في كلمة مسجلة ألقيت خلال افتتاح الجلسة الحادية عشرة للبرلمان الدولي للتسامح والسلام، التي تستضيفها كمبوديا بين 23 و26 نوفمبر 2024، دعا محمد أحمد اليماحي، رئيس البرلمان العربي، إلى ضرورة تطوير تشريعات دولية ووطنية تعزز ثقافة التسامح والتعايش السلمي.
التحديات العالمية: لماذا التسامح أولوية؟
ركز اليماحي على أن العالم المعاصر يواجه تحديات معقدة تتراوح بين النزاعات العرقية والثقافية إلى انتشار الفكر الظلامي والتطرف، مما يجعل تعزيز التسامح ضرورة لا خيارًا. وأشار إلى أن هذه التحديات تُغذي العنف وكراهية الآخر، مما يهدد استقرار المجتمعات ويعرقل التنمية.
لكن التساؤل الذي يطرح نفسه هنا: كيف يمكن للبرلمانات العالمية والمحلية العمل معًا لمواجهة هذه التحديات؟ وهل يمكن للقوانين وحدها أن تكون كافية لخلق ثقافة تسامح مستدامة؟
أهمية التشريعات: بين الوطني والدولي
أشار اليماحي إلى أهمية العمل البرلماني المشترك على المستوى العالمي والوطني، موضحًا أن التشريعات المتطورة يجب أن تكون حجر الأساس في تعزيز التسامح. ودعا البرلمانات الوطنية إلى مراجعة قوانينها الحالية وتطويرها لتتماشى مع متطلبات العصر وتحدياته.
إلا أن هذه الدعوة تفتح باب النقاش حول فعالية القوانين في معالجة القضايا الثقافية والاجتماعية العميقة. هل يمكن للتشريعات وحدها أن تحل جذور المشكلات، أم أن التغيير الثقافي والتربوي يحتاج إلى وقت أطول واستراتيجيات شاملة؟
الميثاق العالمي للتسامح: خطوة نحو إطار دولي
ثمن اليماحي جهود البرلمان الدولي للتسامح والسلام ومبادرته لإطلاق “الميثاق العالمي للتسامح”، معربًا عن أمله في أن يكون هذا الميثاق نواة لتطوير تشريعات دولية موحدة. كما دعا البرلمانات الوطنية إلى استلهام المبادئ الواردة في الميثاق لتحديث قوانينها ذات الصلة.
لكن يبقى السؤال: كيف سيتم تنفيذ هذا الميثاق على المستوى العملي؟ وهل يمكن تحقيق توافق دولي حول المبادئ الأساسية للتسامح في ظل التباين الثقافي والسياسي بين الدول؟
التربية والحوار: ركيزتان أساسيتان
إلى جانب التشريعات، أكد اليماحي على أهمية الحوار والتربية كوسيلتين لتعزيز التفاهم والتعايش بين مختلف الثقافات والأديان. ودعا إلى بناء جسور للتواصل بين الشعوب من خلال برامج تعليمية وثقافية تُركز على قيم التسامح.
لكن، في ظل تصاعد الخطابات المتطرفة حتى في المجتمعات المتقدمة، هل يكفي الحوار وحده؟ وما هي الآليات التي يمكن أن تجعل التربية والحوار أدوات فعالة لمواجهة الكراهية؟
خاتمة: مسؤولية البرلمانيين والشعوب
اختتم اليماحي كلمته بالتأكيد على دور البرلمانيين باعتبارهم ممثلي الشعوب في نشر قيم التسامح والسلام على المستويات السياسية والقانونية والاجتماعية. وشدد على أن هذا العمل ليس مجرد مهمة تشريعية، بل مسؤولية أخلاقية تجاه الأجيال الحالية والمستقبلية.
يبقى التحدي الأبرز: كيف يمكن ترجمة هذه المبادرات إلى خطوات عملية ملموسة تُحدث تغييرًا حقيقيًا في واقع يواجه تحديات متزايدة من التعصب والعنف؟ وهل يمكن للتعاون البرلماني الدولي أن يكون القوة الدافعة نحو تحقيق عالم أكثر تسامحًا وعدالة؟