فاز مرشح حزب “الاصالة والمعاصرة” سعيد الناصري بمنصب رئيس مجلس عمالة مدينة الدارالبيضاء الكبرى بعد أن حصل على أكثر من 99% من أصوات الناخبين.
فقد جرى ، اليوم الثلاثاء بمقر ولاية جهة الدار البيضاء – سطات ، انتخاب سعيد الناصري رئيس نادي الوداد البيضاوي لكرة القدم، بحصوله على ثقة 30 من الأعضاء من أصل 31 عضوا .
كما تم ، خلال جلسة التصويت، انتخاب النواب الخمسة لرئيس المجلس (من بينهم امرأتان) بعد حصولهم على 30 صوتا، وجميعهم ينتمون إلى أحزاب التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة والاستقلال، إضافة إلى انتخاب السيد حسن أقفيش عن حزب جبهة القوى الديمقراطية كاتبا للمجلس بعد حصوله على 28 صوتا، ونائبه.
وكانت لائحة حزب الأصالة والمعاصرة قد فازت ، خلال الأسبوع الماضي في انتخابات مجلس عمالة الدار البيضاء ، بـ 14 مقعدا من أصل 31 المخصصة لأعضاء المجلس، وحل حزب التجمع الوطني للأحرار في المرتبة الثانية بـ 11 مقعدا، تلاه حزب الاستقلال في الصف الثالث بـ 6 مقاعد.
وتمكنت الأحزاب الثلاثة من الظفر بهذه المقاعد بتقاسمها ال136 صوتا المعبر عنها ، والتي توزعت على 60 صوتا للائحة الأصالة والمعاصرة و47 صوتا للتجمع الوطني للأحرار و29 صوتا لحزب الاستقلال. أما فما يخص تمثيل النساء بالمجلس، فقد فازت 12 سيدة بعضوية المجلس، بنسبة ناهزت 39 في المائة.
إن ظاهرة تسييس كرة القدم تعرف انتشارا واسعا بمجموعة من الدول عبر العالم رغم حضرها من طرف الاتحاد الدولي لكرة القدم FIFA ورغم التحذيرات المتواصلة من طرف هذا الأخير للاتحادات والحكومات بمختلف دول العالم بعزل السياسة عن كرة القدم، ورغم العقوبات التي يتم فرضها على مجموعة من الاتحادات المخالفة لتعليمات “الفيفا” كتلك التي سلطت على الكاميرون والنيجر وغيرها كثير من دول العالم سواء بأوربا، أفريقيا، آسيا أو أمريكا الشمالية والجنوبية. إلا أن هذا كله لم يمنع ولم يقلص من هذه الظاهرة التي سيطرت على الرياضة بصفة عامة وكرة القدم على وجه الخصوص. ولعل من بين الدول التي تعشش فيها ظاهرة تسييس كرة القدم نجد المغرب، فالمملكة المغربية هي الأخرى تنتشر فيها ظاهرة مزج السياسة بكرة بشكل كبير ومؤثر على المسار الرياضي لخذا البلد سواء للمنتخبات أو النوادي. والناظر إلى أعلى هرم الكرة المغربية منذ سنة 2009 إلى يومنا هذا يجد أنه محجوز بأسماء رجالات سياسة ذوو انتماء حزبي مختلف والحديث هنا عن الرئيس السابق للاتحاد المغربي علي الفاسي الفهري والرئيس الحالي فوزي لقجع. وحتى رئاسة الأندية المغربية لم تسلم من هذا التسييس الأمر الذي يطرح العديد من التساؤلات .
رياضيون دخلوا مضمار العمل السياسي وفشلوا فشلا ذريعا أو فقدوا وهجهم بسبب سجن أنفسهم بأنفسهم في المكاتب مثل اللاعب التونسي السابق طارق ذياب الذي اختار الانتساب إلى حزب حركة النهضة الإسلامي فعينته حكومة الغنوشي السابقة وزيرا للرياضة، لكن أداءه في أروقة الحكومة لم يكن مثل أدائه على الملاعب. ما يؤكد على ضرورة الانتصار لطلاق بائن بين الرياضة والسياسة.
