المغرب يغير معادلة السيطرة الجوية في الصحراء: خطوات أحادية تثير قلقًا دوليًا

0
96

دخلت قضية السيطرة المغربية على المجال الجوي للأقاليم الجنوبية مرحلة جديدة من التعقيد، بعدما بدأت الرباط في اتخاذ خطوات أحادية الجانب تتعلق بتوسيع نفوذها في الأجواء الصحراوية. هذه الإجراءات التي تمثل تغييرًا جوهريًا في موازين القوى في المنطقة، جاءت كما يصفها تقرير صحيفي “إل إندبندينتي” الإسبانية، بمثابة تحركات عسكرية تهدد استقرار العلاقات بين المغرب وإسبانيا وقد يكون لها تداعيات كبيرة على الساحة الإقليمية والدولية.

الخطوات المغربية: توسيع النفوذ أم استراتيجية عسكرية؟

من بين التفاصيل التي كشفها التقرير، تشير الصحيفة إلى أن ما بين 15% و20% من المجال الجوي للصحراء، الذي كان تحت إدارة جزر الكناري، أصبح الآن تحت السيطرة المغربية. شملت هذه التغييرات إجراءات كبيرة على بنية الطيران، مثل تغيير أسماء المطارات ورموزها، بالإضافة إلى إنشاء أربع مناطق حظر جوي لأغراض عسكرية.

التحركات التي وصفتها الصحيفة بأنها “أحادية الجانب” تندرج تحت مبررات عسكرية تتعلق بالتدريبات الرماية، وهو ما يطرح تساؤلًا مهمًا: هل هذه الخطوات تقتصر فقط على الأغراض العسكرية، أم أنها جزء من استراتيجية مغربية لتكريس سيادتها على المنطقة؟

هل تؤثر هذه الإجراءات على العلاقات بين المغرب وإسبانيا؟

يبدو أن التوترات بين المغرب وإسبانيا بدأت تأخذ منحى جديدًا مع هذه التحركات الجوية. السلطات في جزر الكناري أعربت عن قلقها المتزايد من أن هذه الإجراءات قد تؤثر سلبًا على التطور الاقتصادي للمنطقة، لا سيما في قطاع السياحة الذي يعد ركيزة أساسية في الاقتصاد المحلي. السيناتور الإسباني خافيير أرماس أشار إلى أن هذه التحركات قد تعني التخلي عن إدارة المجال الجوي للصحراء لصالح المغرب، وهو ما يعتبره تهديدًا للمصالح الإسبانية في المنطقة.

ورغم تأكيد الحكومة الإسبانية على وجود مفاوضات حول هذه القضية في مارس 2023، إلا أن الحكومة بقيت صامتة بشأن التفاصيل المتعلقة بهذه المفاوضات، مما أثار موجة من الانتقادات في الداخل الإسباني. العديد من الأطراف السياسية اعتبرت أنه يجب تقديم توضيحات رسمية بشأن الخطوط الجوية الجديدة التي تربط بين الداخلة ومدريد، مشيرين إلى أن أي تغيير في الوضع القائم يجب أن يتم بموافقة البرلمان الإسباني.

هل فعلاً سيتنازل الإسبان عن السيطرة الجوية للصحراء؟

في هذا السياق، ألقى النائب البرلماني الإسباني أرماس غونزاليز قنبلة سياسية جديدة، حين كشف عن وجود تحركات داخل وزارة النقل الإسبانية للتنازل عن خدمات الملاحة الجوية (ATS) في المجال الجوي للصحراء لصالح المغرب.

إذا تأكدت هذه المعلومات، فقد يعني ذلك بشكل عملي أن إسبانيا ستتنازل عن السيطرة على هذا المجال الجوي لصالح المغرب، وهو ما قد يُعتبر “تنازلاً من الباب الخلفي”، وهو ما يثير العديد من التساؤلات حول دوافع هذه الخطوة.

غونزاليز أضاف في سؤاله الكتابي إلى وزارة النقل الإسبانية أن التنازل عن خدمات الملاحة الجوية في الصحراء المغربية، إذا تم تأكيده، يتجاوز الأنماط المعتادة للتعاون الجوي بين الدول، حيث غالبًا ما يكون التعاون محصورًا في مناطق ضيقة وارتفاعات محدودة، كما هو الحال في التعاون بين إسبانيا وموريتانيا.

فهل هذا التغيير يمثل تحولًا جذريًا في سياسة النقل الجوي الإقليمي؟

أسئلة تبقى مفتوحة:

  • هل ستسمح المغرب لإسبانيا بمواصلة السيطرة على أي جزء من المجال الجوي للصحراء؟

  • ما هي تداعيات هذه الخطوات على الأمن الإقليمي؟ وهل يمكن أن تشهد المنطقة احتكاكات جوية بين المغرب وجزر الكناري؟

  • هل ستتفاعل الحكومة الإسبانية بشكل أكثر شفافية في الأيام القادمة، خصوصًا فيما يتعلق بالمفاوضات حول المجال الجوي؟

خاتمة:

تبقى قضية السيطرة على المجال الجوي للصحراء من أكثر القضايا السياسية حساسية وتعقيدًا. مع استمرار الضبابية حول نوايا الحكومة الإسبانية، فإن التساؤلات حول تأثير هذه التحركات على العلاقات المغربية الإسبانية تظل قائمة.

في النهاية، يبقى السؤال الأهم: هل سيؤدي هذا التغيير إلى تحولات جوهرية في سياسات النقل الجوي في المنطقة، وهل سيكون له تأثيرات عميقة على مستقبل العلاقات بين الجارين؟