المكتب الوطني للهيدروكابورات لم يكشف عن البدائل التي تعتمد عليها لتعويض الغاز الجزائري ..المغرب يتطلع إلى استعمال وسائل أخرى للتزود بمصادر الطاقة

0
232

منذ إعلان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الأحد عدم تجديد عقد استغلال خط أنابيب الغاز الذي يزود إسبانيا بالغاز الجزائري مروراً بالمغرب، يتطلع المغرب اللجوء إلى استغلال الأنبوب، مشيرة إلى أن هناك توجها نحو إعادة تشغيله من إسبانيا عبر ضخ الغاز القطري، كما يمكن استيراد الغاز من نيجيريا.

وأصدر تبون أمراً لشركة سوناطراك الجزائرية بوقف العمل بالعقد المبرم مع الديوان المغربي للكهرباء والماء. ونتيجة عدم تجديد العقد، ستقتصر إمدادات الغاز الجزائري لإسبانيا على أنبوب الغاز البحري ميدغاز الذي وضع في الخدمة عام 2011.

وفي بيان مساء الأحد، أفاد المكتب الوطني المغربي للكهرباء والماء الصالح للشرب بأن القرار الذي أعلنته السلطات الجزائرية بعدم تجديد الاتفاق بشأن خط أنبوب الغاز المغاربي-الأوروبي “لن يكون له حالياً سوى تأثير ضئيل على أداء النظام الكهربائي الوطني”.

وأشارت المؤسستان، في بيان مساء أمس الأحد، إلى أنه “نظرا لطبيعة جوار المغرب وتحسبا لهذا القرار، فقد تم اتخاذ الترتيبات لضمان استمرارية إمداد البلاد بالكهرباء”، مضيفة أنه “تتم حاليا دراسة خيارات أخرى لبدائل مستدامة على المديين المتوسط والطويل”.

ويأتي بيان المؤسستين بعد قرار الرئيس الجزائري، الذي أكد، أمس الأحد، عدم تجديد اتفاقية كانت تقضي بتزويد المغرب بحوالي 640 مليون متر مكعب في العام على مدى 10 أعوام، وهي اتفاقية وقعت في 2011.

ويراهن المغرب في استراتيجية الانتقال الطاقي على الغاز بهدف إنتاج الطاقة، حيث يتوخى نقله من 5 في المائة إلى 13.5 في المائة، أي حوالي 5 مليارات متر مكعب في أفق 2030، حيث ينتظر أن يأتي الغاز ليعوض الفحم طبقا لالتزامات المملكة في اتفاقيات كيوتو.

وكان الغاز الذي يتم توفيره عبر الأنبوب، يستعمل لإنتاج الكهرباء عبر محطتين حراريتين، حيث تعدان المحطتين الوحيدتين اللتين تستعملان الغاز، بينما تستعمل المحطات الأخرى مصادر طاقة أخرى مثل الفحم.

ويذهب بيير ترزيان، المدير العام لشركة “PETROSTRATEGIES” المتخصصة في الاستشارة والنشر الإعلامي في مجال الطاقة، إلى أن إسبانيا هي الخاسر الأكبر من توقف الإمدادات الجزائرية على الأنبوب العابر للمغرب على اعتبار أنها كانت تحصل على 7 مليارات متر مكعب.

وتلك الإمدادات كان يتلقاها المغرب بواسطة أنبوب الغاز الذي يصل الجزائر بإسبانيا مرورا بالأراضي المغربية، عبر الأنبوب الذي لم تجدد الاتفاقية الخاصة به، التي انتهى العمل بها في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.

لكن جيف بورتر، الخبير الجيو سياسي في الشؤون المغربية، أبلغ وكالة الصحافة الفرنسية أن خيار شحن الغاز الطبيعي الجزائري عبر النقل بالسفن بحراً ليس خياراً مجدياً من الناحية المالية.

وترسل الجزائر منذ العام 1996 حوالي 10 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنوياً إلى إسبانيا والبرتغال عبر خط أنابيب المغرب العربي-أوروبا.

وفي مقابل عبور خط أنابيب الغاز عبر أراضيها، تحصل الرباط سنوياً على نحو مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، ما يمثل 97 بالمئة من احتياجاتها. ويحصل المغرب على نصفها في شكل حقوق طريق مدفوعة عينياً، والنصف الآخر يشتريه بثمن تفاضلي، وفق خبراء.

وكان المغرب يستعمل الغاز موضوع الاتفاقية من أجل تشغيل محطتين لتوليد الكهرباء، حيث يتعلق الأمر بمحطة عين بني مطهر التي تصل طاقتها إلى 470 ميغاواط، ومحطة تهدارت التي تصل طاقتها إلى 385 ميغاواط.

