“الهجرة السرية: هل هي نتيجة للقوى الخارجية، التحديات الاقتصادية المحلية، أم قصور السياسات الحكومية في معالجة البطالة؟”

0
217

في ظل التحديات الكبيرة التي تواجه الشباب المغربي، أصبح البحث عن فرص جديدة خارج حدود الوطن خيارًا جذابًا للكثيرين، خصوصًا في ظل ارتفاع معدلات البطالة والفقر. إذ تعاني نسبة كبيرة من الشباب المغربي من نقص حاد في الفرص التعليمية والمهنية، مما يخلق لديهم شعورًا بالإقصاء والإحباط. في هذا السياق، يُعتبر الوصول إلى أوروبا حلمًا للكثيرين، خصوصًا من خلال الهجرة غير الشرعية، وتحديدًا عبر الثغرات الحدودية مثل سبتة المحتلة.

خلفيات الأزمة

وفقًا لدراسة حديثة من المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالمغرب، هناك حوالي 1.5 مليون شاب وشابة تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عامًا يُعرفون بفئة “NEET”، أي بدون عمل، ولا تعليم، ولا تدريب. إذا تم توسيع النطاق ليشمل الفئة العمرية ما بين 15 و35 سنة، يصل العدد إلى 4.3 مليون شاب.

هؤلاء الشباب لا ينتمون إلى الساكنة النشيطة، بمعنى أنهم لا يبحثون حتى عن فرص العمل، وهذا يعكس حالة من الإحباط واليأس، مما يجعلهم أهدافًا سهلة لدعوات الهجرة غير المشروعة.

الأسباب الرئيسية

تشير الدراسات إلى أن الأسباب الرئيسية وراء هذه الظاهرة تشمل:

  • البطالة: يعاني الشباب المغربي من معدل بطالة مرتفع، حيث أن غياب فرص العمل الجيدة يتركهم بلا خيارات.

  • التعليم الضعيف: يُعد الهدر المدرسي أحد الأسباب البارزة التي تدفع بالشباب إلى العزوف عن المشاركة في الحياة التعليمية والمهنية. حوالي 60% من الشباب يرون في التعليم غير الفعّال عاملاً رئيسيًا وراء وضعهم الحالي.

  • الزواج المبكر: يُسهم الزواج المبكر، خاصة بالنسبة للفتيات، في تعطيل مسارات التعليم والعمل، حيث أن 20% من المستجوبين أشاروا إلى أن الزواج المبكر يُساهم في خلق هذه الوضعية.




الهجرة: الحل أم التهرب؟

يُعد البحث عن أفق أفضل في أوروبا هدفًا يسعى إليه الكثيرون في المغرب، وقد تعزز هذا الاتجاه بسبب تأثير وسائل التواصل الاجتماعي، التي تعمل على تضخيم صورة الحياة المثالية في أوروبا. ومع ذلك، ما يغيب عن هؤلاء الشباب هو المخاطر الهائلة التي تحيط بمحاولات الهجرة غير النظامية، بدءًا من التجاهل التام للقوانين، وصولاً إلى احتمالات التعرض للعنف، أو حتى الموت في البحر المتوسط.

لكن هل هذه الظاهرة تعود فقط إلى الفقر؟ أم أن هناك جهات معينة تستغل هذا الوضع؟ قد تكون هناك قوى خارجية، سواء سياسية أو اقتصادية، تعمل على تأجيج الرغبة في الهجرة، سواء من خلال الحملات التحريضية على منصات التواصل أو عبر شبكات التهريب المنظمة.

دور الحكومة والإعلام

من الواضح أن هناك فجوة معلوماتية بين الشباب والحكومة. فحوالي 78% من الشباب الذين شملتهم الدراسة لم يكونوا على علم بوجود برامج حكومية لدعمهم. هذا يطرح سؤالًا حول فعالية البرامج الحكومية الموجهة لهذه الفئة وكيفية تحسين التواصل معها. كما أن للإعلام دورًا محوريًا في نشر المعلومات والتوعية، ولكن تظل قدرته على الوصول إلى الشباب وتأطير أحلامهم محدودة مقارنة بتأثير وسائل التواصل الاجتماعي.

الخلاصة

في ظل هذه المعطيات، يصبح من الواضح أن الحل لا يكمن في محاولات الهجرة غير المشروعة، بل في معالجة الأسباب الجذرية التي تدفع الشباب نحو هذا الخيار الخطير. هل ستتمكن الحكومة المغربية من وضع سياسات كفيلة بخلق فرص للشباب؟ وهل يمكن الحد من تأثير العوامل الخارجية التي تغذي رغبة الهجرة؟

الأيام القادمة ستكشف إذا ما كانت الإجراءات المتخذة ستنجح في إعادة الأمل لهؤلاء الشباب، أو أن الأزمة ستستمر في التفاقم.