الهدر المدرسي في المغرب: تحدي يواجه المنظومة التعليمية – تساؤلات حول الأسباب والحلول

0
125

رغم التقدم الذي حققته المنظومة التعليمية في المغرب على صعيد ولوج الأطفال إلى المدارس والمساواة بين الجنسين، يبقى الانقطاع الدراسي عقبة كبيرة تُهدد مستقبل الأجيال الصاعدة، مما يثير تساؤلات حول أسباب فشل الإجراءات الحكومية في التصدي لهذه الظاهرة المتفاقمة.

مؤشرات مقلقة رغم التقدم الطفيف

بحسب التقرير السنوي الصادر عن المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، فقد بلغ عدد التلاميذ المنقطعين عن الدراسة في مختلف المستويات التعليمية خلال الموسم الدراسي 2022/2023 حوالي 294,458 تلميذًا، مقارنةً بـ 334,664 في الموسم السابق.

ورغم هذا التراجع، يظل معدل الهدر المدرسي مرتفعًا، ويزيد بشكلٍ مقلق عن المعدلات المسجلة في مواسم دراسية سابقة، مما يطرح السؤال: ما الذي يحول دون تحقيق تقدم ملحوظ في هذا المجال؟

هل يتعلق الأمر بضعف التدابير المعتمدة؟ أم أن هناك عوامل أخرى تؤثر في استمرارية الأطفال داخل النظام التعليمي مثل الفقر أو العوامل الاجتماعية والثقافية؟

تصاعد الظاهرة: ما وراء الأرقام؟

رغم الإجراءات الحكومية التي تهدف للحد من هذه الظاهرة، يشير “الأطلس المجالي الترابي” إلى تزايد سنوي في معدلات الانقطاع الدراسي. هذا التصاعد يستدعي التفكير في نوعية التدابير المعتمدة وفي فعالية البرامج الحالية.

هل هناك خلل في تطبيق السياسات التعليمية؟ أم أن هناك نقصًا في الموارد أو الرؤية الشاملة لمعالجة هذه الظاهرة بعمق؟

يجب هنا أن نتساءل عن الأدوار المتداخلة للمجتمع المدني والقطاع الخاص في دعم التعليم، وعن مدى مساهمتهم في الحد من الانقطاع المدرسي.

هل الجهود الموجهة كافية؟ أم أن هناك حاجة لتبني سياسات جديدة تأخذ في الاعتبار التحديات التي يواجهها الأطفال، خاصة في المناطق النائية والمهمشة؟

ما هي الأسباب؟

التساؤلات هنا لا تنتهي: كيف يمكن تفسير استمرار هذا الهدر المدرسي على الرغم من الجهود المبذولة؟ التقرير يبرز أن بعض التدابير الحكومية لم تأتِ بالنتائج المرجوة.

لماذا إذن تفشل السياسات المتبعة في كبح هذه الظاهرة؟ هل هو قصور في التنفيذ أم أن هناك عوامل أخرى لم يتم أخذها بعين الاعتبار؟

رغم تراجع طفيف في عدد المنقطعين مقارنةً بالموسم السابق، إلا أن هذا الانخفاض لا يزال غير كافٍ لتغيير الاتجاه السلبي.

إذ إن معدل الهدر المدرسي ظل أعلى من ما كان عليه في مواسم سابقة مثل 2020/2021، مما يعكس استمرارية التحدي.

ما وراء الأرقام: التأثير المجالي والاقتصادي

تقرير “الأطلس المجالي الترابي” يوضح تصاعد الانقطاع الدراسي سنويًا في العديد من المناطق، مما يثير تساؤلات حول الفوارق المجالية ودور البيئة المحيطة في هذه الظاهرة.

هل تعاني بعض الجهات أكثر من غيرها بسبب البنية التحتية أو الظروف الاقتصادية؟ هل تمثل الظروف الاجتماعية في المناطق القروية عاملًا أساسيًا في زيادة الهدر المدرسي؟

الهدر في التعليم العالي: هل تتغير الأسباب؟

الأزمة لا تقتصر فقط على التعليم الأساسي، بل تمتد إلى التعليم العالي. وفقًا للتقرير، يبلغ معدل الانقطاع عن الدراسة في التعليم الجامعي ذو الاستقطاب المفتوح 25% في السنة الأولى، ويرتفع إلى 40.2% بعد سنتين، وهو ما يضع تساؤلات جادة حول فعالية النظام التعليمي الجامعي. ما هي العوامل التي تدفع الطلاب إلى ترك الجامعة؟ هل ترتبط بصعوبة المناهج، أو نقص الدعم المالي والأكاديمي، أم أن هناك تحديات أخرى مثل ضعف التأهيل المهني للطلاب بعد التخرج؟

تحديات المستقبل: هل من حلول؟

مع اعتبار الانقطاع المدرسي التحدي الأكبر الذي يواجه النظام التعليمي في المغرب، تتزايد الحاجة إلى حلول مبتكرة وشاملة.

ولكن، كيف يمكن تحسين الوضع؟ هل تحتاج الحكومة إلى تعزيز التعاون بين القطاعات المختلفة؟ وكيف يمكن تطوير نظام تعليمي أكثر مرونة يدعم الطلاب ويحفزهم على مواصلة الدراسة؟

ختامًا، يجب أن يكون التركيز على إعادة صياغة سياسات التعليم بطريقة تضمن تقديم دعم شامل ومستدام للأطفال والشباب على حد سواء، مع التركيز على معالجة الأسباب الجذرية للهدر المدرسي، كي نتمكن من بناء جيل قادر على قيادة التنمية في المستقبل.