اليونسكو: التلاميذ المغاربة في العاشرة يعانون فقر التعليم..هل فشل برنامج التعليم في المغرب؟

0
236

تقدر ميزانية التعليم في مشروع قانون المالية لعام 2020، بـ 72.4 مليار درهم، فيما يمثل نحو 16 بالمائة من إجمالي نفقات الدولة… وبزيادة قدرها 4.2 مليار درهم، مقارنة بعام 2019.

لو أخذنا بالحسبان أن ذات الميزانية كانت تقدر قبل عشر سنوات بـ46 مليار درهم فقط، يتهيأ لنا لوهلة، أن هنالك اهتماما جادا بالتعليم من قبل الدولة… على مستوى الإنفاق في الأقل.

كشف تقرير رسمي لمنظمة اليونسكو ،أن  70 في المائة من التلاميذ المغاربة الذكور خاصة، يعانون من ما أسماه تقرير المنظمة ،فقر التعليم، في نهاية المرحلة الابتدائية.

وفيما حدد التقرير النسبة بالنسبة للفتيات المغربيات في نفس السن في 61 في المائة، وذلك رغم الظروف الصعبة التي تواجهها الفتيات من اجل الدراسة.

وأشار التقرير إلى أن أداء التلاميذ المغاربة في سن العاشرة أسوأ من الفتيات في إتقان مهارات القراءة، وكذلك في المرحلة الثانوية يستمر المراهقون في التخلف عن الفتيات في مهارات القراءة.

وعرف تقرير اليونسكو، والذي يشمل تقييم التعليم في عدة دول، مصطلح  فقر التعليم ،بأنه كون نسبة كبيرة من الأطفال دون العاشرة لا تستطيع قراءة نص صغير مناسب لهم وفهمه، مما يؤدي إلى قصور في تعلمهم وإعاقة تقدم بلدانهم في مجال تكوين رأس المال البشري.

ويتعدى فقر التعليم مهارة القراءة ليشمل عددا من المعارف والكفايات التي لا يتقنها التلاميذ في بعض المواد الدراسية، مما يشكل عائقا أمام تحصيلهم العلمي، وقد يؤثر سلبا على مواصلة الدراسة. 

منذ سنوات والتقارير الدولية تدقّ ناقوس الخطر حول ملف التعليم بالمغرب. آخرها البنك الدولي الذي صنَّف البلاد في مراكز متأخرة خلال دراسته الصادرة شهر يونيو/حزيران الماضي، خالصاً إلى أنّ 66% من الطلاب المغاربة يعانون “فقر التعلّم”.

إذا كانت ميزانية التعليم، التي تحدثنا عنها أعلاه، تبدو في تزايد مطرد، وبصيغة أخرى، ينفق المغرب اليوم ما معدله 15.600 درهم لكل تلميذ في المدرسة الابتدائية، فإن هذا الرقم أقل بنسبة 70 بالمائة عن المتوسط المسجل بالمنطقة!

الحاصل: بسبب أوجه القصور في التعليم، مؤشر البنك الدولي لرأس المال البشري في المغرب هو 0.5 (من أصل واحد)، بما يعني أنه محروم من نصف إمكانياته البشرية.

هذه كانت فقط… الأرقام التي أعلن عنها البنك الدولي في آخر مؤشراته، الصادر نهاية نونبر 2019 بعنوان “الفقر في التعليم”، حيث بلغ وضع التعليم في المغرب بالبنك الدولي، حد أن اعتبره بحاجة إلى “معجزة” لإنقاذ منظومته التعليمية.

كيف بلغ المغرب في التعليم ما بلغ من التدني إذن؟ أين يكمن الخلل تحديدا؟ لِمَ، رغم برامج الإصلاح المتعددة، ما زال الوضع على حاله أو أسوأ؟ هل المغرب بحاجة فعلا إلى معجزة لإنقاذ وضع منظومته التعليمية؟ أمَا من حلول عملية وواضحة المعالم؟

وتضيف دراسة البنك الدولي أن 67% من الأطفال في المغرب لا يستطيعون الإجابة بشكل صحيح على سؤال واحد من أسئلة فهم المقروء. كما يُسجّل المغرب معدّلات دُنيا في مواظبة أولياء الأمور على قراءة الكتب لأطفالهم قبل الالتحاق بالمرحلة الابتدائية. بالمقابل أوصت بأنّ النهج الأفضل لتعليم اللغة العربية لصغار الناطقين بها يحتاج إلى مساعدة الأطفال على الانتقال من مرحلة “تعلّم القراءة” إلى مرحلة “القراءة للتعلّم”.

