في خطاب الملك التاريخي الموجه للأمة بمناسبة الذكرى الخامسة عشرة لتربعه على العرش، أكد صاحب الجلالة الملك المفدى محمد السادس حفظه الله على أنه: “سبق للبنك الدولي أن أنجز في 2005 و2010 دراستين لقياس الثروة الشاملة لحوالي 120 دولة، من بينها المغرب. وقد تم تصنيف بلادنا في المراتب الأولى على الصعيد الإفريقي، وبفارق كبير عن بعض دول المنطقة. غير أنني بعد الاطلاع على الأرقام والإحصائيات، التي تتضمنها هاتين الدراستين، والتي تبرز تطور ثروة المغرب، أتساءل باستغراب مع المغاربة: أين هي هذه الثروة وهل استفاد منها جميع المغاربة، أم أنها همت بعض الفئات فقط؟
الرباط – سجلت صادرات قطاع السيارات تطورا مهما بزائد 23.72 %، متم غشت الماضي، لتقفز قيمتها بـ23.72 مليار درهم، مقارنة مع الفترة ذاتها من 2022، إذ انتقلت قيمتها إلى 90.41 مليار درهم، لتقترب من سقف 10 ملايير دولار.
وعزت إحصائيات مكتب الصرف، بشأن المبادلات التجارية الخارجية لغشت 2023، هذا التطور إلى ارتفاع صادرات فرع هياكل السيارات بزائد 9.76 ملايير درهم، والأسلاك الكهربائية “الكابلاج” بزائد 8.28 ملايير درهم، وبدرجة أقل مدخلات المركبات والمقاعد بزائد 1.80 مليار درهم.
يوليو الماضي، أشار مزور إلى أن 86 بالمئة من إجمالي الصادرات المغربية هي مواد مصنَّعة، وتبلغ قيمة صادراتها نحو 370 مليار درهم (37.1 مليار دولار) سنويا.
وبلغت إيرادات المغرب من صادرات السيارات خلال العام 2022 نحو 111 مليار درهم (11.12 مليار دولار).
وتمثل إيرادات صادرات السيارات أكثر من 25 بالمئة من إجمالي إيرادات الصادرات المغربية.
يشار إلى أن السنة الماضية، عرفت تمركز قطاع صناعة السيارات ثاني أفضل قطاع مصدر في المغرب، بعد الفوسفاط ومشتقاته، فيما سجلت الصادرات طورا مهما بزائد 33 %، لتقفز قيمتها إلى 111.289 مليار درهم، بزيادة قيمتها 27.608 مليار درهم مقارنة مع 2021.
فحديث الملك عن الثروة وعن مآلاتها ومدى استفادة المغاربة منها، لم يأت محض الصدفة، فقد جاءت نتيجة لعدة تراكمات أهمها الفوارق الاجتماعية الواضحة التي أصبحت ظاهرة للعيان، من بينها التشغيل والبطالة وغياب العدالة الاجتماعية، أمور ساهمت بدون أدنى شك في ترسيخ وتعميق الفوارق الاجتماعية ما بين الطبقات والزيادة في حدتها، وأدت في نهاية المطاف إلى تكديس الثروات في يد الطبقة الغنية.
من وراء التسويق لاكتشافات الغاز “الوهمية”؟؟..شركة “SDX Energy” البريطانية تعلن عن اكتشاف غازي جديد بحوض الغرب
من يراقب ؟
فالمغرب يتوفر على موارد معدنية هامة، هو ثاني أكبر منتج للفوسفاط في العالم وأول مصدر له، ويتوفر على 75 % من الاحتياط العالمي. وتقدر نسبة اليورانيوم الممكن استخراجها من الفوسفاط المغربي ب 6 ملايين طنا سنويا. وهذا يعادل ضعف المخزون العالمي المكتشف حاليا.
كما يعتبر المغرب أكبر منتج للفضة، الرصاص والزنك في إفريقيا، ورابع اكبر منتج للباريوم في العالم. كما يضم المغرب مخزونا من الحديد، الباريت، الرصاص، التينجستين، المغنزيوم، الكوبالت، النحاس، الزنك، الفضة، الذهب، الإثمد، الفليور، القصدير، التيتانيوم، الطين الهدبية والفحم.
أما بالنسبة للصيد، فيعتبر أكبر سوق في إفريقيا، وهو أول منتج ومصدر للسمك في الدول العربية والإفريقية، وأول مصدر عالميا للسردين المعلب وثالث مصدر للأغار.
أما بالنسبة للفلاحة فأهم صادراته، فيعتبر أكبر مصدر الفاصوليا في العالم وثالث مصدر القرع ( اليقطين ) والكوسا عالميا، رابع أكبر مصدر المندرين والكلمينتين في العالم، خامس أكبر مصدر البرتقال، سابع أكبر مصدر الطماطم وثامن أكبر مصدر الفراولة عالميا.
أما الصناعة، فالمغرب يغطي 90 % من الطلب الداخلي للأدوية ويصدر أيضا إلى العديد من الدول الإفريقية والأروبية، ويوجد أكثر من 35 مختبر لصناعة الأدوية. ويعتبر المغرب من أول المصدرين للنسيج نحو الاتحاد الأروبي.
إذن …. أين تذهب أرباح هذه الثروات؟
أهي محسوبة على ميزانية الدولة التي تشتغل بها الحكومة ؟
أين تصرف هذه الأرباح ؟ كل هذه الأرباح تذهب لشركات خاصة، إذ أن المغرب يبيع حق الانتفاع ببره وبحره. وفي كل الأحوال ، فأرباح منتوجات أراضينا و أرباح معادننا تذهب لجيوب خاصة.
هل المكتب الشريف للفوسفاط ومناجم الذهب والفضة والثروات الأخرى وغيرها هل يجب أن يراقب عن طريق المحاسبين المحلفين مثل جميع الشركات الأخرى؟ وبما أنه شركة تمتلكها الدولة، فهل المراقبة أولى أن تكون عن طريق البرلمان بغرفتيه أو عبر المجلس الأعلى للحسابات؟ هل هناك مردودية مضبوطة لإنتاج وتصدير الفوسفاط المغربي؟
يجيب خبراء في الاقتصادية : “لا توجد هناك رؤية واضحة لوزارة المالية حول تدبير محفظة الشركات التي تمتلكها الدولة، على اعتبار أن هذه الوزارة هي المسؤولة عن التتبع عن طريق المديرية المكلفة بشركات الدولة والمؤسسات العمومية”.
ويرون : أن “اعتمادات هذه الشركات في غالب الأحيان لا تكون مرفوقة بمصدر تمويل، مما يؤدي إلى تفاقم الديون على مثل هذه الشركات، وبشكل غير مباشر على الدولة المغربية، وعندما تعجز المؤسسة عن أدائها للأبناك المحلية أو الأجنبية، يضطر المواطن المغربي إلى تأدية هذا الدين”.
مسألة المراقبة إذن مهمة، حسب خبراء الاقتصاد، ومن الضروري، وفقهم، أن تعطي وزارة المالية تقريرا مفصلا عن مردودية الاستثمارات في مجال الفوسفاط ومناجم الذهب والفضة والثروات الأخرى للبرلمان بغرفتيه، لأن “هذا سيشعر الرأي العام المغربي بأن هناك نوعا من الشفافية في التعاطي مع مثل هذه المؤسسات”.