الملك المفدى يَدْعُو “التصدي للمضاربات والتلاعب بالأسعار”..أرباح شركات المحروقات تفوق 45 مليار درهم منذ التحرير وحتى نهاية 2021″

0
206

صاحب الجلالة الملك المفدى محمد السادس حفظه الله ورعاه، في خطاب العرش السنوي: أشاد بالمجهودات المبذولة للتخفيف من تداعيات الارتفاع الدولي للأسعار، ودعا جلالته إلى تعزيز آليات التضامن الوطني والتصدي للمضاربات والتلاعب بالأسعار. 

واعتبر جلالة الملك المفدى محمد السادس حفظه الله ورعاه ، بأن “أخطر ما يواجه تنمية البلاد، والنهوض بالاستثمارات، هي العراقيل المقصودة، التي يهدف أصحابها لتحقيق أرباح شخصية، وخدمة مصالحهم الخاصة. وهو ما يجب محاربته”. 

وقال الملك المفدى في الذكرى الـ23 لجلوسه على العرش: بأن الاقتصاد المغربي تمكن من الصمود، في وجه الأزمات والتقلبات، وحقق نتائج إيجابية، في مختلف القطاعات الإنتاجية، مضيفا أن مرحلة الانتعاش، لم تدم طويلا، بسبب الظروف العالمية الحالية.

وأشار الملك المفدى محمد السادس حفظه الله،  إلى هذه العوامل الخارجية تسببت، إضافة الى نتائج موسم فلاحي متواضع، في ارتفاع أسعار بعض المواد الأساسية. وهو مشكل تعاني منه كل الدول.

وذكر الملك بإطلاقه برنامج وطني للتخفيف من آثار الجفاف على الفلاحين، وعلى ساكنة العالم القروي، وتوجيهه الحكومة لتخصيص اعتمادات مهمة، لدعم ثمن بعض المواد الأساسية، وضمان توفيرها بالأسواق، وفي هذا الإطار، تمت مضاعفة ميزانية صندوق المقاصة، لتتجاوز 32 مليار درهم، برسم سنة 2022.

وأكد الملك المفدى على أنه رغم التقلبات التي يعرفها الوضع الدولي، “علينا أن نبقى متفائلين، ونركز على نقط قوتنا”، داعيا إلى العمل على “الاستفادة من الفرص والآفاق، التي تفتحها هذه التحولات، لاسيما في مجال جلب الاستثمارات، وتحفيز الصادرات، والنهوض بالمنتوج الوطني”.   

وتواجه الحكومة الملياردير “عزيز أخنوش” ضغوطا في الأشهر الأخيرة بسبب غلاء عدة مواد أساسية. ولامتصاص هذا الغضب أعلنت الحكومة تخصيص دعم بحوالي 200 مليون دولار لموظفي قطاع النقل البري، بعدما نظّموا إضرابات.

ويربط الخبير الاقتصادي المغربي، رشيد ساري، ارتفاع الأسعار بتقلبات السوق الدولية جراء الحرب الأوكرانية.

ويقول في تصريح صحفي، إن “ارتفاع الأسعار ليس حكرا على المغرب لوحده بل مجموعة من الدول نظرا لارتفاع نسب التضخم وهو ناتج أساسا عن الحرب الأوكرانية التي أدت إلى ارتفاع أسعار المواد الطاقية بشكل كبير”، مذكرا أن “المغرب دولة غير منتجة لمواد الطاقة كالبترول والغاز”.

وهذه ليست المرة الأولى التي يواجه فيها المغرب، الذي يعتمد على الخارج لتوفير حاجاته من المحروقات، أزمة كهذه. لكن في السابق، لم يكن أثرها ينعكس على المستهلكين بفضل دعم الدولة لأسعار البيع في محطات البنزين، على أساس هوامش ربح محددة.

وبعدما ظل هذا الدعم لعقود ضمانة “للسلم الاجتماعي”، تقرر وقفه في العام 2015  نظرا لكلفته الباهظة على ميزانية الدولة، لكن على أساس أن يتم تعويضه بتحويلات مالية شهرية للأسر الفقيرة، إلا أن ذلك لم يتحقق، وفق ما نقله تقرير لفرانس برس. 

ويتفق الحسين اليماني في تضريح صحفي، أن تحرير أسعار قطاع المحروقات في عهد حكومة عبد الإله بنكيران تسبب في التهاب الأسعار.

ونظرا لأن تكرير النفط خارج البلاد واستيراده يكلف المستهلك المغربي ثمنا باهظا، يقول اليماني إن إيقاف تشغل محطة التكرير “سامير” ساهم بدوره في ارتفاع الأسعار.

ويوضح اليماني أن المحطة كانت تقي البلاد من الوقوع تحت رحمة تقلبات السوق الدولية.

ويتهم المغاربة شركات المحروقات بـ”الجشع”. وطالب برلمانيون من المعارضة وحتى من الأغلبية، رئيس الحكومة عزيز أخنوش، خلال جلسة استجواب في أبريل الماضي، بالتدخل لتحديد سقف للأسعار، لكنه اعتبر أن ما يقال عن الأرباح “الفاحشة” مجرد “أكاذيب”. 

