انضمت ست دول جديدة إلى مجموعة بريكس المؤلفة من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، وفق ما أعلن رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامابوزا الخميس خلال قمة للمجموعة في جوهانسبورغ.
وأعلنت دول البريكس الخمس – البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا – انضمام ستة دول جديدة اعتبارا من العام المقبل، حيث يسعى نادي الاقتصادات الناشئة الكبيرة والمُكتظّة بالسكان إلى إعادة تشكيل النظام العالمي.
ومن المقرر أن تصبح الأرجنتين وإثيوبيا وإيران والمملكة العربية السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة، أعضاء كاملي العضوية اعتبارًا من 1 يناير 2024، حسبما أعلنت المجموعة في قمتها في جنوب إفريقيا.
انضمام 3 دول عربية من أصل 8 مرشّحين
أكّد رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، اليوم الخميس، اتخاذ مجموعة “بريكس” قرارا بدعوة كل من مصر والسعودية والإمارات وإيران وإثيوبيا والأرجنتين لتصبح أعضاء في المجموعة.
وقال رامابوزا أمام القمة: “لقد قررنا دعوة جمهورية الأرجنتين، وجمهورية مصر العربية، وجمهورية إثيوبيا الديمقراطية الاتحادية، وجمهورية إيران الإسلامية، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، لتصبح أعضاء كاملي العضوية في مجموعة بريكس”. وأضاف أن العضوية “ستدخل حيز التنفيذ اعتبارا من الأول من كانون الثاني 2024”.
وأشار أنّه “يعد التوسع أيضًا نقطة انطلاق جديدة لتعاون البريكس. وسوف يجلب حيوية جديدة لآلية تعاون البريكس وسيزيد من تعزيز قوة السلام والتنمية في العالم.
وقدمت كل من الجزائر ومصر والسعودية والإمارات، بالإضافة إلى البحرين والكويت والمغرب وفلسطين، طلبات رسمية للانضمام إلى بريكس، من بين 23 دولة قامت بالخطوة نفسها، وفق ما أعلنته جنوب إفريقيا في وقت سابق من هذا الشهر.
“الجنوب العالمي” في مواجهة “الغرب”
هيمنت الدعوات لتوسيع “البريكس” على جدول أعمال قمتها التي استمرت ثلاثة أيام في “جوهانسبرج”، وكشفت عن انقسامات بين الكتلة بشأن وتيرة ومعايير قبول الأعضاء الجدد.
قمة بريكس في جوهانسبرج
لكن المجموعة، التي تتخذ قراراتها بالإجماع، اتفقت على “المبادئ التوجيهية والمعايير والإجراءات لعملية توسيع البريكس”، حسبما قال رئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامافوزا.
وقد تقدمت ما يقرب من عشرين دولة رسميًا بطلبات للانضمام إلى النادي من جميع أنحاء “الجنوب العالمي”، وهو مصطلح واسع يشير إلى الدول غير الغربية.
وحضر القمة نحو 50 رئيس دولة وحكومة آخرين، مما يؤكد ما يقوله زعماء البريكس عن جاذبية رسالتها.
ومن وجهة نظر صُناع القرار في واشنطن، فقد قلل المسؤولون الأمريكيون من احتمال ظهور البريكس كمنافس جيوسياسي، ووصفوا الكتلة بأنها مجموعة متنوعة للغاية من الدول التي تحتوي على أصدقاء ومنافسين.
“تحجيم الهيمنة الغربية” أهم أهداف بريكس
مجموعة “البريكس” عبارة عن مزيج متباين من الاقتصادات الكبيرة والصغيرة، والدول الديمقراطية والاستبدادية، كما يعكس المرشحون الذين يسعون إلى العضوية وأولئك الذين تم قبولهم في النادي هذا التنوع.
ولكن على الرغم من الخلافات، أعرب زعماء البريكس عن اعتقاد مشترك بأن النظام الدولي يخضع لهيمنة الدول والمؤسسات الغربية ولا يخدم مصالح الدول النامية.
وقال الرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا، إنه مع انضمام ستة أعضاء جدد، فإن الكتلة ستمثل 46% من سكان العالم وحصة أكبر من ناتجه الاقتصادي.
وسلطت القمة الضوء على الانقسامات مع الغرب بشأن الحرب في أوكرانيا، والدعم الذي تتمتع به روسيا من شركائها في البريكس في وقت العزلة العالمية.
ولم تدين جنوب أفريقيا والصين والهند الغزو الروسي، بينما رفضت البرازيل الانضمام إلى الدول الغربية في إرسال أسلحة إلى أوكرانيا أو فرض عقوبات على موسكو.