إلا أن مراقبين في المغرب يرون أن توقف الغاز الجزائري، لن ينعكس كثيرا على ماليته، حيث يمكن البحث عن أسواق أخرى، بالموازاة مع البحث عن موردين آخرين، وإن كان ذلك سيستدعي الاستثمار أكثر في البنيات التحتية للنقل والتخزين.

ويتصور الاقتصادي إدريس الفينا أن القرار الذي اتخذته الجزائر “لا يعاكس المصالح المغربية، على اعتبار أنه لن تكون له تأثيرات كبيرة، بل تتضرر بسببه الجزائر التي ستعتمد فقط على أنبوب واحد مستقبلا، وهو أنبوب قد يتعرض لإعطاب، ما يهدد بتعثر تزويد إسبانيا بالغاز”.

وقد أكدت وزيرة الاقتصاد والمالية المغربية، نادية فتاح العلوي، أن رسوم عبور الغاز الجزائري نحو إسبانيا، والتي تتخذ شكل غاز، لم يتم احتسابها ضمن إيرادات مشروع موازنة العام المقبل، الذي يناقشه البرلمان المغربي.

وقد وصلت قيمة الغاز الذي تلقاه المغرب عبر الأنبوب إلى حوالي 160 مليون دولار كمتوسط سنوي، أي ما يمثل 0.65% من الميزانية العامة للمملكة.

وتصل إمدادات الأنبوب إلى حوالي 650 مليون متر مكعب من بين 1.3 مليار متر مكعب مستوردة من قبل المملكة، ما يعني أن غاز الأنبوب يمثل حوالي 65% من حاجيات المغرب المستوردة من الغاز.

ونسبة حاسمة في إنتاج الكهرباء في المغرب “الغاز الطبيعي لا يشكل سوى 10% من إنتاج الكهرباء بالمغرب، لأن المملكة اتجهت نحو تنويع مصادر الإنتاج الطاقي (60% من البترول، 25% من الفحم، و10% من الطاقات المتجددة، وبصيغة أخرى، فإن الغاز الجزائري لا يزن سوى 3.3% من الإنتاج الوطني للطاقة، وهي النسبة التي سيكون على المغرب اقتناؤها من مزود آخر بكلفة تبلغ كمتوسط سنوي حوالي 160 مليون دولار، وهو ما يشكل فقط 0.65% من الميزانية العامة المغرب”.

ولم يكشف بيان المكتب الوطني للهيدروكابورات والمعادن والمكتب الوطني للماء والكهرباء عن البدائل التي تعتمد عليها لتعويض الغاز الجزائري، إلا أن الحسين اليماني، رئيس نقابة الغاز والبترول، يؤكد أنه يمكن العودة لاستعمال الفيول، مع البحث عن مزودين جدد للغاز.

وتفيد بيانات العام الماضي بأن الولايات المتحدة كانت المزود الأول للمغرب بـ420 مليون دولار، متبوعة بالجزائر 370 مليونا، وإسبانيا 150 والنرويج 95، وبلدان أخرى بـ250 مليون دولار.

ويشير المصدر إلى أنه يمكن للمغرب اللجوء إلى استعمال بواخر من أجل استيراد الغاز عبر موانئ لها دور كبير في استيراد الوقود، مثل ميناء الجرف الأصفر وميناء المحمدية والناظور.

ويسعى المغرب إلى تأمين الحاجيات المتزايدة من الطاقة بتنويع مصادر المحروقات، من خلال زيادة حصة الغاز الطبيعي.

وتلاحظ وكالة الطاقة الدولية أن المغرب يسعى إلى زيادة حصة الغاز الطبيعي، حيث يتطلع إلى استعمال وسائل أخرى للتزود بمصادر الطاقة، بما في ذلك الاستيراد عبر أنبوب الغاز المتقاسم مع نيجيريا، في الوقت نفسه الذي يرنو فيه إلى تسهيل التبادل على مستوى الكهرباء مع أوروبا وجيرانه الأفارقة.

جدير بالذكر أن عددا من شركات التنقيب العالمية تجري، حاليا، عمليات تنقيب وبحث عن الغاز الطبيعي في كل من وجدة والقنيطرة، وقد بينت النتائج الأولية وجود احتياطي مهم من هذه المادة الأساسية.

قطعت الجزائر قد قطعت العلاقات الدبلوماسية مع المغرب في نهاية آب/أغسطس، بسبب ما وصفته بـ “أعمال عدائية” من جانب المملكة، وهو قرار اعتبرته الرباط “غير مبرّر على الإطلاق”.

واندلعت الأزمة الدبلوماسية بعيد اعادة العلاقات بين المغرب وإسرائيل في مقابل اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء المغربية. والجزائر تدعم جبهة بوليساريو الانفصالية. وتتهم الجزائر المغرب بدعم الانفصاليين الجزائريين وباستخدام تقنية إسرائيلية في التجسس على مسؤوليها.