للقضاء على الفوضى المالية والإدارية التي تعاني منها الرياضة المغربية، لا بد من اجتثاث الداء من جذوره. أي إصلاح حقيقي لن ينجح دون تغيير جذري في هيكلية مديرية الرياضة، بدءًا من المدير وصولًا إلى أصغر موظف. فبقاء نفس القيادات التي تسببت في التسيب المالي سيعني استمرار نفس النهج، ولن يتعدل مسار الرياضة المغربية ما لم يتم اتخاذ خطوات حاسمة لإعادة بناء الثقة والشفافية في هذه المؤسسة الحيوية.
لتحقيق إصلاح حقيقي وجذري في الرياضة المغربية، لا يكفي التركيز على القضايا الظاهرة، بل يجب استئصال الفساد من جذوره. فالتقرير المالي الذي أعدته الخبيرة نجوى بوضهر، والذي كشف عن اختلالات مالية جسيمة في جامعة كرة السلة، يضع مديرية الرياضة في قلب التساؤلات حول دورها في مراقبة وضبط المال العام.
إذا لم يتم إجراء تغييرات جذرية داخل المديرية، بما في ذلك إقالة المسؤولين المتورطين، فإن الفوضى المالية والإدارية ستستمر، ولن يتحقق أي تقدم في قطاع الرياضة.
مليارات دون تبرير: الأرقام الصادمة
أظهر التقرير أن إجمالي النفقات التي تم صرفها خلال تلك الفترة بلغ أربعة مليارات و316 مليون سنتيم، منها ثلاثة مليارات و998 مليونًا غير مبررة.
هذا يعني أن أكثر من 90% من المصاريف التي تم صرفها لم تُرفق بوثائق أو أدلة تدعم هذه النفقات، مما يفتح الباب أمام التساؤل عن مدى شفافية إدارة الجامعة في التعامل مع المال العام.
على سبيل المثال، في موسم 2014-2015 وحده، بلغت النفقات مليارًا و577 مليون سنتيم، منها مليار و519 مليونًا غير مبررة. هذه الأرقام تتكرر عبر المواسم التالية، مما يعكس استمرارية في هذا النهج المالي المشكوك فيه.
مديرية الرياضة ومسؤولية الرقابة
في ضوء هذه الاختلالات المالية الضخمة، يظهر تساؤل مهم حول دور مديرية الرياضة، وهي الجهة المسؤولة عن متابعة المشاريع الرياضية الكبرى، بما في ذلك مشروع “تحقيق الأهداف” الذي يشرف على التعاون بين الجامعات الرياضية والحكومة.
يتساءل العديد: كيف يمكن أن تصرف هذه المليارات دون أي رقابة صارمة من مديرية الرياضة؟ وكيف سمحت المديرية بأن تصل الأمور إلى هذا الحد دون تدخل حاسم؟
الجهة المسؤولة عن متابعة المصاريف والإشراف على الإنجازات هي قسم المستوى العالي، الذي من المفترض أن يضمن أن الأموال المصروفة تذهب في الاتجاه الصحيح لتطوير الرياضة المغربية. لكن مع غياب الشفافية والتقارير المالية الدقيقة، يبقى هذا القسم محط تساؤلات حول دوره الحقيقي في الإشراف والرقابة.
غياب الوثائق البنكية: هل هو عذر مقبول؟
أحد النقاط المثيرة التي أشار إليها التقرير هي عدم توفر رئيس الجامعة مصطفى أوراش على الوثائق البنكية الكاملة للفترة من 2013 إلى 2016. كما ذكر أن البنك لم يقدم له الكشوفات المطلوبة، وهو ما يشكل عائقًا كبيرًا أمام التحقيقات القضائية لتحديد المبالغ بدقة.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: هل يمكن قبول هذا العذر في قضية تتعلق بإدارة مليارات السنتيمات من المال العام؟ وكيف يمكن للبنك أن يمتنع عن تقديم هذه الوثائق الحساسة؟
هل يُحاسب المسؤولون في مديرية الرياضة؟
مع التحديات الكبيرة التي تواجهها الرياضة المغربية، وخصوصًا في ظل تكرار مثل هذه التجاوزات، يأتي السؤال الحاسم: هل سيتخذ الوزير الجديد، شكيب برادة، خطوات حاسمة لتطهير مديرية الرياضة من التسيب؟ وهل يمكن أن يشمل هذا التطهير إقالة جميع المتورطين في هذه القضية من المدير إلى أصغر موظف؟ يبدو أن الحل الوحيد لضمان عدم تكرار مثل هذه التجاوزات هو إعادة هيكلة شاملة للمديرية وإدخال إصلاحات حقيقية تشمل الرقابة والمحاسبة.
الأسئلة المفتوحة: ما مستقبل الرياضة المغربية؟
في خضم هذه الأزمة المالية، تبرز العديد من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابات واضحة:
-
هل ستكون هناك محاسبة فعلية لجميع المسؤولين المتورطين في هذه التجاوزات المالية؟
-
كيف يمكن للرياضة المغربية أن تتقدم إذا كانت مليارات السنتيمات تصرف دون أي توثيق أو رقابة؟
-
هل سيتخذ الوزير الجديد خطوات جدية لحل هذه المشاكل، أم أن الوضع سيظل كما هو؟