فيما لا تختلف آخر الأرقام الرسمية المغربية عن نظيرتها الدولية في حدّة تشخيص الأزمة التي يعرفها قطاع التعليم بالبلاد. هذا ما يخلُص إليه تقرير أخير لـ”المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي”، متحدّثاً عن تفاوتات شاسعة في مستوى التعلّم لدى الطلاب بين القِطاعين العام والخاص وعن فشل خيار التعليم باللغة العربية.

في المقابل، يرى المشتغلون بالقطاع أنّ سبب هذا التعثّر المزمن للتعليم المغربي عوامل أخرى غير لغة التدريس، وأنّ المدرسة العمومية تعاني مشاكل هيكلية هي المسؤولة عما يشهده القطاع من أزمة.

ثُلثهم لا يفهمون المُقرَّر

“معطيات صادمة” وصفت بها الصحافة المحلية ما خلص إليه تقرير “المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي” المغربي حول وضعيّة التعليم بالبلاد. حيث كشف أن 31% من الطلاب لم يتجاوز استيعابهم لمُقرَّر اللغة العربية الرسمي في السنة السادسة نسبة 42%، ولا تتعدى هذه النسبة 32% في الوسط القروي.

أما بالنسبة للفصل الثالث من المستوى الإعدادي، بحسب التقرير، فـ46% من الطلاب لا يتجاوز استيعابهم مُقرَّر اللغة العربية نسبة 36%. مقابل 10% فقط منهم الذين تمكّنوا من تجاوز 90% من استيعاب البرنامج. وأظهر التقرير أنّ طلاب القطاع الخاص يتفوّقون في إتقان اللغة العربية مقارنة بتلامذة القطاع العمومي، وأنّ طلاب المدن يتفوقون في ذلك على طلاب القرى.

وفي أول خروج له بعد صدور التقرير، قال وزير التعليم المغربي، شكيب بن موسى: “نحن في بداية مسار صعب وطويل، والسؤال المطروح هو: هل التدابير التي نتّخذها ستساهم في تحسين الجودة؟”. مجيباً أنه “ممكن أن ننجح في إجراءات، وممكن أن لا ننجح، لكن إن اتفقنا على الهدف، يمكن إيجاد كل الحلول للمشاكل”.

هل فشل التدريس باللغة العربية في المغرب؟

بالنسبة للمشتغلين في قطاع التعليم في المغرب فإن مشكلاته تتعدى لغة التدريس، مع أن قضية المناهج والمقررات هي جزء من هذه المشاكل. هذا ما تؤكده لطيفة المخلوفي، أستاذة التعليم الثانوي لمادة اللغة العربية، في حديثها لـTRT عربي أن “الضعف الذي يعانيه التلاميذ المغاربة لا يقتصر فقط على لغة التدريس، ولا يمكن تحميل مسؤوليته للطلاب وحدهم، بل هو نتاج الخيارات الخاطئة التي عرفتها المنظومة التعليمية”.

كلام يؤكده كذلك عبد الوهاب السحيمي، أستاذ وفاعل تربوي مغربي، الذي أوضح في تصريح خصَّ به TRT عربي أنه “توجد مشاكل هيكلية كبيرة تعاني منها المدرسة المغربية تحول دون تحقيق الطلاب كفاياتهم من التعلّم”. مشكلات يُعددها السحيمي بداية من الاكتظاظ حيث “إن أغلب الفصول الدراسية المغربية في المدارس العمومية تضمّ أزيد من 40 متعلِّماً، ما يجعل من المستحيل بالنسبة للأستاذ أن يوفي كلّ تلميذ حقه من الوقت والاهتمام، خصوصاً مع محدودية الزمن الدراسي”.

هناك كذلك إشكالية في المناهج الدراسية يتّفق الأستاذان على تأكيده، وتستنكر المخلوفي انطلاقاً من تجربتها كون “مناهج اللغة العربية لا تواكب العصر والعملية التعليمية للطالب، فكيف يمكن أن نطالب المتعلّم بفهم المنهج البنيوي في النقد الأدبي وهو لا يعرف حتى ألف-باء النقد الأدبي؟”. والنتيجة، بحسب نفس المتحدثة، “طلاب نجد معهم صعوبة حتى في أبجديات الإملاء التي تلقوها في المستوى الابتدائي”.

عبد الوهاب السحيمي هو الآخر يقف على نفس الأمر قائلاً إنّ “هناك مناهج دراسية لم يتم تحديثها منذ سنوات طويلة وهي لا تواكب مستجدات العصر الحالي، وبالتالي تقف عائقاً أمام التعلّم”. ويضيف أن “المدرسة العمومية تستقطب مختلف شرائح المجتمع، بما فيها الطبقات الهشّة والفقيرة حيث العائلات في غالبيتها لا تتبع المسار الدراسي لأبنائها” وهناك طلاب “لا يفتحون محافظهم وكراريسهم بعد الخروج من الفصل” وبالتالي “يكون المجهود التعليمي أعرج دون هذا الدور الذي يجب على الأسرة ممارسته”. 

