يشعر المنتقدون بالقلق من ضعف المعارضة داخل البرلمان. كما أنهم يخشون تضارب المصالح الناشئ عن تكليف أعضاء أقوياء من مجتمع الأعمال بمسؤولية الحكومة. ستكون لدينا حكومة قوية للغاية يمكنها أن تمرر أي قوانين، وستضم رجال أعمال ذوي مصالح كبيرة”.
وعلى الرغم من أن الجلسة، التي عُقدت اليوم الذاربعاء بالبرلمان المغربي، التي حظي فيها برنامج حكومة أخنوش الجديدة، بإشادة واسعة من أعضاء البرلمان رغم وجود انتقاد ضعيف من أحزاب المعارضة.
في سياق متصل، انتقد حزب “الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية” (معارضة) ضيق الوقت الممنوح للمعارضة في البرلمان، واستحواذ الأغلبية الحكومية على أغلب المناصب في مكتب محلس النواب.
انتقاد ضعيف من المعارضة في أول جلسة بمجلس النواب (الغرفة الأولى )، اليوم الأربعاء، بخصوص مناقشة مضامين البرنامج الحكومي (المحسوم أمره)، ما وصفها بالهمينة القسرية على كل المؤسسات المنتخبة وإخضاعها لتوافقات قلبية في تناقض تام مع إرادة تطوير جهوية ماتزال في بدايتها.
وأضاف عبد الرحيم شهيد رئيس الفريق البرلماني للمعارضة، ” انتقلنا من مرحلة الاستقواء بالإعداد إلى مرحلة التغول على العباد والهيمنة على الحياة السياسية”، مؤكدا أنه لن يهادن مع التضييق على مساحات التعددية السياسية وسيدافع عن الاختلاف والتنوع داخل المؤسسة البرلمانية.
وتابع ” سنكون كمعارضة متمسكين بالدفاع عن حقوقنا كاملة وسنقوم بأدوارنا الدستورية المناطة بنا من أجل الإسهام في إنجاح المرحلة المقبلة”.
وأكد أن تشكيلة الحكومة وهندستها الحالية ليست في مستوى المرحلة الراهنة، وخاصة فيما يتعلق بتنفيذ النموذج التنموي، يضاف عليها طغيان التمثيلية التقنية على السياسية في تدبير القطاعات الحكومية، الأمر الذي سينعكس بحسبه سلبا على تشجيع الشباب على المشاركة السياسية الحزبية.
وأشار أن هذا النوع من الهندسة الحكومية قد لا يلائم تحديات الظرفية الراهنة وخاصة في ظل إطلاق الورش الاستراتيجي الكبير المتعلق بالنموذج التنموي.
وأكد الحزب أن التصريح الحكومي الذي قدمه عزيز أخنوش ملتبس ويغيب عنه الابتكار، لذلك قرر التصويت ضد البرنامج الحكومي.
وفي نسخة البرلمان الجديدة، مُعارضة برلمانية مُكونة من حزب الاتحاد الاشتراكي، وحزب التقدم والاشتراكية، وحزب العدالة والتنمية، الذي حصل على 13 مقعداً فقط في الانتخابات الأخيرة، في هزيمة مدوية وعقاب انتخابي شديد بعد فشله في تدبير الشأن الحُكومي، رفضوا برنامج حكومة المغرب.
وعلى الرغم من مُعارضة الأحزاب الثلاث للبرنامج، وعزمها التصويت بالرفض، إلا أن ذلك لن يُؤثر على مسار منح الثقة في البرلمان، خاصة وأن الحُكومة تضمن أكثر من نصف الأصوات، وهو اللازم دستوريا لتنصيبها.
في سياق متصل، يقول محمد مصباح، رئيس المعهد المغربي لتحليل السياسات: “كأننا عدنا إلى ما قبل 2011.. تم طي الصفحة. الإسلاميون ليسوا خارج السلطة فحسب، بل هم خارج اللعبة. مع عدد المقاعد التي حصلوا عليها [13 من 395] أصبحوا غير ذوي أهمية”.
يؤكد مصباح: “لن تكون هناك معارضة تقريبا في البرلمان، وهو ما لا وجود له في أي ديمقراطية.. في المغرب، كان هناك دائما نوع من التوازن، حتى لو كانت المعارضة ضعيفة. ستكون لدينا حكومة قوية للغاية يمكنها أن تمرر أي قوانين، وستضم رجال أعمال ذوي مصالح كبيرة”.
