“الهروي شو” يضيء سماء الكوميديا المغربية: الزبير هلال يبهر جمهور الدار البيضاء بمزيج من السخرية والتأمل

0
148

من قلب الدار البيضاء، وتحديدًا من قاعة ميغاراما الشهيرة، وقف الكوميدي الصاعد الزبير هلال بثقة لافتة أمام جمهور متعطش للضحك، ليقدم عرضه الثاني من سلسلة “الهروي شو”، الذي لم يكن مجرد عرض فكاهي عابر، بل لحظة فنية فريدة جمعت بين الكوميديا الساخرة والبُعد الإنساني العميق.

الزبير هلال، الذي بدأ يشق طريقه بثبات داخل المشهد الكوميدي المغربي، اختار هذه المرة أن يجعل من تجربته الشخصية مادة خامًا لسردية ساخرة، لكنها في الوقت نفسه محفزة للتفكير. فهل نحن أمام موجة جديدة من الكوميديا المغربية، لا تكتفي بالإضحاك، بل تدعو إلى التأمل في تفاصيل الحياة اليومية، ومفارقاتها المؤلمة أحيانًا؟

كوميديا بتوقيع جماعي ورؤية مسرحية محترفة

ما ميّز العرض لم يكن فقط براعة الزبير في تشخيص المواقف، بل أيضًا الأداء الجماعي المنسجم لفريق العمل، والإخراج المسرحي المحترف لعشيق عبد الفتاح، المدعوم بلمسات سينوغرافية من أنور الزهراوي، وموسيقى حية من توقيع ترجوماني ياسر، أسهمت جميعها في خلق عرض متكامل بصريًا وفنيًا.

في الخلفية، وقف أمين عيسى كمشرف على الإدارة الفنية الإبداعية، بينما تولى عبد الله جوتي الإدارة التنفيذية، والإخراج العام لأمين ناسور. أما على الخشبة، فقد شارك زهير آيت بنجدي، محمد شاهير، إسماعيل العلوي، وأشرف مصيح، مقدمين أداءً تفاعليًا أضفى طاقة إضافية على المسرح.

جولة وطنية… وكوميديا تحمل توقيع هوية جديدة

نجاح العرض لم يكن مفاجئًا لمن تابع تطور الزبير هلال في السنوات الأخيرة. فهو ينتمي إلى جيل جديد من الكوميديين المغاربة الذين يسعون إلى تجاوز الكوميديا النمطية، ويقترحون عوضًا عنها عوالم أكثر قربًا من الواقع، وأكثر جرأة في طرح الأسئلة. هل أصبحت الكوميديا المغربية في حاجة إلى هذا النوع من الجرعات “الواعية” التي تحترم ذكاء الجمهور وتخاطب وجدانه؟

استعداد هلال لتوسيع عروض “الهروي شو” ليشمل مدنًا أخرى مثل مراكش (18 أبريل)، الرباط (25 أبريل)، ومرة أخرى مراكش في 3 ماي، ضمن جولة وطنية، هو إشارة قوية إلى أنه لا يرى في الكوميديا مجرد لحظة ترفيه، بل مشروعًا فنيًا متكاملًا يستحق أن يُبنى عليه.

في الختام، لا يمكن اعتبار “الهروي شو” مجرد عرض ناجح ضمن أجندة فنية. بل هو تجربة مسرحية تُكرّس حضور الزبير هلال كصوت واعد، قادر على نقل الكوميديا المغربية إلى مستوى أكثر نضجًا وتفاعلاً مع تحولات المجتمع. والسؤال الآن: هل نحن بصدد ولادة موجة جديدة من الكوميديا المعاصرة؟ وهل يفتح “الهروي شو” الباب أمام إعادة تعريف وظيفة الضحك في المشهد الثقافي المغربي؟