المغرب في حاجة لأكثر من 10 مليار دولار لإعادة إعمار المناطق المنكوبة جراء الزلزال الذي ضرب البلاد يوم الجمعة الماضي، وقدّر عدد المباني المتضررة بنحو 50 ألف مسكن انهارت كليا أو جزئيا.
كشفت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كرستالينا جيورجيفا، أن الصندوق توصل مع المغرب إلى اتفاق، على مستوى فريق من الخبراء، يقضي بحصول المملكة المغربية على قرض بقيمة 1,3 مليارات دولار، في أعقاب الزلزال الحوز.
وقالت جيورجيفا في مقابلة مع وكالة “رويترز” للأنباء، إن “فِرَق الصندوق وخبراءه توصلوا إلى اتفاق قرض بقيمة 1,3 مليارات دولار مع السلطات المغربية، لتعزيز قدرة البلاد على مواجهة الكوارث المتعلقة بالمناخ وتغيراته”، مشيرة إلى أنه سيتم صرفه “من خلال صندوق جديد للصمود والاستدامة” (Fund’s new Resilience and Sustainability Trust).
وأكدت المسؤولة في المؤسسة المالية الدولية، أن “هذا القرض بقيمة 1,3 مليارات دولار يحتاج إلى موافقة المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي؛ لكن من المرجّح أن يتم النظر في ذلك في مجلس الإدارة، في غضون أسبوعين تقريبا”، أي قبل بدء الاجتماعات السنوية المرتقب أن تحتضنها مدينة مراكش.
و تابعت شارحة، وفق ما نقلته رويترز، أن “القرض لن يكون مرتبطا بشكل مباشر بكارثة الزلزال”، مفيدة بأنه “سيهدف إلى بناء القدرة لدى المغرب على مواجهة الصدمات المناخية، بما في ذلك الجفاف، والمساعدة في بناء القدرات المالية الإجمالية للبلاد”.
يشار إلى المغرب يتوفر أيضا على إمكانية الوصول إلى “خط ائتماني مَرن” بقيمة 5 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، تمت الموافقة عليه شهر أبريل 2023، بهدف “تعزيز قدرات البلدان على توقع واستباق ومواجهة الأزمات”.
وما فتئت المملكة المغربية تنال إشادة الصندوق بعدما وافق على خط ائتمان مرن بقيمة 5 مليارات دولار لاستعماله كخط احترازي لمواجهة أي صدمة قد يأتي بها المستقبل القريب؛ وذلك بعدما كانت قد لجأت الرباط إلى استعمال خط الوقاية والسيولة في عام 2020 بقيمة 3 مليارات دولار ساعدته على مواجهة صدمة جائحة كورونا.
في سياق متصل، أكدت المديرة العامة لصندوق النقد إن “الصندوق والبنك الدولي سيقرران ويحسمان يوم الاثنين ما إذا كانا سيعقدان الاجتماعات السنوية بالمغرب في شهر أكتوبر المقبل”، داعية إلى ترقّب قرار في هذا الصدد.
وبحسب بيان من الديون الملكي، الخميس، فإن نحو 50 ألف مسكن انهارت كليا أو جزئيا في الأقاليم الخمسة المتضررة من الزلزال، الذي يعد الأكثر فداحة من حيث عدد القتلى في الدولة الواقعة في شمال إفريقيا منذ عام 1960 والأقوى منذ أكثر من قرن.
ولم يعلن بعد رسميا عن مجموع الأسر التي خسرت بيوتها بسبب الكارثة، التي خلفت نحو 3 آلاف قتيل على الأقل. فيما أعلن الديون الملكي عن برنامج لإعادة إيواء الأسر المتضررة، ومساعدات مالية للضحايا.
تشير تقديرات هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، إلى أن الخسائر الاقتصادية للمغرب جراء الزلزال، قد تصل إلى 8 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، مرجحا أن تتراوح الخسائر بين مليار و10 مليارات دولار، خاصة أن الزلزال ضرب البلاد قبل أسابيع من ذروة الموسم السياحي، بحسب نفس المصدر.
من جانبه، رجح أستاذ اقتصاد التنمية المغربي، الدكتور عمر الكتاني، أن إعادة إعمار ما تهدم وتخرب بفعل قوة الزلزال قد تمتد إلى خمس سنوات متواصلة، وقد تتكلف قرابة 15 مليار دولار، وهو ما يستنزف بحسبه القيمة المضافة في الإنتاج الوطني.
