النائب حموني يتهم: “المغاربة لا يرون سوى الغلاء… والدعم ذهب إلى جيوب المستوردين والوسطاء”

0
106

رغم صرخات نواب المعارضة الذين يكشفون عن نهب بعض المسؤولين للملايين، ويكشفون عن الفوضى والفساد الذي ينخر مفاصل الدولة، تبقى الحقيقة الأكثر غرابة هي أنه ليس هناك رجل رشيد في هذا البلد ليوقف هذا العبث. مع كل فضيحة جديدة، يتسابق المسؤولون لتبرير مواقفهم أو الهروب من المساءلة، بينما المواطن العادي يدفع الثمن من جيبه وكرامته. في ظل هذه الفوضى، يتساءل الجميع: إلى متى سيظل الشعب المغربي ينتظر تغييرات حقيقية في ظل غياب إرادة سياسية حقيقية، وهل من مخلص لوقف هذا الانزلاق نحو الأسوأ؟

في جلسة برلمانية تحولت إلى ما يشبه “محاكمة سياسية”، فجر رشيد حموني، رئيس فريق حزب التقدم والاشتراكية (معارضة)، قنبلة مدوية باتهامه الحكومة بـ”تبذير وتوجيه خاطئ لمئات الملايين من أموال المغاربة”، في ما وصفه بـ”صفقة دعم الأضاحي الفاشلة”، متسائلًا عن مصير 437 مليون درهم تم تخصيصها لدعم الأضاحي خلال سنتي 2023 و2024.

دعم بلا أثر… أين الخرفان المدعومة؟

البرنامج الحكومي، بحسب حموني، خصص دعمًا مباشرًا يناهز 500 درهم عن كل رأس غنم لتخفيف العبء على المواطن، لكن “النتائج على الأرض كانت كارثية” حسب قوله:

“في السوق، استمرت الأسعار في الارتفاع، لتتراوح بين 2000 و4000 درهم، رغم أن الهدف كان التخفيف. المواطن لم يلمس شيئًا، فأين ذهب الدعم؟”

وسرد النائب أرقامًا موثقة تشير إلى صرف:

  • 193 مليون درهم في عام 2023.

  • 244 مليون درهم في عام 2024.

“نحن لا نتحدث عن إعفاءات فقط، بل عن أموال خرجت فعلًا من خزينة الدولة… من أموال الشعب!”

الغنم في الكوارى… لا في الأسواق!

الجانب الأكثر إثارة في تصريح حموني كان تأكيده أن معظم الخرفان المدعومة لم تصل أصلًا إلى الأسواق، بل تم الاحتفاظ بها في المزارع أو “الكوارى” ليُعاد بيعها لاحقًا بأسعار خيالية، وكأنها إنتاج وطني غير مدعوم.

“في عيد الأضحى، من منا رأى خرفان الدعم في الأسواق؟ كلنا نشتري من السوق، وكلنا نعلم أن الأسعار لم تنخفض…”

الإعفاءات الجمركية: هل ضاعت 13 مليار درهم هباءً؟

الانتقادات لم تتوقف عند الدعم، بل طالت الإعفاءات الجمركية التي منحتها الدولة لاستيراد اللحوم لمواجهة الغلاء. وحسب حموني:

  • تم إعفاء مستوردي اللحوم من الرسوم، ما كلّف الدولة 13 مليار درهم.

  • ومع ذلك، بقي سعر اللحم الأحمر فوق 150 درهمًا للكيلوغرام.

فمن استفاد إذًا؟ وهل كان المستوردون وحدهم من احتكروا الأرباح؟

برلمان بلا رقابة… من يخاف لجان تقصي الحقائق؟

النائب المعارض أشار بوضوح إلى أن أحزاب الأغلبية البرلمانية ترفض تشكيل لجان تقصي الحقائق رغم أن الدستور (الفصل 67) يمنح البرلمان هذا الحق.

“نحن لا نطالب بمحاكمة، بل فقط بكشف الحقيقة. لماذا الخوف من الشفافية؟ هل هناك من يخشى افتضاح المستور؟”

السياق السياسي: هل تستعمل الحكومة المال العام كأداة للربح السياسي؟

تصريحات حموني فتحت بابًا واسعًا للنقاش حول الشفافية والنجاعة في صرف المال العام، خصوصًا وأن البرنامج لم يؤدِّ إلى انخفاض الأسعار، ولم يمنع الغلاء، بل غذّى الشكوك حول وجود شبهات احتكار وتلاعب.

ويبقى السؤال مطروحًا:

هل استُعملت أموال الدعم كآلية دعائية فقط، فيما ذهب الريع إلى “شبكة مصالح” تستفيد من الغموض والمحاباة؟

الملكية تدخل الخط: قرارات جريئة ولكن…

أشاد حموني بالقرار الملكي الحكيم بإلغاء شعيرة الذبح الجماعي في بعض الحالات حفاظًا على القدرة الشرائية، مؤكدًا أن هذا القرار كان له أثر مباشر على انخفاض الأسعار، على عكس “كل الإجراءات الحكومية التي لم تُحدث فرقًا”.

وهنا تبرز المفارقة: مبادرة واحدة من رأس الدولة كان لها أثر، بينما مئات الملايين أنفقتها الحكومة ولم تغير شيئًا!

الخلاصة: هل نعيش أزمة سياسات أم أزمة ضمير؟

تصريحات حموني، سواء اتفقنا معها أو اختلفنا، فتحت الباب أمام أسئلة مؤرقة:

  • لماذا تفشل الحكومة في إيصال الدعم إلى مستحقيه؟

  • لماذا تتكرر فضائح المال العام دون محاسبة؟

  • هل يمكن أن تثبت المعارضة مزاعمها بوثائق دامغة؟

  • وهل سيظل البرلمان عاجزًا عن مساءلة الحكومة رغم صلاحياته الدستورية؟

الجواب عن هذه الأسئلة سيحدد ما إذا كانت هذه مجرد زوبعة سياسية، أم نقطة تحول نحو مساءلة حقيقية لمافيا الاقتصاد الريعي في المغرب.