النيابة العام تمهد لقوانين بشأن كفالة الأطفال المهملين في المغرب

0
254

تتوقع “الجمعية المغربية لليتيم” (غير حكومية)، أن يصل في أفق 2030 عدد الأطفال المُتخلّى عنهم “إلى 86 ألفا و400 طفل متخلى عنه لا يتعدى 10 سنوات، و155 ألفا و520 طفل متخلى عنه لا يتعدى 18 سنة”.

الرباط – قدمت رئاسة النيابة العامة، اليوم الاثنين بالرباط، دليلها بشأن كفالة الأطفال المهملين، تم إعداده في إطار تطبيق القانون رقم 15.01 المتعلق به ومبادرات للنيابة تهم تحسين نظام كفالة هؤلاء الأطفال .

وتم إعداد الدليل الذي يقع في 240 صفحة والذي يعتبر ثمرة تعاون مع صندوق منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونسيف) ومفوضية الاتحاد الأوروبي بالمغرب، من قبل لجنة علمية تضم نخبة من القضاة بالنيابة العامة.

وإلى جانب مقتضيات تمهيدية وإطار مفاهيمي ، يتمحور الدليل حول أربعة محاور رئيسية تتمثل في تدخل النيابة العامة في دعوى التصريح بالإهمال وأثناء مسطرة الكفالة و تدخل النيابة العامة خلال مرحلة نفاذ الكفالة أو انقضائها وتطبيق قانون الكفالة على الأطفال المهاجرين غير المرفقين ودور النيابة العامة في كفالة الأطفال المغاربة بالخارج.

وفي مداخلة له بهذه المناسبة ، أبرز الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة الحسن الداكي أن هذا الدليل هو ثمرة لمجهود كبير يتوخى توفير وثيقة مرجعية بخصوص الإجراءات المسطرية لكفالة الأطفال المهملين ووضع تصور واضح موحد للأدوار المختلفة للنيابة العامة في نظام الكفالة.

وقال إن هذا الدليل يستهدف إضافة إلى ذلك التذكير بمختلف القوانين والإجراءات المتعلقة بالحماية المدنية والجنائية للطفل إعمالا لمصلحته الفضلى، مضيفا أن من أهدافه الأساسية تشجيع التنسيق مع مختلف الفاعلين والمتدخلين في الموضوع، والمساهمة في العمل المشترك، تجسيدا لالتزام رئاسة النيابة العامة بمقتضيات الفصل الأول من الدستور المتعلق بالتعاون بين السلطات.

وتوفر النيابة العامة للقضاة هذا الدليل العملي المرشد لأدوارهم في توفير حماية فعالة للأطفال المحرومين من الأسرة.

من جانبها، قالت ممثلة منظمة اليونسيف جيوفانا باربريس، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء على هامش هذا اللقاء، أن هذا الحدث الوازن يمثل مساهمة مهمة لتعزيز وتقوية نظام حماية الأطفال ، لاسيما الأكثر هشاشة.

وأبرزت أن إصدار هذا الدليل الذي جرى تنفيذه بالكامل من قبل النيابة العامة بتنسيق مع العديد من الشركاء ، خاصة الاتحاد الأوروبي ، يهدف إلى وضع رهن إشارة مختلف المتدخلين القانونيين والاجتماعيين أدوات عملية ومنسجمة من أجل معالجة حالات أطفال أكثر هشاشة ، لاسيما المحرومين من أسرهم والمهاجرين غير المرفوقين.

وقالت المسؤولة الأممية، ” إنه تقدم كبير” ، مهنئة النيابة العامة لإصدار هذا الدليل الذي سينضاف لجهود الحكومة من أجل حماية أفضل للأطفال الذين في وضعية هشاشة.

من جانبه، قال الوزير المستشار بمفوضية الاتحاد الأوروبي بالمغرب، جان كريستوف فيلوري أن الاتحاد الأوروبي منخرط جدا مع اليونيسيف ولدى رئاسة النيابة العامة من أجل إحراز تقدم قضية حقوق الأطفال ، الذي يمثلون إحدى الأولويات الكبرى للاتحاد ، معتبرا أن “إصدار هذا الدليل يمثل محطة مفصلية في النهوض بحماية الطفولة في المغرب”.

