الملك المفدى محمد السادس يُعلن عن خارطة طريق لتعزيز التنمية بالصحراء وتميز الأمة المغربية بقيمها الروحية والوطنية والاجتماعية

0
471

أكد حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى محمد السادس حفظه الله ورعاه أن المسيرة الخضراء مكنت من استكمال الوحدة الترابية للبلاد، مشددا على استمرار جهود التنمية والتحديث والبناء من أجل تكريم المواطن المغربي وحسن استثمار المؤهلات التي تزخر بها المملكة خاصة في الصحراء المغربية، مؤكدا أن الواجهة الأطلسية للمملكة هي بوابة المغرب نحو أفريقيا ونافذة للانفتاح على الفضاء الأميركي وهو ما يعزز الموقع الاستراتيجي للبلاد.

وقال الملك محمد السادس في خطاب ألقاه مساء اليوم الاثنين بمناسبة الذكرى الـ48  للمسيرة الخضراء إن “استرجاع الأقاليم الجنوبية مكن من تعزيز البعد الأطلسي للمملكة”، موضحا أن “التعبئة الدبلوماسية الوطنية مكنت من تقوية موقف المغرب وتزايد الدعم الدولي لوحدته الترابية والتصدي لمناورات الخصوم المكشوفين والخفيين”.




وكشف عن جملة من الرهانات المرتبطة بالواجهة الأطلسية للمملكة من خلال تأهيل المجال الساحلي المغربي، بما في ذلك الواجهة الأطلسية للصحراء المغربية، عبر تحويلها إلى فضاء للتواصل الإنساني والتكامل الاقتصادي والإشعاع القاري والدولي.

العيون المغربية تشهد أكبر مسيرة منذ المسيرة الخضراء تنديداً باعتداءات البوليساريو والمطالبة بتصنيفها إرهابية

وأعلن عن العديد من الآليات الإجرائية والمقترحات العملية، من بينها تسهيل الربط بين مختلف مكونات الساحل الأطلسي، عبر استكمال إنجاز البنيات التحتية وتوفير وسائل النقل ومحطات اللوجستيك والدعوة للتفكير في تكوين أسطول بحري تجاري وطني، قوي وتنافسي.

ووجه بمواصلة العمل على إقامة اقتصاد بحري يساهم في تنمية منطقة الصحراء المغربية ويكون في خدمة سكانها، من خلال اقتراح تصور اقتصادي متكامل يقوم على تطوير التنقيب على الموارد الطبيعية في عرض البحر ومواصلة الاستثمار في مجالات الصيد البحري وتحلية مياه البحر والنهوض بالاقتصاد الأزرق ودعم الطاقات المتجددة.

ودعا صاحب الجلالة الملك المفدى محمد السادس حفظه الله إلى اعتماد إستراتيجية خاصة بالسياحة الأطلسية قائمة على استثمار المؤهلات الكثيرة للمنطقة، بهدف تحويلها إلى وجهة حقيقية للسياحة الشاطئية والصحراوية.

كما شدد على ضرورة هيكلة الفضاء الأطلسي بمعطياته الجيو سياسية على المستوى الإفريقي، بالاعتماد على “المعرفة الجيدة” للمملكة للرهانات والتحديات التي تواجه الدول الأفريقية والأطلسية على وجه الخصوص.

وقال إن “الواجهة الأطلسية الإفريقية تعاني من خصاص ملموس على مستوى البنيات التحتية، بالرغم من مستوى المؤهلات البشرية ووفرة الموارد الطبيعية”.

ودعا إلى اعتماد الشراكة لإيجاد إجابات عملية للإشكالات المطروحة ومن بينها المشروع الاستراتيجي لأنبوب الغاز المغرب – نيجيريا بما يطرحه من أفق للاندماج الجهوي والاقلاع الاقتصادي المشترك بالإضافة إلى ما يقدمه من ضمانات لتزويد الدول الأوربية بالطاقة.

