ويقول أنصار الخطوة إن اتفاق جو بايدن الكبير يبرز “مكاسب” تبدو مغرية، ومن شأنه أن يعزز السلام والرخاء والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، كما يدعم الولايات المتحدة في صراعها على النفوذ العالمي أمام الصين، فضلا عن كونه يعد إنجازا دبلوماسيا يتفاخر به بايدن في الوقت المناسب قبل الانتخابات الرئاسية عام 2024.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، قال رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي، خلال المؤتمر السنوي الذي ينظمه “معهد سياسة مكافحة الإرهاب” في جامعة رايخمان، إنه تحدث مطوّلاً مع الفلسطينيين بشأن التطبيع الإسرائيلي مع السعودية.
وأوضح هنغبي أن “هناك ثماراً لحوارنا معهم، لأول مرة منذ اتفاقيات كامب ديفيد”، مضيفاً: “طلبنا منهم (أي الفلسطينيين) عدم تفويت هذه الفرصة، وأن يكونوا جزءًا من الحوار، وأن يساهموا في نجاحه، وأن يستفيدوا منه أيضًا. نحن نؤيد بشدة أن يكون هناك مكوّن فلسطيني مهم في هذا الاتفاق، باستثناء خطوات من شأنها أن تضر بأمن إسرائيل، ولكن كل ما هو دون ذلك، نحن على استعداد لمناقشته”.
بالمقابل تعارض عدة جهات في حكومة الاحتلال تقديم ما تعتبره “تنازلات” للفلسطينيين، وتهدد بحل الحكومة في حال حدث ذلك.
يأتي ذلك في وقت اتسمت العلاقات السعودية الأمريكية بالتوتر في ظل إدارة بايدن، بعد أن أعرب الحاكم الفعلي للسعودية، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، عن غضبه من نشر تقرير من جانب الحكومة الأمريكية اتهمه بالتورط المباشر في اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي، الأمر الذي دفع إلى وصف الاستقبال الرسمي للرئيس الصيني، شي جين بينغ، عندما زار السعودية، بأنه أكثر دفئا بشكل ملحوظ من الاستقبال الذي حظي به بايدن.
وكانت الصين، وليست الولايات المتحدة، هي التي ساعدت في التوسط في إبرام سلام بين إيران والسعودية في مارس/آذار الماضي، كما أعلن السعوديون مؤخرا أنهم سينضمون إلى مجموعة بريكس، وهو ما يبدو على نحو متزايد وكأنه رد بكين على مجموعة السبع.
ويشير الكاتب غيديون راتشمان إلى أنه على النقيض من الدول الأخرى التي تعهدت الولايات المتحدة بالدفاع عنها، مثل اليابان أو ألمانيا، فإن السعودية لا تمثل دولة ديمقراطية على الإطلاق، ولا يزال سجلها في حقوق الإنسان سيئا، فضلا عن إصدار منظمة هيومن رايتس ووتش مؤخرا تقريرا اتهمت فيه السعودية بقتل مئات اللاجئين الإثيوبيين بالرصاص.
وحتى الحلفاء المقربون لبايدن في واشنطن لا يشعرون بارتياح، مثل السيناتور، كريس ميرفي، الذي أوضح مؤخرا أن لديه أسئلة كبيرة بشأن “ضمان حماية دولة كبيرة في الشرق الأوسط تميل إلى شن معارك مع جيرانها في كثير من الأحيان”.
كما يطرح الجانب الإسرائيلي من الاتفاق إشكالية أيضا، لاسيما وأن الحكومة الحالية، بزعامة بنيامين نتنياهو، تواجه انتقادات على نطاق واسع بتقويض الديمقراطية الإسرائيلية، كما يضم ائتلاف نتنياهو “أحزابا عنصرية صعبة”، وتعمل هذه الأطراف على تسريع وتيرة التوسع في المستوطنات الإسرائيلية، على حساب الفلسطينيين، في حين يتصاعد العنف في الأراضي المحتلة.
ويشير الكاتب إلى أن محاكمة نتنياهو بتهم فساد تدق ناقوس إنذار في البيت الأبيض في عهد بايدن، بيد أن الشيء الوحيد الذي قد ينقذ موقفه السياسي الداخلي كرئيس وزراء لإسرائيل هو النهوض بدور رجل الدولة الذي في عهده تزعم اتفاق سلام تاريخيا مع السعودية.
ويرى مؤيدو الاتفاق أنه سيتعين على إسرائيل تقديم تنازلات للفلسطينيين، ومن الممكن أن يؤدي ذلك إلى إحياء حل الدولتين، في حين يجبر نتنياهو على الدخول في ائتلاف يضم عددا من الأحزاب الأكثر اعتدالا.
بيد أن هناك العديد من الطرق، وفقا للكاتب، التي يمكن لنتنياهو من خلالها المراوغة وتفادي تقديم أي تنازلات نظرية للفلسطينيين، فضلا عن الشكوك في أن يكون لدى السعوديين أو الأمريكيين الوسائل أو الإرادة لفرض تقدم حقيقي نحو حل الدولتين.