الرباط – أعلنت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، أن المملكة المغربية الشريفة قررّت قطع علاقاتها المؤسساتية مع ألمانيا.
وورد في الرسالة، الموقعة اليوم الإثنين من طرف الوزير ناصر بوريطة، أن هذا القرار راجع إلى “خلافات عميقة تهم قضايا المغرب المصيرية بين الرباط وبرلين، مما استدعى قطع العلاقات التي تجمع القطاعات الحكومية والإدارات العمومية مع نظيرتها الألمانية، وكذا جميع العلاقات مع مؤسسات التعاون وجمعيات السياسية الألمانية”.
وبحسب المراسلة أيضا، فقد تقرر قطع العلاقات الخارجية مع سفارة ألمانيا في الرباط، وجميع الاتصالات بين الجانبين
في 11 أبريل/نيسان 2007 طرح المغرب بقرار من الملك المفدى محمد السادس، مبادرة الحكم الذاتي التي من شأنها أن تعطي لإقليم الصحراء صلاحيات تسييرية ذاتية موسعة في العديد من المجالات الخدمية والتنموية وغيرها مع البقاء تحت السيادة المغربية، وهي مبادرة رفضتها جبهة البوليساريو والجزائر رفضًا باتًّا؛ لذلك انتهج المغرب استراتيجية جديدة، تجمع إلى جانب توظيف الملف الدبلوماسي لتحقيق مكاسب إعلامية وسياسية توظيفَ الملف الاقتصادي والانخراط في شبكات تجارية تربط بين أوروبا وإفريقيا الغربية عبر منطقة الصحراء؛ مما يجعل هذا الإقليم في قلب خريطة التموين والحركة التبادلية بين المغرب وإفريقيا الغربية، بل وبين أوروبا وإفريقيا. ولعل رؤية المغرب تقوم على أن تفعيل “دبلوماسية القنصليات” بمدن الصحراء، وتنشيط شبكات التبادل التجاري الإقليمية عبر مسالك الصحراء وطرقها من شأنه تأكيد التجاوب مع مبادرة الحكم الذاتي، وإكساب المبادرة أبعادًا أخرى بعد رفض البوليساريو والجزائر لها .
وبخصوص “دبلوماسية القنصليات”، كان نجاح المغرب الأول في إفريقيا حيث فتحت خمس عشرة دولة قنصليات لها في الصحراء، وهي من كل مناطق القارة الإفريقية (6 دول من غرب القارة، و5 من وسطها، و3 دول من جنوب القارة، ودولة من شرق إفريقيا)، وقد تزامن هذا التوجه مع انضمام الرباط إلى الاتحاد الإفريقي، في 18 يوليو/تموز 2016؛ حيث وجَّه الملك محمد السادس رسالة إلى القمة السابعة والعشرين للاتحاد الإفريقي التي انعقدت في العاصمة الرواندية، كيغالي، أعلن فيها عزم المغرب على العودة إلى كنف المؤسسة الإفريقية التي انسحب منها (منظمة الوحدة الإفريقية سابقًا)، في 12 نوفمبر/تشرين الثاني 1984، في أديس أبابا. وقد عزز المغرب تحركه ذلك بما يسميه الإعلام المغربي: سياسة التطويق والعزل الدبلوماسي لجبهة البوليساريو سواء داخل القارة الإفريقية أو خارجها عبر سحب الاعتراف بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية التي أعلنت جبهة البوليساريو عن قيامها عام 1976. وقد وصل عدد الدول التي سحبت اعترافها بالجمهورية الصحراوية أكثر من 50 دولة، بينما كان عدد الدول التي تعترف بالجمهورية قد تجاوز في نهاية سبعينات وثمانينات القرن الماضي 80 دولة.
وتكريسًا لسياسة التوجه نحو إفريقيا، طلبت الرباط الانضمام للمنظمة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “الإيكواس”، فضلًا عن مضاعفتها المبادلات التجارية مع دول غرب إفريقيا عبر معبر الكركرات خلال السنوات الماضية.
ومع نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2020، دخلت الدول العربية على الخط؛ حيث دشنت الإمارات العربية المتحدة قنصلية لها في مدينة العيون، ويبدو أن الأردن في طريقه إلى أن يكون ثاني دولة عربية تنتظم في هذا المسار.
وهذا ما يؤكد أن المغرب يعمل في عدة دوائر ويسعى إلى توجه جديد نحو إقناع دول العالم العربي بالانخراط في “دبلوماسية القنصليات” بعد توجهه الإفريقي في هذا السبيل. ولعل المغربَ قد يتابع في هذا المسار جاذبًا دولًا آسيوية أو أخرى من أميركا الجنوبية.
ومن الواضح أن الرباط تسعى من وراء هذا النهج الدبلوماسي والتجاري إلى إقرار سيادتها على الصحراء من خلال: تعزيز التحالفات مع دول المنطقة وكسب الدعم الدولي، فضلًا عن تعزيز طرح المغرب بخصوص الحكم الذاتي، إلى جانب فرض سياسة الأمر الواقع بشأن سيادة المغرب على الصحراء، وأخيرًا خلق واقع سياسي وقانوني دولي جديد يؤمِّن سيادة المغرب على الصحراء.
وأربك فتح العديد من الدول الإفريقية والعربية والغربية ممثليات دبلوماسية لها في الصحراء، الجبهة الانفصالية التي انحسرت خياراتها في مواجهة الاعترافات الدولية والإقليمية المتتالية بمغربية الصحراء.
وشكل الاعتراف الأميركي ضربة قاصمة للانفصاليين ودفعهم إلى البحث عن بديل للتصعيد، فيما تحاول البوليساريو التكتم على حالة الإرباك والوهن الذي باتت تعيشه مخافة أن يثير ذلك انشقاقات وانقسامات في صفوفها وفي صفوف من تحتجزهم في مخيمات تندوف تحت حراب وتمنيهم باستقلال وهمي للصحراء.
وكان الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب قد أعلن أن إقليم الصحراء جزء من المملكة المغربية وأن اقتراح المغرب بشأن الحكم الذاتي تحت سيادته هو “الأساس الوحيد لحل عادل ودائم للنزاع على إقليم الصحراء”.
ونشرت الأمم المتحدة بشكل رسمي نص الإعلان الأميركي وجاء فيه “الولايات المتحدة تؤكد كما أعلنت ذلك الإدارات السابقة دعمها للمقترح المغربي للحكم الذاتي باعتباره الأساس الوحيد لحل عادل ودائم للنزاع حول إقليم الصحراء”.