وطرح مبادرة لإحداث إطار مؤسسي يجمع الدول الإفريقية الأطلسية التي يبلغ عددها 23 دولة بهدف توطيد الأمن والاستقرار والازدهار المشترك.

كما أعلن عن إطلاق مبادرة دولية تهدف إلى تمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي في إطار مقاربة قائمة على التعاون والشراكة لحل المشاكل والصعوبات التي تعرفها هذه الدول والتي لا يمكن حلها وفق مقاربة قائمة فقط على البعدين الأمني والعسكري.

وعبر عن استعداد المملكة للمساهمة منها في إنجاح هذه المبادرة من خلال وضع بنياتها التحتية (الطرقية والمينائية والسكك الحديدية)، رهن إشارة الدول المعنية.

وأشار إلى تميز “الأمة المغربية بقيمها الروحية والوطنية والاجتماعية في عالم كثير التقلبات”، لافتا إلى أن الحديث عن القيم، من خلال نموذج “الجدية”، ليس عتابا بل تشجيعا على مواصلة استكمال المشاريع والإصلاحات ورفع التحديات.

وأكد أن منظومة القيم المتكاملة هي التي مكنت من توطيد المكتسبات والنهوض بتنمية الأقاليم الجنوبية وترسيخ مغربيتها على الصعيد الدولي، موضحا أن قيم التضامن والتعاون والانفتاح التي تميز المغرب تعزز مركزه كفاعل رئيسي وشريك سياسي واقتصادي، على كل المستويات.

وأشاد بالجهود التي تبذلها القوات المسلحة الملكية والقوات الأمنية والإدارة الترابية وكل القوى الحية داخل الوطن وخارجه في الدفاع عن الحقوق المشروعة للوطن.

وقال “لا يفوتنا أن نستحضر، بكل تقدير وإجلال، روح مبدع المسيرة الخضراء والدنا المنعم جلالة الملك الحسن الثاني، أكرم الله مثواه، والأرواح الطاهرة لكل شهداء الوطن الأبرار”.

ويعود تاريخ تنظيم المسيرة الخضراء إلى 6 نوفمبر/تشرين الثاني 1975 عندما دعا الملك المغربي الراحل الحسن الثاني إلى مسيرة شعبية سلمية من أجل الضغط على إسبانيا لمغادرة إقليم الصحراء المغربية الذي كانت تحتله.

وشارك في المسيرة 350 ألف شخص من كل مناطق المغرب وحملوا خلالها المصحف بيد والعلم المغربي بيد وتجاوزوا الحدود التي كان يفصل بها الإسبان إقليم الصحراء المغربية عن الأراضي المغربية المحررة ومن يومها أصبح المغاربة يخلدون المسيرة الخضراء كل سنة عيدا وطنيا.

وتقترح الرباط حكما ذاتيا بإقليم الصحراء المغربية تحت سيادتها كحل وحيد وواقعي للنزاع المفتعل بينما تدعو جبهة “البوليساريو” إلى استفتاء لتقرير‎ المصير.

ويحظى المقترح المغربي لتسوية النزاع المفتعل بإجماع شبه دولي نظرا لوجاهته وواقعيته، ما يعمّق عزلة البوليساريو ومن ورائها الجزائر التي توفر الدعم الغطاء السياسي لقادة الجبهة الانفصالية.

وفي سياق متصل أعلن وزير الداخلية المغربي عبدالوافي لفتيت أن بلاده أطلقت 654 مشروعا تنمويا بإقليم الصحراء منذ 8 سنوات.

وأوضح لفتيت أن “الكلفة المالية الإجمالية للمشاريع موضوع النموذج الجديد لتنمية الأقاليم الجنوبية، تبلغ حوالي 78.4 مليار درهم (7.8 مليار دولار)، مخصصة لإنجاز ما يناهز 654 مشروعا”، مشددا على أن هذه المشاريع “تعزز التنمية التي تشهدها الأقاليم الجنوبية على مستوى تعميم البنيات التحتية”.