إن الحديث عن دخول السياسة عالم كرة القدم في المغرب مرتبط بظهور أندية إبان فترة الاستعمار الفرنسي الاسباني لهذا البلد، فتم تأسيس أندية مغربية من قبل مقاومي هذا العدوان بغية السعي للحصول على الاستقلال فكان هدف تأسيس الأندية في هذه الفترة سياسيا محضا فكان ظاهر هاته الفرق لعب كرة القدم القدم إلا أن باطنها يحمل أهداف أخرى أكبر. ومن بين النوادي الأولى التي أسست على هذا المعطى نجد فريق “الراك” سنة 1917 فقد كان أحد أبرز المساهمين في المقاومة الشعبية للاستعمار الفرنسي بمدينة البيضاء وكان قدوة لتأسيس أندية أخرى أتت فيما بعد أيضا لنفس الغاية وبنفس الوسيلة، كالوداد والرجاء والكوكب…، غير أن تعدد الأحزاب بالمغرب جعل كل حزب يحاول تأسيس فريق له فساهم اليساريون في تأسيس فريق الرجاء الرياضي سنة 1949 في شخص المعطي بوعبيد، بينما ساهم حزب الاستقلال في تأسيس فريق الكوكب المراكشي… بينما فرق أخرى تأسست من لدن مقاومين لا منتمين سياسيا لأي حزب، وهكذا بدأ تسييس كرة القدم في المغرب .
بعد حصول المغرب على الاستقلال سنة 1956 تراجعت هذه الظاهرة وبقيت الفرق تمارس كرة القدم بنوع من الاستقلالية عن كل الجوانب السياسية تخللتها فترات عادت فيها الظاهرة لكن بشكل طفيف لا يرقى إلى أهمية بالغة… واستمر الوضع إلى غاية سنة 2009 حيث اعتلى هرم الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم رجل سياسة ينتمي إلى حزب الإستقلال وهو السيد علي الفاسي الفهري “بعد سلسلة من الرؤساء الذين تناوبوا على رئاسة الجامعة من شخصيات مدنية وعسكرية في الغالب” وقد استمر إلى غاية سنة 2013 ثم تلاه أحد قياديي حزب التجمع الوطني للأحرار السيد فوزي لقجع والذي ما يزال مستمرا إلى يومنا هذا على رأسها .
في هذه الفترة قد عادت السياسة إلى كرة القدم بشكل غير مسبوق فقد تسابقت الأحزاب إلى كسب نوادي كرة القدم لأجل نصرتهم في الانتخابات من طرف جماهير هاته الفرق، ولعل أبرز الفرق التي ترأسها سياسيون في هذه الفترة نجد الوداد الرياضي في شخص عبد الإلاه أكرم عن حزب الأصالة والمعاصرة وخلفه بعد رحيله زميله في الحزب سعيد الناصيري، ناهيك عن فريق الرجاء الرياضي الذي ترأسه محمد بودريقة عن حزب التجمع الوطني للأحرار “ولو أنه لم ينضم للحزب إلا في أواخر أيامه بالفريق” ثم خلفه سعيد حسبان عن حزب الحركة الشعبية فيما ترأس إلياس العمري عن حزب الأصالة والمعاصرة شباب الريف الحسيمي وقاد أشرف أبرون المغرب التطواني وهو ينتمي لحزب الاستقلال، ومولود أجف ترأس مولودية العيون عن حزب الحركة الشعبية وأحمد بريجة ترأس الفريق النسوي لوفاء سيدي مومن عن حزب الأصالة والمعاصرة فيما ترأس حسن الفيلالي عن حزب التجمع الوطني للأحرار اتحاد الخميسات ويترأس حاليا سريع واد زم رئيس عن حزب الاصالة والمعاصرة ونفس الأمر بالنسبة لهشام آيت منا رئيس شباب المحمدية عن حزب التجمع الوطني للأحرار، ويبدوا أن الأمين لحزب التجمع الوطني للأحرار لم ينس الفريق الذي أسسه أباه ومازال يدعمه ماديا ومعنويا… ولا يتسع المجال لذكر جميع السياسيين الذين جعلوا من رئاسة النوادي وظيفة لهم فقد أصبحت أغلب نوادي كرة القدم بالمغرب تحت وصاية أحزاب سياسية.
وفي سنة 2015 تم تأسيس العصبة الوطنية الاحترافية لكرة القدم وقد ترأسها رئيس الوداد الرياضي عن حزب الأصالة والمعاصرة فأصبحنا أمام أزدواجية المهام شأنه في ذلك شأن فوزي لقجع رئيس الجامعة ورئيس نهضة بركان وأحد قياديي حزب الأحرار في آن واحد… ناهيك عن الطاقم التسييري والمنخرطين بالنوادي المغربية ممن ينتمون لاحزاب سياسية مختلفة، دون أن ننسى من لهم وظائف كبرى بالعصبة الاحترافية او الجامعة كعادل التويجر عن حزب الأحرار ورئيس اولمبيك خريبكة وغيرهم كثر…. ولعل أبرز أسباب دخول السياسة لمجال كرة القدم كما سبق الذكر بدأت بمحاولة مقاومة الاستعمار قبل الحصول على الاستقلال أما بعد هذه الفترة فقد أصبحت غير ذلك فأصبح البحث عن شعبية وأصوات من جماهير الفرق الوطنية لأجل الانتخابات ولأجل الوصول الى السلطة فيعتبر هذا سببا وجيها في تسييس كرة القدم بالمغرب .