ثروات المغرب البحرية بين أيدي اللوبيات: هل من تدخل حكومي لإنقاذ المستهلك؟
في الوقت الذي يتمتع فيه المغرب بثروة بحرية هائلة بفضل موقعه الجغرافي الذي يطل على بحرين، الأطلسي والمتوسطي، أصبحت أسعار السمك في الأسواق المحلية بعيدة تمامًا عن متناول المواطنين. سمك السردين، الذي كان يُعرف سابقًا بـ”سمك الفقراء”، بات يُباع بأسعار تُلهب جيوب المواطنين، مما يطرح العديد من التساؤلات حول أسباب هذا الارتفاع المهول وغير المبرر.
من المسؤول؟ هل هم الوسطاء أم ارتفاع تكاليف الصيد؟
يرى حمزة التومي، الكاتب العام للكونفدرالية المغربية لتجار السمك بالجملة ورئيس اتحاد التعاونيات “أسماك موانئ الصحراء”، أن ارتفاع أسعار السمك يعود إلى عدة عوامل، أبرزها كثرة المضاربين وضعف عمليات المراقبة. هذا الأمر، حسب قوله، أدى إلى سيطرة بعض اللوبيات على قطاع الصيد البحري، مما ساهم في الفوضى التي يعيشها هذا القطاع الحيوي.
لكن هل يمكن تحميل الوسطاء وحدهم مسؤولية هذا الوضع؟ التومي يشير أيضًا إلى أن ارتفاع أسعار المحروقات، التي تشكل حوالي 80% من تكاليف رحلات الصيد، يزيد من حدة الأزمة. هل يمكن أن تكون هناك حلول لخفض هذه التكاليف وبالتالي تخفيض أسعار السمك؟
مقارنة دولية: كيف يمكن أن يُباع السمك المغربي في الخارج بأقل من سعره في المغرب؟
إبراهيم الحور، الكاتب الإقليمي لنقابة الصيد البحري بسيدي إفني ورئيس تعاونية “إفتي أتلانتيك”، يطرح سؤالًا منطقيًا: “كيف يعقل أن يباع سمك المغرب للمواطنين المغاربة بأكثر مما يباع به في الخارج؟” هذا السؤال يفتح بابًا للنقاش حول سياسات التسعير والتصدير، خاصة وأن المغرب يُصدر كميات كبيرة من الأسماك إلى دول مثل إسبانيا، حيث تباع بأسعار أقل من تلك التي تُباع بها في السوق المحلية.
أين دور مجلس المنافسة؟ وهل من حلول ممكنة؟
مع ارتفاع أسعار السمك إلى مستويات غير معقولة، أصبح من الضروري تدخل مجلس المنافسة، كما يطالب التومي والحور، لفتح تحقيق في هذا الأمر وضبط مسارات البيع. هل يمكن لمجلس المنافسة وضع حد لهذه الفوضى وإعادة الأسعار إلى مستويات تناسب القدرة الشرائية للمواطنين؟
كما أن هذا الوضع يستدعي تدخلات من عدة جهات حكومية، مثل وزارة الفلاحة والصيد البحري ووزارة التجارة ووزارة الداخلية، لضمان مراقبة صارمة لعمليات البيع ومنع المضاربات غير المشروعة. هل يمكن لهذه الجهات أن تتعاون بشكل فعال لحل هذه الأزمة؟
نحو حلول شاملة ومستدامة
لا يمكن إنكار أن الأزمة تتطلب حلولًا شاملة، تبدأ من ضبط الأسعار وتنظيم السوق، وصولًا إلى توفير دعم أكبر لقطاع الصيد البحري لتخفيف التكاليف عن الصيادين. هل يمكن التفكير في سياسات جديدة تدعم هذا القطاع الحيوي وتضمن حق المواطنين في الاستفادة من الثروات البحرية؟
في نهاية المطاف، يبقى السؤال الأكبر: كيف يمكن للمغرب، الذي يملك ثروة بحرية غنية، أن يضمن وصول هذه الثروات إلى مواطنيه بأسعار معقولة؟