وتم خلال هذا اللقاء الذي التأم خلاله ثلة من الفاعلين العموميين والخواص المعنيين ببرنامج كفالة، تقديم ثلاثة عروض تهم المحاور الرئيسية للدليل.

وتم إطلاق برنامج “كفالة” بتنسيق مع ثلاثة عشر قطاعا وزاريا، وخمس مؤسسات عمومية تابعة للقطاعات الوزارية أو تحت إشرافها، والسلطة القضائية، ورئاسة النيابة العامة، والمرصد الوطني للتنمية البشرية، والمرصد الوطني لحقوق الطفل، والعصبة المغربية لحماية الطفولة، و51 جمعية عاملة في مجال الطفولة، ومنظمة اليونيسيف.

ويقترح مشروع برنامج (كفالة) 68 تدبيرا، وذلك بغية تحقيق مجموعة من الأهداف التي تتعلق بالوقاية من الإهمال، وتوفير حماية ورعاية ملائمة للأطفال المحرومين من السند الأسري، وتطوير منظومة الكفالة والرعاية وتسريع مساطرها، وتعزيز التتبع والمراقبة، والرفع من عدد الأسر المغربية التي تتولى كفالة ورعاية الأطفال المحرومين من السند الأسري، فضلا عن توفير المعرفة حول وضعية الأطفال المحرومين من السند الأسري.

في رصد السّياقات الاجتماعية المنتجة لظاهرة الأطفال المُتخلّى عنه، نجد أنه “غالبا ما يتم العُثور على الرضع المُتخلّى عنهم في القمامة أو الغابة أو بمحاذاة الطريق، أو يتم تركهم في المستشفى مباشرة بعد الولادة من طرف الأمهات اللواتي يُقدمن على هذا الفعل لأسباب عديدة ومتنوعة”، يؤكد هشام بوقشوش، الأستاذ والباحث في علم الاجتماع، لموقع “سكاي نيوز عربية”.

وأوضح  ياسين رفيع بنشقرون، رئيس الجمعية المغربية لليتيم، أن هذه الأسباب “تدور ضمن ما العلاقات الرضائية أو بالتورط غير المستوعب أو الحمل غير المخطط له، أو غير المعترف به اجتماعيا أو دينيا أو التنكر من الشريك أو المُتعة العابرة أو الحاجة المادية لأسباب مرتبطة بالجانب الاقتصادي، أو بشكل نادر بسبب الاغتصاب، وكثيرا منها تحت طائلة الانسياق بالوعد بالزواج”.

كما يمكن أن يكون سبب التخلي عن الأطفال، “نتيجة اليتم أو عجز الآباء عن رعاية أبنائهم، أو يكون آباؤهم منحرفين ولا يقومون بواجبهم في رعايتهم وتوجيههم، أو قضاء الوالدين لعقوبة سجنية طويلة الأمد”، يردف الباحث في علم الاجتماع.

وقال المصدر نفسه: “هؤلاء الأطفال يجدون أنفسهم أمام خيارات محدودة؛ إما بإيداعهم في دور للحضانة ولدى جمعيات حماية الأطفال إلى أن يبلغوا سناً معينة يتحملون فيها مسؤوليتهم”، مستدركا أنه “إن كانت هذه دور الرعاية الاجتماعية ضرورة فإنها لن ترقى لتعويض الفضاء الأسري الطبيعي الذي يحتاجونه، إلا أنها توفّر لهم شروط الإقامة الضرورية وتؤمّن لهم الرعاية”.

ويبقى “أفضل الخيارات بالنسبة للمتخلى عنهم هو التّبني، لكنه يظل ضيّقا لكون التّكفل بالأطفال في المغرب يتم من طرف أسر رغابة في ذلك، إلا أن ذلك يتم وفق مسطرة وشروط صارمة منصوص عليها في القانون رقم 15.01 المتعلق بكفالة الأطفال المُهملين”، وفق هشام بوقشوش، الباحث في علم الاجتماع.