الناصيري رئيس نادي الوداد المعتقل يطلب أن يُنقل إلى المستشفى للخروج من السجن ؟!

0
310

قالت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج إنها رفضت طلب سعيد الناصيري المتابع على خلفية ملف “إسكوبار الصحراء” للخروج من أجل تلقي العلاج، بسبب رفضه إحضار الملف الطبي للمرض الذي يدعي أنه مصاب به، بحجة أنه لا يمكن أن يسر بمرضه لطبيبة المؤسسة.

وأضافت المندوبية في بلاغ لها أنه تم إبلاغ الناصيري بأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال إخراجه للاستشفاء خارج المؤسسة دون الإدلاء بملف طبي، وأن قرار إخراجه يتخذ من طرف طبيب المؤسسة وليس من أي طرف طبي خارج المؤسسة، وذلك بناء على المعطيات المضمنة في ملفه الطبي، وذلك وفقا للمقتضيات القانونية المنظمة للرعاية الصحية بالمؤسسات السجنية.

وأفادت المندوبية أن المعني قد استفاد من عدة استشارات طبية داخل المؤسسة، تم على إثرها منحه الأدوية المناسبة لحالته الصحية.

وقالت إنه “حاول مرارا الضغط على طبيبة وإدارة المؤسسة من أجل إخراجه إلى المستشفى الخارجي ضدا على المقتضيات القانونية المذكورة، كما أنه عمل على تحريض الموظفين على عدم القيام بالمهام المنوطة بهم داخل المؤسسة”.

واعتبارا لذلك، يضيف البلاغ، فستتخذ إدارة المؤسسة السجنية الإجراءات التأديبية اللازمة في حق المعني بالأمر لردعه وحمله على احترام مقتضيات النظام الداخلي للمؤسسة.

واعتبرت المندوبية أن الحالة الصحية للسجين المعني عادية، إذ إنه يتحرك داخل المؤسسة بشكل عادي، بل إنه يقضي ساعات طويلة في التخابر مع أعضاء فريق دفاعه الذين يتناوبون على زيارته دون تعب أو كلل.

وخلصت المندوبية إلى القول بأن “لجوء دفاع السجين المذكور إلى نشر ادعاءات غير صحيحة بخصوص وضعه الصحي وتعامل مصلحة الرعاية الصحية معه في وسائل الإعلام، وكذا ربط كل هذا بمسار ملفه القضائي في مرحلة التحقيق، لن يجدي نفعا، وأن هذه المناورات لن تثني إدارة المؤسسة عن تطبيق القانون واتخاذ جميع الإجراءات الضرورية لضمان سيادة القانون داخل المؤسسة دون تقصير أو تمييز”.

وتعود تفاصيل القشة التي قصمت ظهر البعير

مجلة “جون أفريك” الفرنسية كانت سباقة في إثارة ملف “إسكوبار الصحراء” الذي تسبب في اعتقال القيادي في حزب “الأصالة والمعاصرة” المشارك في الحكومة، عبدالنبي بعيوي، وأيضاً رئيس فريق الوداد الرياضي البرلماني سعيد الناصري، فضلاً عن سياسيين ورجال أعمال آخرين، بتهم عدة أبرزها الإتجار الدولي بالمخدرات والتزوير والنصب.

وسردت المجلة الفرنسية قصة حياة “إسكوبار الصحراء” الذي حرك في الفترة الأخيرة المشهد السياسي والاقتصادي في المغرب، باتهامه المباشر لشخصيات معروفة بالتورط معه في الإتجار الدولي بالمخدرات، أو بالتزوير للاستيلاء على ممتلكات عقارية.

وتفيد المعطيات بأن القصة بدأت حين التقى مربي الإبل أحمد ابن إبراهيم بمواطن فرنسي كان تائهاً بين كثبان الرمال الصحراوية في سباق رالي “باريس دكار” للسيارات، فقدم له المساعدة وقاده إلى بر الأمان وأنقذه ربما من الهلاك في وسط الصحراء.

السائح الفرنسي شكر أحمد على جميله، وأهداه سيارته لبيعها، وهو ما قام به بالفعل بعد بضعة أسابيع، لكن راعي الجمال فاجأ المواطن الفرنسي بأن أرسل له ثمن السيارة، ليعجب هذا الأخير بالشاب “المالي”، ويعتبره “رجل ثقة”.

ويبدو أن السائح الفرنسي استدعى أحمد إلى بلاده، وفق المصادر ذاتها، ليكافئه على شهامته وأمانته، فأدخله في مشاريع خاصة بالتجارة بالسيارات عبر الاستيراد والتصدير بين أفريقيا وأوروبا، ليتعلم سريعاً بفضل ذكائه “أسرار وحيل” النقل والجمارك.

سيارات وذهب ومخدرات

لم يكتف أحمد بالبيع والشراء بالسيارات وتهريبها أيضاً، بحسب المصادر ذاتها، فجرب نقل الذهب بين البلدان الأفريقية، معتمداً على معرفته الكبيرة بالأرض ولهجات القبائل والمناطق الأفريقية، خصوصاً في منطقة الساحل جنوب الصحراء.