وتعمل الحكومة المغربية على التواصل بشكل سريع مع منظمي الرحلات السياحية وشركات الطيران، من أجل الحفاظ على تدفق السياح، للحد من الأضرار التي قد تصيب القطاع الحيوي المهم الذي يسهم بنحو 7 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
السياحة التي تعتبر مصدرا مهما للعملة الصعبة في البلاد، حققت انتعاشة قوية في النصف الأول من العام الجاري، حيث وصلت إيراداتها إلى نحو 47.8 مليار درهم (4.8 مليار دولار) بزيادة 69 بالمئة عن النصف الأول من العام الماضي، و43 بالمئة عن النصف الأول من عام ما قبل الجائحة، وذلك بعد الارتفاع الملحوظ في عدد السياح الوافدين إلى المملكة البالغ عددهم 6.5 مليون سائح في نهاية يونيو، وهو مستوى تجاوز حتى سنوات قبل الجائحة، بحسب بيانات وزارة السياحة المغربية. وكان من المتوقع أن يصل الرقم إلى 14 مليونا في نهاية العام الجاري.
وتشير تقديرات الخبراء إلى أن الاقتصاد المغربي الذي يصل حجمه إلى حوالي 135 مليار دولار، سيتأثر سلبا بتداعيات الزلزال، خاصة من ناحية قطاع السياحة، بعد تلف بعض المعالم السياحية، وتضرر البنية التحتية مثل الطرق والجسور، خاصة في مدينة مراكش القديمة، والذي سيؤدي بدوره إلى فقدان بعض الوظائف المرتبطة بالقطاع السياحي.
كما أن الزلزال جاء قبل أقل من شهر على استقبال عاصمة البلاد السياحية، آلاف المشاركين في الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين، التي تستضيفها مراكش الشهر المقبل.
وأكد عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، الخميس، أن بلاده سوف تستضيف الاجتماعات، في موعدها، في واحد من أول التعليقات الحكومية الرسمية على الأمر.
وكان هناك ترقب واسع لهذه الاجتماعات المالية، التي تعتبر الأهم عالميا، من أجل تسليط الضوء على قدرات المغرب وسياساته الاقتصادية، إلى جانب فوائدها السياحية الكبيرة التي تقدر بعشرات الملايين من الدولارات.
كانت مؤسسات عدة، من بينها بنك المغرب وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، قد خفضت توقعاتها للنمو الاقتصادي العام الجاري إلى حوالي 3 بالمئة، وربطت ذلك بتأثير الجفاف على الفلاحة (قطاع الزراعة) والتضخم على الاستهلاك، ويُتوقع حالياً أن تضيف تداعيات الزلزال مزيداً من التحديات الإضافية على اقتصاد البلاد.
وكان الاقتصاد المغربي تباطأ خلال العام الماضي، إلى 1.3 بالمئة، بعد أن حقق نموا بنسبة 8 بالمئة في العام السابق، نتيجة تراجع النشاط الزراعي بسبب موجة جفاف كانت الأقوى منذ 40 عاما، وموجة تضخمية قوية.
وفي ظل استمرار تأثير موجة الجفاف، فإن الحكومة المغربية تتوقع نموا بنسبة 3.3 بالمئة في العام الجاري، وهو ما يقل عن التقديرات الأولية في ميزانية 2023، البالغة 4 بالمئة.
كما أن بنك المغرب خفض توقعاته للنمو في العام الجاري إلى 2.4 بالمئة، يتوقع بنك المغرب أن ينمو اقتصاد البلاد خلال العام الجاري، بنحو 2.4 بالمئة، بحسب تقديراته التي أعلنها في يونيو الماضي، وذلك مقابل 2.6 بالمئة كان يتوقعها في مارس، كما أنه خفض توقعاته للنمو في العام المقبل إلى 3.3 بالمئة، مقابل 3.5 بالمئة في توقعاته السابقة.
وبحسب تقديرات سابقة لمجموعة البنك الدولي، فمن المتوقع أن يبلغ النمو الاقتصادي في المغرب 2.5 بالمئة في 2023، ثم 3.3 بالمئة في 2024 و3.5 بالمئة في 2025.