ويُنتظر أن تستمر المناقشة التفصيلية للبرنامج في جلسات قادمة، قبل أن يُعرض على التصويت.
ووفقا للفقرة الأخيرة من الفصل 88 من الدستور “تعتبر الحكومة منصبة بعد حصولها على ثقة مجلس النواب، المعبر عنها بتصويت الأغلبية المطلقة من الأعضاء الذين يتألف منهم، لصالح البرنامج الحكومي”.
كما يأتي اختفاء المعارضة في البرلمان على خلفية حملة قمع ضد التعبير عن المعارضة في السنوات الأخيرة، أدت إلى سجن العديد من الصحفيين المستقلين بعد محاكمات بتهمة ارتكاب جرائم جنسية.
وصفت هيومن رايتس ووتش محاكمة الصحفي الاستقصائي عمر الراضي بتهمة الاغتصاب بأنها انتهاك (..) “لإسكات الأصوات الناقدة القليلة في الإعلام المغربي”. وحكم عليه في تموز/ يوليو بالسجن ست سنوات.
قال مسؤولون مغاربة إنه لم تتم محاكمة أي شخص بسبب إبداء آرائه، وإن من حوكم قد خالف القانون.
وقال عمر الحياني، العضو المنتخب في المجلس المحلي للعاصمة الرباط، ممثلا لاتحاد اليسار الديمقراطي، إن غياب المعارضة وقمع الإعلام قد يهدد الاستقرار.
وقال: “الخطر هو أن تنتقل المعارضة إلى الشارع. سيكون هناك أشخاص سيعارضون الإصلاحات الاقتصادية الليبرالية التي ستجريها الحكومة. أو يمكننا أن نرى المزيد من الإجراءات مثل مقاطعة 2018”.
وبحسب د.مصطفى المريني ، كاتب وباحث ، اللافت، ان جل الأحزاب التي حلت وراء حزب “التجمع الوطني للأحرار”، سارعت تلقائيا الى التعبير عن رغبتها في المشاركة في الحكومة، رغم أن بعضها اسس حملته الانتخابية على معارضة توجهات ورؤى هذا الحزب، وبالتالي كان يفترض اخلاقيا والحالة هاته، ان يعلن الاصطفاف في المعارضة ابتداء، كما هو الحال مثلا بالنسبة لحزب الأصالة والمعاصرة، والاتحاد الاشتراكي، والحال أنهما أكبر حزبين تحمسا للحكومة، تجنبا للذهاب الى المعارضة، رغم أهمية الاخيرة في احداث التوازن بين المؤسسات، وخاصة بين الحكومة والبرلمان، لاسيما في هذه المرحلة التي تمر بها البلاد، والتي تتطلب ليس حكومة قوية فقط، وإنما معارضة قوية أيضا، لإيجاد التوازن المطلوب بين المؤسسات؛ فالمعارضة البرلمانية ركيزة أساسية في المشهد السياسي العام، تتمتع بنفس الاعتبار والقيمة، التي تتمتع بها الحكومة، وأهميتها تأتي من كونها مجال سياسي عمومي يتوسط بين الدولة والمجتمع، وبذلك فهي تشكل دعامة أساسية لحماية النظام السياسي والمساهمة في استقراره.
ووعيا منه بأهمية هذه الوظيفة، عمل المشرع الدستوري المغربي في دستور 2011 على ترسيخ مفهوم المعارضة، باعتبارها مكون اساس من المشهد السياسي العام، لذا منحها امكانيات مهمة لتمكينها من الاضطلاع بدورها على الوجه الأكمل في العمل البرلماني والحياة السياسية. وخاصة في مجال مراقبة الحكومة والمشاركة في التشريع، ورئاسة عدد من اللجان..الخ (الفصل 10 من الدستور)، وتفعيل هذه الأدوار من طرف معارضة برلمانية قوية ومسؤولة هو ما يضفي على البرلمان قوته، إذ لا معنى للبرلمان بدون معارضة، فهي مدرسة للتكوين السياسي، والتمرس على خدمة المصلحة العامة، واكتساب الخبرة في اعداد السياسات العمومية البديلة، تحسبا للانتقال الى ممارسة السلطة من داخل الحكومة، في إطار مبدأ التداول على السلطة، لذا فإن الأحزاب السياسية التي لا تتصدر نتائج الانتخابات، يكون مكانها الطبيعي هو المعارضة.
حزب الاستقلال يطالب بالعفو جميع نشطاء الحركة الاحتجاجية من معتقلي “حراك الريف”