وانتشر اسمه بقوة داخل القارة الأفريقية، لتصل أخباره ومهارته التجارية في المعاملات المختلفة إلى شخصيات وازنة، من قبيل سيف الإسلام القذافي، ابن الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، وآخرين باتوا يطلبون خدمات شبكة “إسكوبار الصحراء”.

ووجد هذا الشاب في هذه المناطق الأفريقية أرضاً خصبة لتحقيق أحلامه ومراكمة ثرواته الشخصية في أنشطة التهريب، فانتقل إلى مرحلة ثالثة (بعد السيارات والذهب) ليجرب المخدرات، ومنها على وجه الخصوص الكوكايين.

تورد “جون أفريك” أن “إسكوبار الصحراء” صار في هذه المرحلة ينقل المخدرات الصلبة جواً على متن طائرات صغيرة من أميركا اللاتينية، لا سيما من كولومبيا وغيرها، إلى بلدن غرب أفريقيا، خصوصاً ساحل العاج وغينيا وسيراليون، وبراً إلى الجزائر ومصر عبر مالي، أو بحراً إلى المغرب ثم أوروبا.

ويبدو أن “إسكوبار الصحراء” اقتحم حتى أسوار بوليفيا بفضل تلك التجارة، ونسج علاقات متشابكة هناك مع ضباط كبار في الجيش البوليفي، وفق رواية المجلة، ليرتبط عاطفياً بابنة جنرال بوليفي، في علاقة انتهت بالزواج.

والمثير أن زيجات “إسكوبار الصحراء” لا تدوم كثيراً، حيث لا تنتهي قصة زواج له حتى تبدأ أخرى في بلدان عدة، حتى قيل إن له أبناء في كل بلد حل فيه. وفي المغرب مثلاً تزوج بالفنانة المعروفة لطيفة رأفت، غير أن زواجه منها لم يدم سوى أشهر قليلة قبل أن يتم الطلاق.

بين البداية والنهاية

يعلق في هذا الصدد الباحث المغربي محمد شقير بالقول إن هذا التحول من راعي جِمال إلى أكبر بارون للمخدرات يمتلك ثروة تقدر بملايين الدولارات لم يكن صدفة، بل هو مرتبط بالأساس بمنطقة تجارية استراتيجية كانت دائماً تشكل مصدر ثروة للدول والسلاطين، فهي كانت “طريق تصدير العبيد والذهب من أفريقيا إلى أوروبا واستيراد الملح وبقية المنتجات”.

وتابع شقير شارحاً “لا تزال هذه المنطقة التي تحظى بأهمية استراتيجية تشهد عمليات تهريب بمختلف أنواعها، بما فيها الإتجار بالمخدرات بخاصة أن الدول المحيطة لا تتوافر على الإمكانيات للسيطرة على مجالها الترابي”.

وأردف المتحدث بأن “الحاج أحمد ابن إبراهيم ينتمي إلى مالي التي تعد جزءاً من هذه المنطقة الرخوة أمنياً، والغنية تجارياً، وخبرته في رعي الجمال أتاحت له التعرف إلى مسالك الصحراء التي استغلها في التجارة غير الشرعية، المتمثلة في تهريب الذهب، والهجرة السرية، والإتجار بالمخدرات والسلاح، وتهريب السيارات”.

ولفت شقير إلى أن تهريب السيارات مكن “إسكوبار الصحراء” من الحصول على “رصيد مالي دفعه إلى الانخراط في تجارة المخدرات التي تشكل فيها منطقة الساحل منصة متحركة بين أوروبا وأميركا اللاتينية، المصدر الأساسي لإنتاج الكوكايين وتصنيعه، ومقر أكبر بارونات المخدرات الصلبة في العالم”.

واستطرد “سلك الرجل خطة بارونات كولومبيا في الحصول على تغطية سياسية على أعمالهم، من خلال ربط علاقات وطيدة مع شخصيات سياسية سواء في بعض دول أميركا اللاتينية مثل بوليفيا وغيرها، أو ربط علاقات مع زعماء أفارقة، إضافة إلى تبيض أمواله في شراء أملاك وعقارات خاصة”.

واعتبر شقير أن انخراط أحمد ابن إبراهيم في شبكة الاتجار في “القنب الهندي” والمشاركة في تهريبه من المغرب إلى أوروبا، وخلق شبكة من العلاقات مع شخصيات سياسية وحزبية وأمنية، كلها عوامل مكنته من مراكمة ثرواته التي استغلها في تبيض أمواله من خلال اقتناء عقارات وأملاك في المغرب.

وخلص المتحدث إلى أن نهاية “إسكوبار الصحراء” تشبه كثيراً نهاية جميع البارونات، فقد تم اعتقاله ومحاكمته في موريتانيا، ليتم في ما بعد اعتقاله بسجن الجديدة بالمغرب بعد أن تم التحايل عليه من طرف نفس الشبكة السياسية التي كانت تسهل تجارته في المخدرات، بهدف الاستيلاء على ممتلكاته في بعض مدن المملكة.