“اليماني: تحديات قانونية وتعليمية في أزمة تقليص سنوات دراسة الطب والصيدلة بالمغرب”

0
120

حراك كليات الطب والصيدلة: تعسف الوزير وخرق للقانون

تأتي قضية حراك كليات الطب والصيدلة في المغرب لتلقي الضوء على إشكالية كبيرة تتعلق بممارسات الوزارة المعنية، والتي يبدو أنها تخلت عن المبادئ القانونية والدستورية الأساسية. فبناءً على المادة السادسة من الدستور المغربي، والقانون الجنائي الذي ينص على عدم تطبيق القوانين بأثر رجعي، فإن القرار الأحادي للوزارة بتقليص سنوات الدراسة من سبع إلى ست سنوات يُعتبر خرقًا واضحًا لهذه المبادئ.

الأسس القانونية والدستورية

ينص الدستور المغربي صراحةً على أن “ليس للقانون أثر رجعي”، وهذا يشمل القوانين التي تؤثر على الحقوق والواجبات التي تم تأسيسها في السابق. كما تؤكد مجموعة القانون الجنائي في فصلها الرابع على أن “لا يؤاخذ أحد على فعل لم يكن جريمة بمقتضى القانون الذي كان سارياً وقت ارتكابه”. وهذه المبادئ تتعلق مباشرة بالقرار الأخير للوزارة، والذي يُعد خرقًا لمبدأ “الاستقرار القانوني”، حيث يتم تغيير قواعد اللعبة بعد أن التزم بها الطلاب.

الأثر على الطلاب

الطلاب الذين التحقوا بكليات الطب والصيدلة بناءً على فترة دراسية محددة سلفًا، يجدون أنفسهم الآن مجبرين على الامتثال لقرار يتجاوز فترة دراستهم المعلنة. هذه الممارسة لا تؤثر فقط على حقوقهم القانونية ولكن أيضًا على التزامهم الأكاديمي والمهني. قرار الوزارة يُعتبر بمثابة تعدي على العقد الاجتماعي الذي قاموا على أساسه بالتسجيل في الكليات الطبية، مما يثير تساؤلات حول نزاهة العملية التعليمية وحقوق الطلاب.

التأثير المحتمل على القطاع الصحي

إذا كانت نية الوزارة من وراء تقليص مدة الدراسة تهدف إلى تقليل تكاليف التعليم وتعزيز توظيف الأطباء في القطاع الخاص، فإن هذا التوجه يثير قلقًا بشأن جودة التكوين ومكانة الطبيب في المجتمع. يُخشى أن يؤثر هذا القرار سلباً على المستوى التعليمي، ويقلل من قيمة الشهادة الطبية، مما قد يدفع الأطباء للعمل في ظروف غير ملائمة وبأجور زهيدة.

التوصيات والحلول المقترحة

  1. مراجعة القرار: يتعين على الوزارة إعادة النظر في قرار تقليص سنوات الدراسة وضمان عدم المساس بجودة التكوين الأكاديمي ومكانة الطبيب في المجتمع. الإصلاحات يجب أن تركز على تحسين النظام التعليمي دون المساس بحقوق الطلاب.

  2. فتح باب المفاوضات: يجب على الوزارة فتح قنوات الحوار مع ممثلي الطلاب، والاستماع إلى مطالبهم والبحث عن حلول ترضي جميع الأطراف. العقوبات التي فرضت على الطلاب يجب أن تُراجع، ويجب تشجيع الطلاب على المشاركة الفعّالة في السياسة التعليمية بدلاً من تنفيرهم.

  3. اللجوء للوساطات: في حال عدم التوصل إلى توافق، ينبغي اللجوء إلى وساطات ذات مصداقية لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المختلفة. التصريحات المستفزة من قبل الحكومة والأحزاب يجب أن تُتجنب لتهدئة الأوضاع.

الحسين اليماني يوجه رسالة قوية إلى الحكومة والمواطنين حول أهمية احترام القوانين والدستور، والتعامل بمرونة مع قضايا الطلاب. القرار الأحادي للوزارة ليس فقط خرقًا قانونيًا ولكن أيضًا يؤثر على مصير الجيل القادم من الأطباء. التحذير هنا هو أن تجاهل حقوق الطلاب قد يؤدي إلى أزمات طويلة الأمد في القطاع الصحي ويؤثر على جودة الرعاية الصحية في المغرب.

في انتظار حل هذه الأزمة، يتطلب الأمر اتخاذ قرار عادل ومنصف يراعي حقوق الطلاب ومصالح البلد، لضمان استمرارية التكوين الجيد وسد النقص الكبير في الأطباء لضمان نجاح مشروع التغطية الصحية الشاملة.