عندما أعلنت وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني عن إطلاق النسخة الثانية من برنامج “فرصة”، لاقى الإعلان استحسانًا لدى الرأي العام وخاصة الشباب الطامحين لتأسيس مشاريعهم. المنصة الإلكترونية www.forsa.ma فتحت أبوابها مجددًا، ووعدت الوزارة بتقديم الدعم المالي والمواكبة لأكثر من عشرة آلاف مشروع. لكن كما يقال، “ليس كل ما يلمع ذهبًا”. فما الذي يحدث فعليًا خلف الأبواب المغلقة؟
واقع المشروع: الزبونية والعراقيل البيروقراطية
على الرغم من الصورة الوردية التي يرسمها الإعلان الرسمي، فإن التجربة العملية تكشف عن عوائق جمة تواجه من يحاولون التقديم. الموقع المعلن عنه مغلق أو غير فعال، ورقم الاتصال 5544 لا يجيب، مما يوحي بأن هناك إهمالًا أو حتى تخطيطًا مسبقًا لمنع الكثيرين من الوصول إلى الفرصة الحقيقية.
من هنا يبدأ السؤال: هل حقًا تُتاح هذه “الفرص” لجميع المغاربة، أم أن الزبونية والمحسوبية ما زالت تسيطر على مفاصل هذه المشاريع الحكومية؟
ما بين النجاح المعلن والفشل المسكوت عنه
الوزارة تفاخرت في بيانها بنجاح النسخة الأولى من البرنامج، معلنة أنها مولت ورافقت عشرة آلاف مشروع. ولكن هل هذه الأرقام تعكس الواقع الفعلي؟أم أنها مجرد تلميع إعلامي يخفي خلفه إخفاقات كبيرة؟ تشير العديد من الشركات والمشاريع الصغيرة التي أعلنت إفلاسها مؤخرًا، والتي تزيد عن 35 ألف شركة، إلى أن برنامج “فرصة” ليس إلا قطرة في بحر من التحديات الاقتصادية التي يواجهها رواد الأعمال في المغرب.
أحد أبرز مزايا البرنامج المُعلنة هي الاعتماد على التكنولوجيا للتحقق من الملفات المقدمة. لكن هذه الرقمنة التي وعدت الوزارة أنها ستكون ركيزة أساسية للبرنامج لم تؤتِ ثمارها حتى الآن. غياب الشفافية وسهولة التواصل عبر المنصة الإلكترونية يفتح المجال للتساؤل حول مدى نزاهة العملية، وما إذا كانت الفرص الحقيقية تُمنح لأصحاب الكفاءة أو تُمنح لمن يعرف كيف “يلعب اللعبة” في الكواليس.
المرأة والتغيير الشكلي
رغم الحديث عن زيادة نسبة مشاركة النساء من 20٪ في سنة 2022 إلى 30٪ في سنة 2023، إلا أن هذا التغيير يبدو في النهاية مجرد واجهة تجميلية لإخفاء القصور الأساسي. فالمشكلة الحقيقية ليست في الأرقام، بل في الوصول العادل للفرص، حيث تُغلق الأبواب بوجه الكثيرين، سواء نساءً أو رجالاً.
خاتمة: هل سنبقى رهينة الصورة الوردية؟
في الوقت الذي يتم فيه الإعلان عن البرامج الحكومية بمنصات براقة وأرقام مبهرة، يبقى السؤال الحقيقي: إلى متى سنبقى رهينة لهذه الإعلانات الزائفة؟ ومتى سنرى نظامًا حكوميًا يتعامل بجدية وشفافية مع احتياجات المواطنين، ويدعم المشاريع الصغرى دون عراقيل أو زبونية؟