«المهدي: “الخراب على الأبواب”… جيل زد يطلق إنذارًا أخيرًا والحكومة أمام اختبار وجودي»

0
116

وسط صمت الحكومة المغربية، وتصاعد الاحتجاجات التي قادها شباب “جيل زد”، أصبح السؤال الأكثر إلحاحًا: هل يمكن لأخنوش احتواء هذا الغضب الشعبي؟ وما هي حدود قدرة الدولة على الاستجابة لمطالب الشباب؟ هذا ما ناقشه الحوار الذي أجرته قناة DW الألمانية، بمشاركة الدكتور عبد الفتاح نعوم، الباحث في العلوم السياسية، والمهدي سابق، الناشط في حركة “زد”.




الحكومة.. بين العجز السياسي والفشل التراكمي

في مستهل الحوار، شدّد الدكتور نعوم على أن الحكومة الحالية، بقيادة عزيز أخنوش، تتحمل المسؤولية السياسية المباشرة عن الاحتجاجات وتداعياتها، مشيراً إلى أن إخفاقاتها تكررت في محاور متعددة، خاصة في الصحة والتعليم والعدالة الاجتماعية. وأضاف: “حكومة أخنوش فاقدة للسياسة الفعلية، عاجزة عن إنتاج خطاب يبرر قراراتها أو يتفاعل مع مشاكل المواطنين”، مشيراً إلى تصريحات وزراءها التي زادت من الاحتقان، مثل دعوة وزير الصحة للمواطنين للاحتجاج في الرباط أو تصريحات وزير العدل المثيرة للجدل.

هنا يطرح السؤال: هل يمكن لحكومة تتحرك بهذا العجز السياسي والتواصل السيء أن تستعيد ثقة المواطنين، أم أن هذه الأزمة تجاوزت حدود الإمكانيات التقليدية للإدارة الحكومية؟

“جيل زد”.. خروج عن الأشكال التقليدية للتعبير السياسي

المهدي سابق أكد أن شباب “جيل زد” فقد الثقة في المؤسسات التقليدية، مثل الأحزاب والنقابات، معتبرين إياها “مؤسسات مترهلة”، مشيراً إلى أن هذا الجيل يبحث عن حلول مباشرة لمطالب عادلة مثل إصلاح الصحة والتعليم ومكافحة الفساد. وقال: “الحكومة عاجزة عن تقديم أجوبة حقيقية، وبلاغ حزب الأغلبية لم يجد صدى لدى شبابنا على مواقع التواصل الاجتماعي”.

من هنا يبرز سؤال مهم: إلى أي مدى يمكن لحراك شبابي يفلت من الوساطات التقليدية أن يفرض تغييرًا حقيقيًا في سياسات الدولة، خصوصاً في غياب قنوات فعالة للتواصل السياسي؟

دور الملك والقصر الملكي.. بين التدخل والحياد

تطرق النقاش أيضًا إلى موقف القصر الملكي، حيث رأى الدكتور نعوم أن إشارات ولي العهد واحتفالات العاهل المغربي بمناسبات رسمية لا تعني تخليًا عن الحكومة، بل تؤكد على أن المسؤولية المباشرة تقع على عاتق الحكومة: “على من يتقلد المسؤولية أن يتحملها. لا يمكن اللجوء للملك عند كل مشكل”.

لكن من زاوية الحراك، كما يوضح المهدي، هناك إدراك أن تدخل الملك يجب أن يكون ضمن الصلاحيات الدستورية، بعد أن تستنفد الحكومة كل السبل. وهذا يفتح النقاش حول: كيف يمكن لمؤسسة ملكية دستورية أن توازن بين الحياد والتدخل لحماية الحقوق الاجتماعية، دون الإضرار بمفهوم الحكومة المنتخبة؟

أزمة الطبقة السياسية.. فشل التمثيل والتجاذبات الداخلية

المهدي أشار إلى أن الأزمة ليست فقط في الحكومة، بل في الطبقة السياسية بشكل كامل، سواء في الأغلبية أو المعارضة، حيث فشلت في مخاطبة المواطنين والاستجابة لتطلعات الشباب. وأضاف: “الأحزاب عاجزة عن الاستجابة لصوت الشباب، وهذه الأحزاب نفسها بحاجة لمن يلتحق بها ويحدث فرقًا”.