السعودية.. عنصر المفاجأة
المفاجأة الكبرى من قمة البريكس في جنوب أفريقيا، حسب تقرير لمركز “ثين كينغ” البحثي، هي دعوة المملكة العربية السعودية للانضمام إلى مجموعة الدول الناشئة الكبرى. وهذا يضيف زخماً جديداً إلى النقاش الدائر بشأن التخلص من الدولار، وهو ما يشكل تحدياً محتملاً لهيمنة الدولار الأمريكي في التجارة العالمية.
وحسب ذات المصدر، فإنّه جنبا إلى جنب مع زملائها المصدرين للنفط والغاز – إيران والإمارات العربية المتحدة – فإن قبول المملكة العربية السعودية في مجموعة البريكس سيركز حتما النقاش على استخدام العملات غير الدولار في التجارة.
وبعيداً عن ذلك، اقترحت البرازيل في هذا المؤتمر على الأرجنتين، أن تضمن البرازيل مدفوعات الأرجنتين للصادرات البرازيلية بـ الرنمينبي (اليوان الصيني).
وربما يكون هذا انعكاساً لقدرة الأرجنتين على الاستفادة من خطوط مقايضة اليوان في ظل ندرة الدولارات التي بحوزتها. بالإضافة إلى ذلك، لا تزال الأرجنتين تعاني من ضائقة مالية شديدة حيث تكافح من أجل الحصول على العملة الصعبة لخدمة ديونها المقومة بالدولار إلى حد كبير.
هيمنة على سوق الطاقة العالمي
سيزيد انضمام الرياض -على غرار طهران وأبو ظبي- على الهيمنة الطاقية لمجموعة بريكس، وتحديدًا عندما يتعلق الأمر بالنفط الخام.
وفي الوقت الحالي، تشكل دول البريكس حوالي 20% من إنتاج النفط العالمي. وبإضافة السعودية والإمارات وإيران، ستشكل مجموعة البريكس ما يقرب من 42% من إنتاج النفط الخام العالمي.
أما السعودية فهي أكبر مصدر للنفط الخام. وفي عام 2022، صدرت المملكة حوالي 7.3 مليون برميل يوميًا من النفط الخام، وهو ما يشكل ما يزيد قليلاً عن 17٪ من صادرات النفط الخام العالمية. ويذهب الجزء الأكبر من هذه الصادرات (76%) إلى آسيا، منها 35% تذهب إلى الصين والهند الأعضاء في مجموعة البريكس.
وبالنظر إلى طموحات مجموعة البريكس في التخلص من الدولار، فمن المؤكد أنه سيكون هناك تكهنات متزايدة بأن هذه الخطوة الأخيرة، قد تؤدي إلى تحول المملكة العربية السعودية بشكل متزايد إلى عملات غير مقومة بالدولار في تجارة النفط.
هل سيؤدي توسع مجموعة البريكس إلى تسريع عملية التخلص من الدولار؟
حسب ذات التقرير، فإنه بعيدًا عن الآثار المترتبة على مدى سرعة تحدي دور الدولار باعتباره العملة الدولية الوحيدة، فإن الحديث عن “نزعة الدولرة” عن الاقتصاد العالمي، يفترض بالضرورة الحديث عما يعنيه ذلك بالنسبة للريال السعودي، الذي تم ربطه بالدولار عند 3.75 ريال سعودي/دولار أمريكي منذ الثمانينيات.
حيث أنه سرعان ما قاومت السلطات السعودية أي نوبات عرضية من المضاربة ضد الريال – إلى حد كبير من خلال سوق العقود الآجلة للعملات الأجنبية.
ونقلاً عن ذات المصدر، فإنه إذا بدأ السعوديون في التخلص من اعتماد اقتصادهم على الدولار من خلال زيادة الإيرادات من العملات غير الدولارية، فقد يبدأ المستثمرون في التساؤل عما إذا كانت التغييرات ستطرأ على عملية تحديد سقف الدولار بالنسبة للريال – على سبيل المثال، هل ينبغي إدارة الريال مقابل سلة من العملات بدلاً من مقابل الدولار وحده؟
ومن المفترض أن السلطات السعودية لن ترحب بهذه التكهنات، لكنها تتوقع أن يراقب المستثمرون الآن عن كثب زوج الدولار الأمريكي/الريال السعودي الآجل لمدة 12 شهرًا، والذي يتم تداوله حاليًا عند 3.7570 وقريب جدًا من السعر الرسمي.