ويملك أخنوش، الذي يوصف بالمقرب من المخزن وتولى وزارة الفلاحة والصيد البحري بين 2007 و2021، شركة “أفريقيا غاز” التي تعد أهم الفاعلين في سوق المحروقات في المغرب، إلى جانب شركتي “توتال” الفرنسية و”شل” الهولندية البريطانية.

بالنسبة للخبير ساري، فإن الرباط تحاول الحد من ارتفاع الأسعار من خلال دعم صندوق المقاصة (صندوق لدعم المواد الأساسية). ويشير الخبير إلى أن الميزانية التي كانت مرصودة في السابق للصندوق بموجب قانون المالية 2022 كانت في حدود 15 مليار درهم، ما يعادل مليارا ونصف مليار دولار، لكن جراء الوضع الحالي “فنحن نقترب من أكثر من 23 مليار درهم”.

وتشير التوقعات إلى استمرار ارتفاع الأسعار عموما هذا العام “في معدلات تفوق المتوسط المسجل خلال العقد الأخير”، بحسب المندوبية السامية للتخطيط وهي هيئة الإحصاءات الرسمية في المغرب.

في المقابل، واجهت شركات المحروقات اتهامات “بمراكمة أرباح تفوق 45 مليار درهم (4,5 مليار دولار) منذ التحرير وحتى نهاية 2021″، وفق ما يؤكد حسين اليماني.

ورغم أن القطاع بات خاضعا لقانون السوق الحرة، إلا أن المنتقدين يصفون هذه الأرباح “بالفاحشة” بالمقارنة مع الهوامش التي كانت محددة قبل التحرير. 

ويتفق ساري في تصريح صحفي أنه كان من الممكن أن تقلص شركات التوزيع هامش ربحها بسبب الوضع الدولي الحالي.

وتطالب الجبهة الوطنية لإنقاذ مصفاة “سامير” المفلسة منذ 2015، الحكومة بتأميمها بشكل كامل أو تسهيل خصخصتها، بعدما أكدت المحكمة العليا حكما نهائيا بتصفيتها القضائية في سبتمبر 2018.

المثير والمستفز أمام آهات المواطنين ومعاناتهم، أن ثروة وأرباح أخنوش بدأت تتزايد أكثر وأكثر من خلال شركاته الخاصة به، مستفيدا بشكل مباشر من الارتفاع الصاروخي للأسعار.

وقال رئيس الحزب “المغربي الحر” المعارض، إسحاق شارية: “لكل متسائل عن أسباب هذا الارتفاع المهول في أسعار المحروقات والخضر والفواكه والمواد الأولية، وأسباب ضعف القدرة الشرائية، وأسباب ارتفاع البطالة وانتشار الفقر…الجواب عند مجلة فوربس الأميركية”.

وفي تدوينة عبر صفحته على “فيسبوك” في 6 أبريل، أكد شارية أن “قضايا الاحتكار والهيمنة وتضارب المصالح، تشكل شركات السيد رئيس الحكومة جزءا ضخما منها، ولا يمكن للمغرب الخروج من أزمته الاقتصادية دون توقيف هذا الاستنزاف المستمر في حق الشعب، ودون سن قوانين تفرض على أصحاب الثروات إرجاع نصفها إلى خزينة الدولة”.

وتابع: “غير أن رسالتي لكل من صوت لهؤلاء خلال الانتخابات الأخيرة (في 8 سبتمبر/ أيلول 2022) هل فعلا اليوم هو راض عن صوته، ومقتنع به أم يحس أنه اقترف جرما في حق نفسه وفي حق إخوانه المواطنين؟”.

وفي آخر تحديث لمجلة “فوربس” الأميركية لأكثر الأفارقة ثراء، عام 2022، تجاوزت ثروة رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش، 2 مليار دولار بداية من أبريل 2022، محافظا على مرتبته الـ13 كأكثر إفريقي ثراء في القارة السمراء ضمن 18 ثريا.

وأظهرت البيانات التاريخية التي أضافتها المجلة في التحديث الجديد، أن أكبر تراجع لثروة عزيز أخنوش سجل في سنة 2020 عندما نزلت إلى مليار دولار، لكن وفق ذات البيانات، فإن ثروة أخنوش بدأت في التعافي والارتفاع منذ تلك السنة إلى غاية 2022.

وحسب ذات المصدر، فإن الثروة الصافية للأمين العام لحزب “التجمع الوطني للأحرار”، تعافت في سنة 2021 لتصل إلى 1.9 مليار دولار إلى أن تجاوزت سقف 2 مليار دولار عام 2022، ما يعني أن ثروة أخنوش تضاعفت بمليار دولار ما بين 2020 و2022.

وتزامن هذا التعافي مع التداعيات الوبائية وتأثيرها على الاقتصاد الوطني، خاصة خلال شهور سنة 2020، والنصف الثاني من السنة الماضية، كما أن ثروة رئيس الحكومة لا زالت تواصل تعافيها خلال الأشهر الأربعة من عام 2022، رغم تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية التي انضافت إلى جائحة كورونا.

ويبدو أن قطاع البترول والغاز الذي يعد هو المصدر الأساسي لثروة أخنوش وفق “فوربس”، هو الذي يقف وراء الزيادة الحالية في ثروة أخنوش، نظير أسعار البنزين “الصاروخية”.