الملكية والاستقرار في زمن الانهيارات: محمد أوجار يفتح جبهات النقاش من بوابة “حديث العرب”

0
109

في زمن تشظي الدولة الوطنية، وارتباك الجمهوريات العربية بعد ما سُمي بالربيع العربي، يطلّ الوزير والحقوقي المغربي محمد أوجار من خلال برنامج حديث العرب على قناة سكاي نيوز عربية، ليفتح واحدة من أكثر القضايا حساسية وجدلاً في المشهدين العربي والمغاربي:هل النظم الملكية أكثر قدرة على الصمود؟ وهل الملكيات العربية أضحت الملاذ الأخير أمام جمهوريات أكلتها الانقلابات؟

بين أوهام الجمهوريات و”حلم” الملكيات

أوجار لا يُخفي قناعته: النظم الملكية في العالم العربي لم تصمد فقط، بل أصبحت “بديلاً معقولاً” في المخيال السياسي للنخب والشعوب على حد سواء. وهو هنا لا يقدّم دفاعًا أيديولوجيًا عن الملكية، بل يُفكّك السياق عبر وقائع: انهيار جمهوريات عربية بعد عقود من الشعارات والانقلابات، وتحولها إلى كيانات عاجزة عن توفير حتى “الحق في الحياة”.

لكن السؤال الذي يفرض نفسه:هل هي فقط شرعية التاريخ والدين التي أنقذت الملكيات، أم أن هناك قدرة حقيقية على التكيف والتفاعل مع المتغيرات؟

المغرب كحالة استثناء

في تحليل أوجار، يتخذ المغرب موقع التجربة المغايرة التي استطاعت، حسب تعبيره، أن “تُراكم الشرعيات”:

  • من شرعية التاريخ والدين

  • إلى شرعية التحرر الوطني

  • ثم إلى شرعية الإنجاز السياسي والاجتماعي

والمفارقة، كما يشير، أن الملكية المغربية كانت على الدوام الضامن لمجتمع متعدد، ومنصة توافق بين تيارات سياسية كانت إلى وقت قريب تصطف في معسكرات متقابلة.

لكن، هل يكفي هذا التراكم وحده؟ أم أن نجاح المغرب في البقاء على سكة الاستقرار يعود أيضًا إلى هشاشة “بدائله” الجذرية؟

جمهوريات شكلية وأحزاب عاجزة

يذهب أوجار إلى ما هو أبعد من الدفاع عن الملكية؛ إذ يوجّه نقدًا لاذعًا إلى “الجمهوريات الشكلية” التي باتت، في نظره، أنظمة وراثية مموّهة، تُفرغ السياسة من مضمونها وتحرم الشعوب من أفق سياسي واقعي.

وهنا تظهر الأسئلة الكبرى التي لا يجيب عنها كثير من الساسة:

  • من يحاسب هذه الأنظمة على فشلها؟

  • لماذا تتعثر الديمقراطية الانتخابية وتُختطف النخب؟

  • من المسؤول عن إنتاج الوعي العام؟ وهل الجامعة والأحزاب والنقابات ماتت فعلاً؟

أزمة تمثيل وأزمة ثقة

في رصده لتحديات اللحظة، يثير أوجار قضية مركزية: عطب تمثيلي مزدوج. فمن جهة هناك نخب سياسية لم تعد تحمل مشاريع وطنية مقنعة، ومن جهة أخرى مواطنون فقدوا الثقة في جدوى العملية السياسية.
والأخطر، وفق تعبيره، أن وسائل التواصل الاجتماعي ملأت الفراغ، ولكن بدون قيادة فكرية أو مشروع واضح.

وهنا نحتاج إلى وقفة نقدية:
هل نحن أمام مشهد تذوي فيه الدولة الحديثة في العالم العربي، كما يذوي الحزب والجامعة والنقابة؟

من يقود الرأي العام؟

من أكثر الفقرات دلالة في حوار أوجار هي تلك التي يتحدث فيها عن انسحاب النخب الثقافية من المشهد العام، واختباء الجامعات في “جزر أكاديمية معزولة”، فيما يحتل المؤثرون وأصحاب الرأي السريع فضاء الرأي العام.

بعبارة أخرى: العقول الصامتة تخلت، فتكلمت المنصات.

السؤال: هل يمكن إصلاح الديمقراطية بدون نخبة؟ وهل تستطيع الملكيات، مهما كانت متجذرة، أن تضطلع وحدها بمهام التنوير والقيادة الثقافية؟

الملكيات… إلى أين؟

رغم دفاعه الصريح عن التجربة الملكية، لا يُنكر أوجار أن النظام الملكي نفسه يحتاج إلى التحديث والانفتاح على معطيات العصر الرقمي، وتحديات الشباب، وسؤال الدولة الاجتماعية.وهو بذلك يُذكّر بأن الشرعية ليست ثابتة، بل تتطلب تجديدًا دائمًا عبر الإنجاز والقدرة على الإصغاء.

فهل تنجح الملكيات في الاستمرار كنموذج استقرار، إذا لم تواكب تحولات شعوبها؟ وهل يعود الحنين إلى “الزمن الملكي” مجرد ردّ فعل على الفوضى، أم أنه بحث جاد عن نظم أكثر قدرة على الإصلاح الذاتي؟

خلاصة: سؤال الملكية ليس عن الماضي فقط… بل عن مستقبل الدولة العربية

في ظل تصدع الجمهوريات وتكلس الأنظمة السياسية، يظهر صوت مثل محمد أوجار ليدفعنا إلى التفكير خارج الثنائية الكلاسيكية: ملكية أو جمهورية؟  المطلوب، كما يمكن أن يُفهم من مجمل أفكاره، هو نظام يضمن الاستقرار، الشرعية، القدرة على الإصلاح، والانتماء إلى الدولة.

أيّ نظام يحقق هذه المعادلة؟ الملكية التقليدية؟ الجمهورية الديمقراطية؟ أم نموذج هجين ثالث لا يزال قيد التشكل؟