اعتبر الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، خلال الندوة الصحافية التي أعقبت انعقاد المجلس الحكومي اليوم الخميس، أن عملية اقتحام مدينة مليلية المحتلة من قبل المهاجرين، وفقا:”للمعطيات المتوفرة تشير إلى أن العملية نتاج مخطط مدبر بطريقة مسبقة، وبشكل مدروس، وخارج الأساليب المألوفة للمهاجرين”.
وكشف المتحدث باسم الحكومة المغربية، استمرار التحقيقات القضائية في هذا الحادث المأساوي الذي خلف مقتل 23 شخصا و76 مصابا في صفوف المهاجرين غير النظاميين، و140 مصابا في صفوف القوات العمومية المغربية.
وأشار بايتاس إلى حدوث “عنف كبير تجاه أفراد القوات العمومية”.
في 24 يونيو الماضي ،صدّت قوات الأمن المغربية بالتعاون مع نظيرتها الاسبانية محاولة نحو ألفي مهاجر من اقتحام السياج الحدودي إلى جيبي سبتة ومليلية المغربيتين المحتلتين، فيما تعتبر هذه المحاولة الأولى منذ عودة الدفء للعلاقات بين البلدين بعد أزمة دبلوماسية حادة استمرت بضعة أشهر.
ويشكل هذان الجيبان الحدود البرية الوحيدة للاتحاد الأوروبي مع القارة الإفريقية ويشهدان بانتظام محاولات دخول مهاجرين يريدون الوصول إلى أوروبا.
وقال متحدث باسم الشرطة المحلية إن نحو 2000 مهاجر شقوا طريقهم إلى الحدود في حوالي الساعة 6:40 صباحا وتمكن أكثر من 500 من إفريقيا جنوب الصحراء من تجاوز نقطة المراقبة على الحدود بعد قطع السياج بالمقصات، مضيفا أن من بين هؤلاء تمكن 130 مهاجرا جميعهم “رجال وبالغون على ما يبدو” من الدخول إلى مليلية.
وانتشرت القوات المغربية بشكل واسع لمحاولة صدّ عملية الدخول على الحدود وتعاونت “بشكل نشط ومنسق مع القوى الأمنية” الاسبانية، حسبما أفادت الشرطة الإسبانية.
وأظهرت صور بثتها وسائل الإعلام الاسبانية مهاجرين مرهقين ممددين على رصيف في مليلية وبعضهم ملطخ بالدماء وملابسه ممزقة.
وقال عمر ناجي من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان إن “اشتباكات دارت خلال الليلة الماضية بين مهاجرين وعناصر من الشرطة”.
وأفد المستشفى الحسني في الناظور وهو غير بعيد عن مليلية، أنه استقبل “عددا” من عناصر الشرطة صباح الجمعة، فضلا عن جرحى من المهاجرين من أصول إفريقية.
وهذه المحاولة لدخول أحد الجيبين بأعداد كبيرة هي الأولى منذ إعادة تطبيع العلاقات في منتصف مارس/اذار بين مدريد والرباط بعد خلاف دبلوماسي استمر قرابة السنة.
وحصلت المصالحة بين مدريد والرباط قبل فترة قصيرة بعد قرار إسبانيا في منتصف مارس/اذار تغيير موقفها إزاء النزاع في الصحراء المغربية، لصالح مقترح الحكم الذاتي الذي يطرحه المغرب حلا وحيدا لإنهاء النزاع.
وسمح هذا القرار بإنهاء أزمة دبلوماسية أثارها استقبال إسبانيا لزعيم جبهة بوليساريو إبراهيم غالي في أبريل/نيسان 2021 لتلقي العلاج إثر إصابته بكوفيد-19.
وخلال هذه الأزمة دخل في مايو/ايار 2021 أكثر من عشرة آلاف مهاجر في غضون 24 ساعة إلى جيب سبتة.
وقبيل المصالحة شهدت مليلية مطلع مارس/اذار محاولات دخول كثيفة ضمت أكبرها على الإطلاق 2500 مهاجر. وقد تمكن 500 منهم من الدخول إلى إسبانيا.
وأدّت عودة العلاقات بين البلدين إلى تراجع عدد الوافدين إلى جزر الكناري الأطلسية الإسبانية مع اتفاق الجانبين على زيادة تنسيق الجهود في مكافحة الهجرة السرية.
وأظهرت أرقام نشرتها الحكومة أن عدد المهاجرين الذين وصلوا إلى جزر الكناري في أبريل/نيسان كان منخفضا بنسبة 70 بالمئة مقارنة بعدد الوافدين في فبراير/شباط.
وستسعى إسبانيا إلى إدراج “الهجرة غير النظامية” كواحدة من التهديدات الأمنية على الخاصرة الجنوبية لحلف شمال الأطلسي، عندما يجتمع الحلف في قمة مدريد في 29 و30 يونيو/حزيران.
وعلى مرّ السنوات، حاول آلاف المهاجرين عبور الحدود التي يبلغ طولها 12 كيلومترا بين مليلية والمغرب، أو حدود سبتة التي يبلغ طولها ثمانية كيلومترات عن طريق تسلق الأسوار أو السباحة على طول الساحل أو الاختباء في مركبات.
والمنطقتان محميتان بأسوار محصنة بالأسلاك الشائكة وكاميرات الفيديو وأبراج المراقبة. ولطالما كانت المدينتان نقطة خلاف في العلاقات الدبلوماسية بين الرباط ومدريد التي تصر على أن كلاهما جزء لا يتجزأ من إسبانيا.