يرى الخبير الدولي مادي  أن التعليم في بلادنا بحاجة إلى معجزة فعلا، موضحا أننا إذ نتحدث عن جودة التعليم، نلاحظ بالمقابل سواء داخل المدن أو في القرى والجبال، أننا بعيدون على المدرسة المواطنة، الفاعلة والفعالة، التي تستجيب لحاجيات الأطفال والآباء، ولحاجيات البلاد. 

الخبير الدولي، أشار أيضا إلى مشكل تحفيز المدرسين، قائلا: “يُعين المدرس للعمل في جبل ما، ثم حين يذهب إلى هناك، يفاجأ به منطقة نائية؛ لا إنارة فيها ولا ماء، ولا سكن حتى”. هذا يعني أن المدرس يذهب إلى هناك مضطرا وحسب، يوضح مادي، ومن ثم فعمله في شروط غير طبيعية ولا تربوية، أكيد أن نتائجه ستكون هزيلة. 

وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي السابق، الناطق الرسمي باسم الحكومة، أفاد بأن 304 آلاف و545 تلميذا كانوا ضحايا الهدر المدرسي؛ ضمنهم 160 ألفا و837 منقطعا بالتعليم بالإعدادي. 

وأوضح  أن نسبة التلاميذ المنقطعين عن الفصول الدراسية كانت أكبر؛ فقد انخفضت إلى 10.4 في المائة من إجمالي التلاميذ، بعدما كانت في 12 في المائة موسم 2018 بعدد منقطعين بلغ 183 ألفا و985 تلميذا. 

وبالنسبة للتعليم الابتدائي، فقد أوضحت المعطيات الرسمية للوزارة الوصية أن نسبة المنقطعين انتقلت من 2.7 في المائة إلى 2.1 في المائة، أي من 95 ألفا و191 منقطعا إلى 76 ألفا و574 منقطعا، مشيرة إلى أن نسبة الهدر بالتعليم الثانوي التأهيلي انتقلت من 8.8 في المائة إلى 7.4 في المائة، أي من 80 ألفا و569 منقطعا إلى 67 ألفا و134.

وعلى الرغم من أن الرقم يعد كبيرا بالنظر إلى أن المغرب يرفع منذ سنوات إجبارية التعليم، فإن المسؤول الحكومي أوضح أن الموسم 2019-2020 عرف تسجيل انخفاض مهم في أعداد المنقطعين في الأسلاك التعليمية الثلاث بلغ ناقص 55 ألفا و200.

ولتجاوز إشكالية الهدر المدرسي، شدد أمزازي على أن برنامج عمل قطاع التربية الوطنية للفترة 2021-2023 سيضمن مجموعة من الإجراءات والعمليات حسب كل مشروع؛ ومن ضمن أهم هذه الإجراءات المرتبطة بتحقيق العدالة المجالية التخطيط لبناء 104 مدارس جماعاتية، موزعة على 45 مدرسة برسم سنة 2021 و30 مدرسة برسم سنة 2022 و29 مدرسة برسم سنة 2023.

وكشفت المعطيات الرقمية أن الوزارة الوصية على قطاع التعليم بصدد التخطيط لبناء 103 داخليات، موزعة بدورها على 26 داخلية برسم سنة 2021 و36 داخلية برسم سنة 2022 و41 داخلية برسم سنة 2023.

جدير بالذكر أن مجموع المؤسسات التعليمية على المستوى الوطني وصل، برسم الموسم الدراسي الحالي، 11 ألفا و487 مؤسسة؛ منها 6309 مؤسسات بالوسط القروي، و188 مدرسة جماعاتية، بالإضافة إلى 13 ألفا و155 فرعية. 

كتبة رئيس جمعية حماية المال العام بالمغرب ، محمد الغلوسي، حول البرنامج الإستعجالي لإصلاح التعليم الذي كلف ميزانية الدولة 44 مليار درهم ،حيث سبق لنا في الجمعية المغربية لحماية المال العام ان تقدمنا بشكاية بخصوصه إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الإستئناف بالرباط والذي كلف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بإجراء البحث التمهيدي ،باقي التفاصيل في جريدة “المساء” ليوم الإثنين 11 أبريل

 

 

 

 

 

 

 

 

اليسار : المغرب لا يتوفر على سياسة المدينة، فلا مجال للحديث عن تنافسية المدن بسبب تهميش المؤسسات المنتخبة