المغرب يرفض دعوة أحادية من جنوب إفريقيا للمشاركة في اجتماع لبريكس
السبت الماضي، نفى المغرب إمكانية مشاركته في اجتماع بريكس/إفريقيا المرتقب في جوهانسبورغ بجنوب إفريقيا على أي مستوى كان او تقديم طلب رسمي للانضمام إلى مجموعة بريكس وذلك وفق مصدر من وزارة الخارجية المغربية الذي أكد بان الرباط لم تتفاعل إيجابا مع الدعوة باعتبارها صادرة عن بريتوريا بصفتها الوطنية.
ويضع المغرب التي نفت ان يكون الاجتماع المرتقب بمباردة من “بريكس” أو الاتحاد الإفريقي كثيرا من المحاذير في التعامل مع جنوب أفريقيا او مع تجمعات او تظاهرات سياسية واقتصادية اقليمية ودولية تدعو اليها بريتوريا بسبب مواقفها التي تتعارض مع القانون الدولي فيما يتعلق بملف الصحراء المغربية رغم ان الرباط ركيزة أساسية لاي جهود دولية واقليمية لدعم التنمية وتحقيق التعاون الاقتصادي بين الشعوب سواء في افريقيا او على المستوى الدولي.
ويؤسس المغرب دبلوماسيته ومشاركته في التظاهرات والاجتماعات الاقليمية والدولية على اساس مقاربة العاهل المغربي الملك محمد السادس لعلاقات المغرب الخارجية ومفادها “بان ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم”.
وتجاهلت بريتوريا حقيقة النزاع المفتعل في اقليم الصحراء والحل الأقرب والأكثر واقعية للتسوية المبني على مشروع الحكم الذاتي المغربي مؤكدة بذلك تناغمها مع موقف الجزائر الراعية والحاضنة المالية والعسكرية لجبهة البوليساريو الانفصالية تحت غطاء تقرير المصير.
ويعتبر موقف الرئيس الجنوب افريقي سيريل رامافوزا الداعم لجبهة البوليساريو نشازا في خضم توالي الاعترافات الإفريقية والدولية بمغربية الصحراء.
وأشار المصدر ان الاجتماع القادم “بريكس/افريقيا” المرتقب عقده في 24 اغسطس/اب الجاري ينظم على قاعدة مبادرة أحادية الجانب للحكومة الجنوب إفريقية وذلك ردا على تقارير نشرتها بعض وسائل الاعلام تحدثت عن ترشيح مفترض للمملكة للانضمام الى مجموعة “بريكس” أو إمكانية مشاركتها في اجتماع “بريكس/افريقيا”.
ويقيم المغرب الدعوة على ضوء علاقته المتوترة مع جنوب افريقيا وهي الدولة التي شكلت رأس حربة إلى جانب الجزائر في مواجهة جهود حل النزاع في الصحراء ودفعتا أيضا لتعطيل المسار التفاوضي.
واتهم المغرب جنوب افريقيا بالاستمرار في اتخاذ التدابير اللاجدية والارتجالية والاعتباطية في مجال تنظيم الاحداث والتظاهرات مشيرا الى الخروقات الروتوكولية المتعمدة والاستفزازية للدعوة المقدمة.
كما اتهم المصدر جنوب افريقيا بتقديم الدعوة لعدد من الدول والكيانات بشكل تعسفي “دون أي أساس حقيقي، أو استشارة مسبقة مع البلدان الأعضاء الأخرى في مجموعة “بريكس”.
وحذرت الرباط من امكانية ان تحرف بريتوريا طبيعة الاجتماع وهدفه من اجل ما وصفتها ” باجندة غير معلنة” حيث اكد المصدر في وزارة الخارجية ان بريتوريا “منحت مرة أخرى، لنفسها الحق للحديث عن المغرب وعن علاقته بدول البريكس، دون استشارة مسبقة”.
وفي المقابل شدد نفس المصدر على ان المغرب له علاقات ثنائية هامة وواعدة مع الأعضاء الأربعة الآخرين للمجموعة “روسيا والصين والبرازيل والهند” بل تربطه بثلاثة منها اتفاقيات شراكة إستراتيجية للتاكيد على ان الاشكال يكمن في سياسات جنوب افريقيا المعادية لمصالح الشعب المغربي.
ويشدد المغرب على ان اية علاقة مستقبلية بمجموعة بريكس تندرج في الإطار العام والتوجهات الإستراتيجية للسياسة الخارجية للمغرب كما حددها الملك محمد السادس والتي تركز على السيادة على اقليم الصحراء.