الوحدة الترابية أولاً: إيران والمغرب بين توترات الماضي وآفاق المصالحة

0
157
صورة: أرشيف

تبدو العلاقات المغربية الإيرانية في مسار متذبذب، حيث تداخلت الأبعاد السياسية والدبلوماسية مع الديناميات الإقليمية والدولية لتشكيل مشهد معقد. فمنذ قرار المغرب قطع العلاقات مع إيران عام 2018 بسبب ما وصفته المملكة بـ”دعم طهران لجبهة البوليساريو” عبر حزب الله، عادت التساؤلات حول إمكانية تطبيع العلاقات بين البلدين في ظل التحولات الجيوسياسية الراهنة.

اشتراط مغربي واضح

أكد المغرب، كما هو متداول في الأوساط السياسية، أنه لا عودة للعلاقات مع إيران إلا باحترام الوحدة الترابية للمملكة والاعتراف بسيادتها على الصحراء المغربية. هذا الشرط يعكس سياسة مغربية ثابتة في الدفاع عن القضايا السيادية، خاصة في ظل التدخلات الإيرانية التي أثارت استياء المغرب وحلفائه الخليجيين.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل لدى إيران مصلحة استراتيجية في دعم جبهة البوليساريو، أم أن هذا الدعم كان خطوة تكتيكية بحتة للتعبير عن غضبها من التقارب المغربي مع خصومها الإقليميين؟

البعد الإقليمي والدولي

شهدت السنوات الأخيرة انخراط إيران في صراعات إقليمية عديدة، مما أثار قلق العديد من الدول العربية، بما فيها المغرب. وتزامن هذا مع محاولات إيرانية لتوسيع نفوذها في إفريقيا، حيث تعد القارة السمراء سوقًا واعدة للبضائع الإيرانية، وفرصة لتوسيع العلاقات الاقتصادية. لكن السياسات الإيرانية، التي تتداخل أحيانًا مع الأبعاد الدينية، جعلتها في مواجهة مستمرة مع الدول العربية الرافضة للتدخلات الخارجية.

تساؤلات مشروعة

  • إذا كانت إيران تسعى لتطبيع العلاقات مع المغرب، فهل هي مستعدة لتقديم ضمانات بعدم التدخل في شؤون المملكة أو دعم خصومها؟

  • كيف يمكن للمغرب الاستفادة من أي تقارب محتمل مع إيران دون المساس بعلاقاته مع حلفائه الإقليميين والدوليين، خاصة الولايات المتحدة وإسرائيل؟

الدور الجزائري في المعادلة

يُتهم النظام الجزائري باستخدام العلاقات الإيرانية لتأجيج النزاع حول الصحراء المغربية. وتُظهر التقارير دورًا جزائريًا في تعزيز العلاقات بين البوليساريو وإيران، ما يجعل التقارب المغربي الإيراني تحديًا معقدًا قد يُفسر من الجانب الجزائري كخسارة استراتيجية.

لكن هل يمكن لإيران فعلاً التخلي عن علاقاتها مع الجزائر لصالح التقارب مع المغرب؟ وما التداعيات المحتملة لذلك على مصالحها الإقليمية؟

أفق المصالحة

التغيرات الجيوسياسية، خاصة في ظل التحولات الأخيرة في الشرق الأوسط والمفاوضات الإيرانية مع الولايات المتحدة، قد تدفع إيران إلى مراجعة سياستها الخارجية. ومن جهة أخرى، يبقى المغرب متمسكًا بشروطه الواضحة، التي تنطلق من مبادئه السيادية الراسخة.

فهل يمكن للطرفين تجاوز العثرات الماضية وبناء علاقة مبنية على الاحترام المتبادل؟ أم أن المصالح المتضاربة ستظل حاجزًا أمام أي تقارب مستقبلي؟

خلاصة

العلاقات المغربية الإيرانية تشكل نموذجًا لتشابك المصالح الإقليمية والدولية، حيث تلعب القضايا السيادية دورًا محوريًا في تحديد مساراتها. ومع استمرار التطورات الراهنة، تبقى الوحدة الترابية للمغرب خطًا أحمر، فيما تواجه إيران تحديات إثبات نواياها الصادقة.

يبقى السؤال الأهم: هل يمكن للمرحلة القادمة أن تشهد تحولات جذرية تفتح صفحة جديدة بين البلدين، أم أن المصالح المتناقضة ستبقيهما على طرفي نقيض؟