الاقتصادية لا يجادل فيه أحد، بينما المؤشرات الاجتماعية لها أهميتها بالنسبة إلى المجتمعات النامية”.
وبحسب وثائق الموازنة لعام 2021 تعتزم الحكومة تطبيق إصلاح شامل للمراكز الجهوية للاستثمار، وهي مراكز حكومية أُنشئت في الأقاليم المغربية الـ12 هدفها مواكبة المستثمرين ومساعدتهم في إقامة مشاريعهم.
وخلال العام الجاري تسعى الحكومة إلى تفعيل صندوق محمد السادس للاستثمار الذي أدرج ضمن الموازنة العامة، ومهمته النهوض بالاستثمار ودعم القطاعات الإنتاجية وتمويل ومواكبة المشاريع الكبرى.
ورصدت الحكومة المغربية 15 مليار درهم (1.6 مليار دولار) للصندوق (تم إطلاقه نهاية يوليو الماضي لدعم الاقتصاد جراء تداعيات كورونا) من ميزانية الدولة، بهدف تحفيز الشركاء المغاربة والدوليين.