يطرح هذا تساؤلات أساسية: هل تحتاج الأحزاب إلى إعادة هيكلة عميقة لإعادة الثقة مع الشباب؟ وكيف يمكن للجيل الجديد أن يشارك بفاعلية في السياسة دون أن تُستغل جهوده من قبل قوى سياسية تقليدية؟

التكنولوجيا ووعي الشباب.. أدوات جديدة للضغط والتغيير

الدكتور نعوم أشار إلى قوة شباب “جيل زد” في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي كبنية للتواصل والمعرفة، مما يتيح لهم تفكيك المسائل السياسية والاجتماعية بطريقة لم تعد تعتمد على الوسائط التقليدية: “الكتاب لم يعد بوابة الإنسان للمعرفة، هؤلاء الشباب يمتلكون نافذة على العالم بين أيديهم”.

هنا يبرز سؤال استراتيجي: هل يمكن للسياسات التقليدية في المغرب، القائمة على قنوات إعلامية وتقليدية، أن تتكيف مع قوة الشباب الرقمية؟ وكيف يمكن تحويل هذا الوعي إلى سياسات عملية دون فوضى أو عنف؟

العنف في الاحتجاجات.. حدوده وتأثيره

رغم تأكيد الجميع على مشروعية مطالب الشباب، فقد أشار الدكتور نعوم إلى خطورة الانزلاقات العنيفة في بعض المظاهرات، محذراً من تأثيرها السلبي على مصداقية الحراك. وهذا يفتح نقاشًا حول: كيف يمكن تحقيق توازن بين التعبير عن الغضب المشروع وعدم الانزلاق نحو العنف الذي قد يقلل من فرص تحقيق المطالب؟

قراءة أولية واستنتاجات

  1. العجز الحكومي وتراكم الإخفاقات: حكومة أخنوش تواجه أزمة ثقة بسبب إخفاقات متكررة في الصحة والتعليم والعدالة الاجتماعية، إضافة إلى سوء التواصل السياسي.

  2. جيل زد يتجاوز الوسائط التقليدية: الشباب لم يعد يتفاعل مع الأحزاب والنقابات، ويستثمر القوة الرقمية للتعبير عن مطالبه.

  3. القصر الملكي موقفه واضح: المسؤولية تقع على الحكومة، والتدخل الملكي يتم فقط عند استنفاد كل الوسائل.

  4. أزمة الطبقة السياسية: الأحزاب عاجزة عن الاستجابة لمطالب الشباب، مما يستدعي إعادة هيكلة المؤسسات السياسية.

  5. ضرورة استثمار الوعي الرقمي: الشباب يمتلك أدوات للتأثير، ويحتاج إلى آليات سياسية فعالة لتجنب الاستغلال أو الانزلاق نحو العنف.

أسئلة للنقاش المستقبلي

  • هل هناك خطة عملية لتحويل احتجاجات “جيل زد” إلى إصلاحات ملموسة، أم أن الحكومة عاجزة عن ذلك؟

  • كيف يمكن للأحزاب التقليدية إعادة اكتساب ثقة الشباب أو دمجهم داخلها بطريقة مثمرة؟

  • ما هو الدور الأمثل للقصر الملكي في ظل حراك شبابي غير تقليدي، دون المساس بمبدأ الحكومة المنتخبة؟

  • هل يمكن اعتماد قنوات رقمية واستراتيجية جديدة للتواصل السياسي في المغرب تتماشى مع الوعي الشبابي الحديث؟