في افتتاح ندوة إطلاق برنامج تعزيز القدرات في مجال استخدام أدلة الطب الشرعي وفقًا لبروتوكول إسطنبول المعدل، قدّم السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، ورئيس النيابة العامة، خطابًا يؤكد على الالتزام الراسخ للمملكة المغربية في مجال حقوق الإنسان.
تناول الخطاب عددًا من النقاط المهمة التي تستحق النظر من زاوية صحافة الحلول، مع توضيح الرؤية وطرح الأسئلة حول الفعالية والتحديات في تطبيقها.
الإطار القانوني ودور النيابة العامة
بدأ الخطاب بالتأكيد على أهمية تعزيز قدرات القضاة في مجال حقوق الإنسان، حيث جاء البرنامج في سياق التزامات المغرب الدولية وضمن استراتيجية لتعزيز دور النيابة العامة في مكافحة التعذيب. كما أشار إلى أن دستور 2011، الذي يعد حجر الزاوية في حماية الحقوق والحريات، يتضمن ضمانات واضحة لحماية المواطنين من التعذيب وسوء المعاملة.
السؤال المطروح هنا: كيف يمكن تفعيل تلك الضمانات على أرض الواقع؟ فالنيابة العامة لها دور محوري في تطبيق القوانين وضمان حقوق المتهمين، لكن التحدي يكمن في تحويل النصوص الدستورية إلى إجراءات عملية يلمسها المواطنون.
بروتوكول إسطنبول ودوره في تعزيز العدالة
أوضح الخطاب أن بروتوكول إسطنبول المعتمد منذ 1999 يُعد مرجعًا دوليًا في التحقيق والتقصي عن حالات التعذيب. يسعى البرنامج التكويني إلى تطوير قدرات القضاة والفاعلين الآخرين في توظيف أدلة الطب الشرعي في قضايا التعذيب.
هنا يبرز تساؤل مهم: هل يتوفر لدى القضاة والشرطة القضائية الخبرة الكافية في التعامل مع الأدلة الطبية؟ وما هي الأدوات التي تحتاجها مؤسسات العدالة لتوظيف بروتوكول إسطنبول بشكل فعال في تحقيقاتها؟
التدريب والتكوين: استدامة أم تحدٍ مؤقت؟
ركز السيد الوكيل العام على أهمية التدريب والتكوين المستمر، مشيرًا إلى أن البرنامج سيشمل ثلاث دورات تكوينية لفائدة قضاة النيابة العامة وقضاة الحكم وممثلين عن مؤسسات أخرى مثل الشرطة القضائية. كما سيتم تكوين المكونين وتطوير دليل وطني لاستخدامه كمرجع.
لكن السؤال الذي يُطرح هنا: هل سيتم تنفيذ هذه الدورات بشكل دوري لضمان استمرارية التأثير الإيجابي؟ وكيف يمكن قياس مدى استفادة المشاركين من هذه الدورات وتحقيق نتائج ملموسة في تعزيز العدالة الجنائية؟
رسالة النيابة العامة: تعزيز دولة الحق والقانون
كان خطاب السيد الوكيل العام واضحًا في تأكيد أن المملكة المغربية ملتزمة بترسيخ دولة الحق والقانون. استند في ذلك إلى الرسالة السامية للملك محمد السادس في احتفالية الذكرى 75 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي تدعو إلى مواصلة تحسين المؤسسات والتفاعل مع قضايا حقوق الإنسان.
التحدي الحقيقي: كيف يمكن للمؤسسات أن تتفاعل بفعالية مع قضايا التعذيب وسوء المعاملة؟ وكيف يمكن ضمان استقلالية القضاء وحماية حقوق الإنسان من خلال الأدوات القانونية المتاحة؟
الخلاصة
يمثل خطاب السيد الوكيل العام للملك إطارًا واضحًا لالتزام المغرب بتعزيز حقوق الإنسان ومكافحة التعذيب. غير أن الفعالية على الأرض تعتمد على التطبيق الصارم للقوانين وتوفير التدريب المستمر والمتخصص للقضاة والجهات المعنية.
السؤال الأساسي الذي يظل قائمًا هو: هل ستؤدي هذه الإجراءات إلى تحول حقيقي في طريقة تعامل المغرب مع قضايا التعذيب؟