سجل المغرب ارتفاعا ملحوظا في الطلب على الفوسفات، في ظل اضطراب التموين بالمواد الغذائية والطاقية في العالم، وبسبب العقوبات المفروضة على روسيا، وتعليق أوكرانيا لصادراتها، اختار عدد من الدول التوجه نحو موردين آخرين، من بينهم المغرب، من أجل الحصول على كميات مهمة من الأسمدة.
استمرت النتائج القياسية التي سجلها المكتب الشريف للفوسفاط، حيث بلغ رقم معاملاته 25.33 مليار درهم في الربع الأول من عام 2022، بزيادة قدرها 77٪ مقارنة مع 14.2 مليار درهم التي حققا في العام السابق.
وأوضح المكتب في بلاغ له، أن هذه النتائج تعزى إلى ارتفاع أسعار البيع في جميع فئات المنتجات مدفوعة بظروف السوق، إلى جانب الصراع الروسي الأوكراني الذي أثر على توازن العرض و الطلب في سوق الفوسفاط، وأدى إلى ارتفاع الأسعار، وكذلك الزيادة في تكلفة المواد الخام خاصة الأمونيا والكبريت.
وارتفعت مبيعات المكتب بنسبة 77٪ لتصل إلى 25.328 مليار درهم بنهاية الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2022 ، مقابل 14.288 مليار درهم في العام السابق،و كان هذا الأداء مدفوعًا بارتفاع أسعار البيع عبر جميع فئات المنتجات، والتي عوضت عن انخفاض حجم المبيعات.
واستقر هامش الربح الإجمالي للمكتب عند عند 15.88 مليار درهم مقارنة بـ 9.26 مليار درهم قبل عام، و وسجلت الأرباح قبل خصم الفوائد والضرائب والاستهلاك نموًا بنسبة 117٪ على أساس سنوي، لتصل إلى 11.6 مليار درهم مقابل 5.3 مليار درهم في السنة الفارطة.
وأكد المكتب أن الزيادة في رقم المعاملات والكفاءة التشغيل للمجموعة، ساهما في تحقيق هامش قياسي في الأرباح قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك بنسبة 46٪ ، مقارنة بـ 37٪ في الربع الأول من عام 2021.
وبلغت النفقات الاستثمارية للمكتب 2.98 مليار درهم في الربع الأول من عام 2022 ، مقابل 1.75 مليار درهم خلال نفس الفترة من عام 2021.
وتوقع المكتب أن يستمر الارتفاع في الأسعار طوال هذه السنة مدعومًا بظروف السوق القوية، خاصة مع الطلب العالمي القوي، وضعف العرض، وارتفاع أسعار السلع الأساسية، مؤكدا أنه يخطط لزيادة حجم إنتاجه في عام 2022 من أجل تلبية الطلب في الأسواق ذات النمو المرتفع، وسيواصل تعزيز مكانته كشركة رائدة على مستوى العالم.
ويختزن باطن الأراضي المغربية حوالي 70 في المائة من المخزون العالمي من الفوسفات الخام، حيث ينظر إلى المملكة باعتبارها فاعلا رئيسيا في السياسة الغذائية عبر العالم، خاصة بالنظر للأسمدة التي يسعى إلى توفيرها بما يتوافق مع نوعية التربة. ويذهب الاقتصادي المغربي، علي بوطيبة، إلى أنه بغض النظر عن الطلب والأسعار التي تسعف الرائد المغربي في السوق الدولية المجمع الشريف للفوسفات، فإن استراتيجيته القائمة على تثمين الفوسفات عبر التحويل إلى أسمدة تساهم في الأعوام الأخيرة في دعم صادراته نحو الأسواق الآسيوية والأميركية والأفريقية.
وبحسب الخبراء، فإن هذا الارتفاع في الطلب على “الذهب الأبيض” المغربي، بدأ منذ بداية سنة 2021، وهو ما كان له وقع إيجابي على أرباح مجموعة المكتب الشريف للفوسفات، الرائدة دوليا في سوق الأسمدة، فقد عرف رقم معاملاتها نموا بـ50 في المائة برسم سنة 2021 ببلوغه 84,3 مليارات درهم مقابل 56 مليار درهم سنة 2020.
قال إدريس الفينا، أستاذ الاقتصاد بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي، إن تهافت دول العالم على الفوسفات المغربي راجع بالأساس إلى وعيها بأهمية تطوير الفلاحة، لا سيما في ظل الحرب في أوكرانيا، وما ترتب عنها من غلاء في المواد الغذائية والطاقية في العالم.
وأكد الخبير الاقتصادي في تصريح لـ”سكاي نيوز عربية” أن المكتب الشريف للفوسفات حقق أرباحا قياسية سنة 2021، بفضل سعي عدد من الدول الكبرى إلى تعزيز قدراتها الفلاحية، لا سيما بعد جائحة كورونا، وذلك بالنظر إلى تنامي المخاوف من تراجع الموارد الغذائية واضطراب التموين على مستوى العالم”.
وأكد الفينا أن “التوتر بين روسيا وأوكرانيا، دفع عددا من الدول التي تعتمد على الفلاحة إلى تعزيز استثمارها في المجال، من أجل تفادي أي خصاص في المنتجات الفلاحية في حال اندلاع حرب ما، وهو ما وقع. وهذا ما يبرر زيادة الطلب على الأسمدة المغربية، بحيث تتوفر المملكة على أكبر احتياطي من الفوسفات في العالم”.
توقع إدريس الفينا في معرض حديثه لـ”سكاي نيوز عربية” أن يرتفع الطلب على الفوسفات، “في ظل ما يعيشه العالم حاليا”.
وأورد أن المغرب سيستفيد خلال السنة الجارية، على غرار سابقتها، من هذا الاهتمام المتزايد بالفلاحة، وبالتالي بالأسمدة.
في هذا السياق، كشف المكتب الشريف للفوسفات أنه يتوقع زيادة إنتاجه من الأسمدة بنسبة 10 في المائة هذا العام لتلبية الطلب العالمي المتزايد، على الرغم من نقص مادة الأمونيا التي يستوردها من روسيا.
وقالت ندى المجدوب، نائبة الرئيس التنفيذي لإدارة الأداء في المكتب الشريف للفوسفاط، في تصريح لوكالة “رويترز“، إن المكتب يهدف إلى زيادة الإنتاج إلى 11.9 مليون طن في عام 2022، مقارنة ب 10.8 مليون طن العام الماضي وإضافة 3 ملايين طن أخرى من الطاقة الإنتاجية السنوية في عام 2023.
وأشارت إلى أن المكتب سيرفع من إنتاجه بالنظر للطلب المتزايد على منتجاته في عام 2022، خاصة من الهند والأمريكتين والقارة الإفريقية.
ويُذكر أن المغرب قوة عالمية في تكرير وتصدير الفوسفاط، بحيث يستحوذ على 70% من موجوداته في العالم بمخزون يقدر بـ50 مليار طن، بحسب هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية.
ويراهن العملاق المغربي في استراتيجيته على تحويل المعدن الخام إلى أسمدة، بما يساعد على تحصيل إيرادات مهمة، فقد انتقلت إيرادات تجارة الأسمدة في الأعوام الخمسة الأخيرة من 1.8 مليار دولار إلى أكثر من 3 مليارات دولار. وبلغت استثمارات المجمع حوالي 750 مليون دولار في سبتمبر/ أيلول الماضي، حيث تندرج ضمن الخطة الاستثمارات الثانية التي سيعبئ لها 11 مليار دولار، بعدما نفذ خطة أولى في حدود 8.2 مليارات دولار.