النادي القنيطري بين مطرقة التراجع وسندان الإهمال: هل تنقذه إرادة المدينة قبل فوات الأوان؟

0
55

وسط قلق يزداد اتساعًا يوماً بعد يوم، خرجت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان بإقليم القنيطرة ببلاغ حازم، دقت فيه ناقوس الخطر حول الوضعية المأزومة للنادي الرياضي القنيطري، الذي كان يوماً منارة من منارات الكرة المغربية.

فهل يكفي القلق وحده لإنقاذ نادٍ صنع المجد، أم أن لحظة التحرك الجماعي قد تأخرت كثيرًا؟

إرث من ذهب على حافة الانهيار

النادي القنيطري، الذي نقش اسمه بمداد من ذهب في ذاكرة الكرة الوطنية، يعيش اليوم على وقع أزمة مركبة: مالية، تنظيمية، ورياضية. الأزمة لم تعد خافية على أحد، لكن اللافت هو أن التفكك الداخلي وعدم التنسيق بين مختلف القوى بالمدينة يزيد من تفاقم الوضع.

ما الأسباب الحقيقية وراء هذا التدهور؟ وهل يكفي التعاطف الشعبي لإعادة الروح لفريق يحتضر؟

الجماهير الوفية: قلاع الصمود الأخيرة

في عز هذا الانهيار، يبرز عنصر واحد ظل وفياً حتى الرمق الأخير: جماهير النادي وعلى رأسها مجموعة “ألتراس حلالة بويز”. هؤلاء الشباب، الذين يواصلون تشجيع الفريق في السراء والضراء، أصبحوا اليوم صوت الضمير القنيطري.

غير أن الرابطة دقت جرس الإنذار إزاء ما يتعرض له هؤلاء المشجعون من مضايقات وتضييق على حرية التنقل لدعم فريقهم.

فهل تحولت حرية التنقل، أحد الحقوق الدستورية الأساسية، إلى امتياز خاضع لمزاج بعض الأجهزة؟

تآكل الدعم المؤسسي: أين الفاعلون الاقتصاديون؟

دعوة الرابطة كانت واضحة ومباشرة إلى الفاعلين الاقتصاديين، خاصة الشركات العاملة بالمنطقة الصناعية الحرة بالقنيطرة، لتحمل مسؤولياتهم الاجتماعية. لكن لماذا تلتزم هذه الشركات الصمت أمام انهيار رمز رياضي وتاريخي للمدينة؟ وأين ذهبت وعود الشراكة الاجتماعية التي كثيراً ما يتغنى بها مسؤولو هذه المؤسسات؟

هنا يبدو أن الحديث عن المسؤولية الاجتماعية ظل شعاراً بلا مضمون، في غياب أي مبادرات جدية لدعم النادي مادياً ومعنوياً.

التمييز في الدعم: جرح إضافي

الرابطة لم تتردد في اتهام بعض الأجهزة التابعة للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم بممارسة تمييز واضح بين الأندية، داعية إلى تطبيق مبدأ تكافؤ الفرص.

فهل أصبحت بعض الفرق أكثر “مواطنة” من غيرها في عيون المسؤولين الرياضيين؟ وأين هو دور الجامعة في ضمان عدالة الدعم وتوزيعه وفق معايير موضوعية بعيداً عن الحسابات الضيقة؟

مسؤولية جماعية: هل تفعل القنيطرة ذلك قبل أن تفقد رمزها؟

في ختام بلاغها، دعت الرابطة إلى تعبئة شاملة تشمل السلطات المحلية، المنتخبين، المجتمع المدني، والغيورين على النادي. فالإنقاذ لم يعد خياراً بل ضرورة وجودية.

لكن، هل تتوفر القنيطرة اليوم على ما يكفي من الإرادة لتجاوز الحسابات السياسية والمصلحية لإنقاذ فريقها؟ أم أننا على مشارف كتابة آخر فصول مأساة رياضية، ستتحمل أجيال لاحقة وزرها؟

خلاصة

القنيطرة اليوم لا تنقذ فقط فريقاً، بل تنقذ جزءاً من ذاكرتها الجماعية وهويتها الرياضية. الأسئلة كثيرة، والإجابات الصادقة تتطلب أفعالاً عاجلة لا بيانات موسمية.

فهل نشهد ولادة “ميثاق قنيطري” جديد ينقذ النادي ويرسي أسس نهوض رياضي حقيقي؟ أم أن قارب النادي القنيطري سيواصل الغرق بصمت قاتل؟