عادت قضية الهجرة غير الشرعية لتطفو على سطح الأحداث من جديد، فقد أكدت وكالة “أوروبا بريس” أن 100 مهاجر تمكنوا من السباحة إلى مدينة سبتة المحتلة خلال الـ36 ساعة الماضية، أغلبهم مغاربة.
وأوضحت “أوروبا بريس” أن المهاجرين الشباب تمكنوا من عبور حاجز الأمواج الحدودي الذي يفصل بليونش عن سبتة سباحة، ما بين يومي الأحد والثلاثاء.
وأبرزت الوكالة أن بعض البالغين من الجنسية المغربية الذين خرجوا إلى البحر رغم الظروف الجوية السيئة التي شهدتها الساعات الماضية، أكدوا لدى وصولهم إلى المدينة، أنهم متضررون من هدم عشرات المنازل على الساحل الأقرب إلى سبتة، بمنطقة بليونش، حيث تستعيد الدولة الملك العام البحري.
ونقلت الوكالة عن مصادر أمنية أن من بين الواصلين مواطنون من دول أخرى مثل الجزائر وسوريا غير أن “جميع الوافدين الجدد تقريباً هم من الجنسية المغربية”.
ومن بين الواصلين، حسب ذات المصدر، 23 قاصراً على الأقل، تمت رعايتهم من قبل خدمة حماية الطفل التابعة لحكومة سبتة في أحد مراكز الاستقبال المؤقت، حيث يعيش بالفعل 235 طفلاً غير مصحوبين بذويهم في هذه المرافق، أي ما يزيد بمئة طفل عن طاقتها الاستيعابية القصوى في حالات الطوارئ.
وأشارت “أوروبا بريس” إلى أنه جرى نقل المهاجرين الراشدين إلى مركز الإقامة المؤقتة الذي يضم مهاجرين مغاربة سبق لهم أن طلبوا أو أعربوا عن استعدادهم لطلب الحماية الدولية في إسبانيا، موضحة أن المغرب يرفض منذ عدة أسابيع الإعادة الفورية لمواطنيه الذين اعترضهم الحرس المدني الإسباني على الحدود.
لا يمكن الحديث عن الهجرة السرية “لحريك” دون استحضار ما تخلفه من انعكاسات مأساوية على البلد الصادر وعلى المهاجرين أنفسهم، فالأفراد المقبلين على الهجرة معظمهم لم يتجاوزوا فترة الشباب، ومثل هؤلاء الأفراد يمثلون شريحة هامة يمكن أن يعتمد عليها المجتمع لتحقيق التنمية، والسير بالبلاد نحو مستقبل أفضل، وبالتالي فعدم الحفاظ على هذه الشريحة ومحاولة استثمارها يشكل عائقا للتنمية، وكذلك يترك المجال لهذه الشريحة للتفكير في البحث عن وطن بديل، فحين يعجز وطن الأم لتحقيق متطلبات الحياة لدى الشباب يجعلهم يلتجئون لهذا السفر الغريب بحث عن وطن أخر.
بعد مرور عام على غرق السفينة التي راح ضحيتها 94 مهاجراً في إيطاليا، لا يزال البحث عن العدالة مستمراً
لماذا يهرب الشباب المغربي ويخاطر بالهجرة غير الشرعية؟
هناك مثل متداول يقول: “لا يهرب أي قط من دار العرس”، لذلك فأسباب تنامي الهجرة غير الشرعية ليست بحاجة لشرح ضافٍ، وتكمن بإيجاز في مصاعب الحياة، ويجد الشباب أنفسهم ضحايا مخططات سياسات التفقير والتجهيل، وانتشار الرشوة وهيمنة الفساد. ما يخلف انعدام الاطمئنان النفسي وغياب الأمن الفردي والجماعي. يضاف إلى هذا تشديد إجراءات الحصول على التأشيرة لدخول أوروبا، خصوصا للقادمين من دول جنوب الأبيض المتوسط وإفريقيا جنوب الصحراء، التي تتفاقم بها النزاعات المسلحة. هكذا لا يبقى أمام الشباب من أجل تأمين حياة أفضل وتغيير الحياة البائسة سوى المغامرة بالهروب إلى الضفة الشمالية، مهما كلف الثمن الذي يفرضه سماسرة الموت. ويضطر المرشحون للهجرة لركوب قوارب متهالكة مجازفين بأرواحهم وسط عواصف البحر، ومنهم من يلجأ إلى الاختباء تحت حافلات السياح وسيارات المغادرين بالمركز الحدودي باب سبتة.