استمع لهذا المقال
يوسف منصف
أطلق نشطاء مدنيون وباحثون في العلوم الإنسانية، حملة لإلغاء الفصل 222 من القانون الجنائي، تحت إسم الماكلة ماشي جريمة، هي حملة مدنية أسست بمنطلقات علمية، قصد فتح نقاش عمومي حول حرية المعتقد كأفق حقوقي ودستوري من جهة، ومن جهة أخرى إلغاء بعض فصول القانون الجنائي ومنها الفصل 222 والذي يجرم الإفطار العلني في رمضان، التي يعتبرها القائمون على الحملة متعارضة مع دستور المملكة لسنة 2011، والتحولات القيمية والحقوقية التي عرفتها بلادنا المغرب.
وفق ما جاء في البلاغ الصحفي للقائمين على الحملة، فإنها قد جاءت في سياق الإنفتاح الحقوقي والسياسي الذي يعرفه المغرب، لاسيما بعد النقاش الحالي حول الحريات الفردية وإعادة تعديل القانون الجنائي، والإلتزام بالمعاهدات والاتفاقيات الدولية كما جاء في تصدير دستور سنة 2011. وبحسبهم فإن النفس الدستوري والحقوقي لهذه المرحلة متعارض مع العديد من التشريعات الوطنية التي بقيت محتفظة بالقيود الموروثة على المستعمر الفرنسي من جهة، ومن تراكم تاريخي لم يعد الوضع السياسي والحقوقي والمجتمعي متشبثاً به.
خاصة القانون الجنائي المغربي الصادر سنة 1962، والذي تحد الكثير من فصوله وتضع قيوداً على الحريات الفردية، ومنها الفصل 222 موضوع هذه الحملة. وهو الذي “يعاقب على المجاهرة علنا بالإفطار في رمضان، ويعاقب بالحبس بعقوبة تتراوح ما بين شهر إلى 6 أشهر، وغرامة من 12 إلى 120 درهم ( من 1,5 دولار إلى 13 دولار تقريبا)”.
وقد إنطلقت الحملة من ثلاثة أبعاد للإلغاء الفصل 222 حسب ما جاء في المذكرة الترافعية المعدة لهذا الهدف
-
البعد القانوني والحقوقي: إن الفصل 222 من القانون الجنائي وهو فصل كما أشرنا سلفا وريث لسياق سياسي ومجتمعي سابق عن التحولات الإجتماعية والسياسية للمغرب اليوم، يعيق الإنفتاح الحقوقي على مستوى الترسانة القانونية التي باشرها المغرب منذ التسعينات من القرن الماضي، وتبني لمنظومة حقوق الإنسان الكونية. وتعززت بوثيقة دستورية جعلت من الخيار الديمقراطي إلى جانب الدين والوحدة الترابية والملكية تابثا من ثوابت الدولة، من ثمة فإن إلغاء هذا الفصل سيدعم مشروع الخيار الديمقراطي، والبلد المتعدد والمتنوع، بلد الحقوق والحريات.
-
البعد المجتمعي: يعاني العديد من المغاربة والأجانب المفطرين في رمضان من الاضطهاد الجسدي واللفظي تحت غطاء القانون، إذ يتسامح الغطاء القانوني للأفراد من استخدام العنف وتكوين محاكم شعبية في الفضاء العام. وهي حالات شهدها المغرب في السنوات الأخيرة، والتي تكرس سلطة المجتمع على القانون والدولة، وتكرس للتفرقة والتمييز بين المعتقدات. ومن جهة أخرى عدم التسامح مع المفطرين بعذر شرعي، رغم أن النص الديني قد منح مجالاً واسع للمسلمين لعدم الصيام في حالات متعددة. فقد وقفنا خلال الحملة على حالات من التعنيف الجسدي واللفظي لأشخاص أفطروا في رمضان لعدم قدرتهم على الصيام لظروف صحية، وهو ما يجعلنا نصف العقوبات والتصرفات تجاه المفطرين تتجاوز الدين والقانون إلى تكريس لثقافة وعرف مجتمعي فوق القانون وتحت حماية القانون.
-
البعد الإقتصادي: تأثر الإقتصاد الوطني جراء إغلاق فضاءات الترفيه في رمضان، لاسيما وأن قطاع السياحة يساهم بنسبة 7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي ويوفر 550 ألف منصب شغل ووظيفة مباشرة. حسب المندوبية السامية للتخطيط فإن شهر رمضان في المغرب يقلص من عدد الليالي السياحية بنسبة 44 %، كما يتأثر قطاع النقل السككي بفقدان القطارات قرابة 25 %من الزيادة المعتادة خلال شهر رمضان.
وفي الختام يوصي القائمون على الحملة، بناء على أرقام ومعطيات البحث الميداني المنجز لهذا الغرض بشراكة مع معهد دولوز لتحليل السياسات ما يلي:
-
فتح نقاش مجتمعي بين كل مكونات المجتمع، وجعل القضية ملكاً للجميع رغم إختلاف تصوراتهم وأراءهم حول الموضوع.
-
إلغاء الفصل 222 من القانون الجنائي.
-
حماية الأفراد في الفضاء العام، من خلال تشديد العقوبات لجرائم المس بالسلامة الجسدية للأفراد في الفضاء العام بموجب إعتناق أفكار أو معتقدات مختلفة عن العادات والأفكار السائدة في المجتمع.
-
إطلاق حملات تحسيسية قبل موعد شهر رمضان لتفادي حوادث العنف تجاه المفطرين، مع التركيز على البعد الجزائي للجرائم الماسة بالسلامة الجسدية.
-
التصدي لخطاب الكراهية داخل المؤسسات التربوية والدينية، ودعوة جميع المهتمين بالقضايا الدينية والثقافية إلى أنسة الخطاب الديني.
-
الإعتماد على مقاربة نفسية لتوعية الناس عبر وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام والأوساط الأكاديمية والوسائط المختلفة.
-
أهمية إشراك الجامعات ومراكز البحوث الإستراتيجية في تحليل ودراسة الموضوع.
-
تأسيس عقد إجتماعي جديد يقول على مفهوم المواطنة الشاملة التي تتجاوز التحيزات الدينية والعرقية وتشجع على قبول الإختلاف والتنوع.
-
إعادة قراءة الفصل 222 والخطاب الديني قراءة صحيحة.
-
دسترة حرية المعتقد كأفق لتجاوز الفصول القانونية المقيدة للحريات.
-
التسريع من تنزيل القانون التنظيمي للدفع الفرعي، لتمكين المحكمة الدستورية لإلغاء القوانين المتعارضة للدستور والاتفاقيات الدولية بناء على طلب الأفراد العاديين أثناء محاكمتهم.