“الرباط مدينة الأنوار، العاصمة الثقافية للمغرب” “المشروع فُرضَ على السكّان، في حين كان من الضروري مراعاة أولوياتهم، ومن ثم إشراكهم في تقرير ما يحتاجونه عبر مجموعة من الآليات التواصلية، وليس فقط عبر بناء مسارح وبنايات كبرى في حين تفتقد بعض الأحياء لأبسط المرافق كدور الشباب”.
ذكرت جريدة «الأخبار» في عددها الصادر اليوم الخميس، أن هناك تطور مثير للصراع بين عبد الرحمان افراسن، المدير العام لشركة “الرباط الجهة للتهيئة”، والتي يترأس مجلس إدارتها والي جهة الرباط سلا القنيطرة محمد اليعقوبي حاليا، ومن قبله عبد الوافي الفتيت، الذي قدم استقالته من منصبه، دخول قضات المجلس الأعلى للحسابات على الخط.
وأفادت مصادر مطلعة بأن زينب العدوي، رئيسة المجلس، قررت إجراء افتحاص لكل الصفقات التي فوتتها الشركة، بعد توصلها بمعطيات حول وجود خروقات واختلالات في تفويت وتنفيذ بعض الصفقات المتعلقة بالمشاريع المبرمجة في إطار المشروع الملكي «الرباط عاصمة الأنوار».
عُرفت بصرامة كبيرة في تطبيق القانون، وتميزت بانضباط شديد في أدائها للمهام المنوطة بها، ما جعل البعض يُلقبها بـ”المرأة الحديدية”، لكن آخرين يحلو لهم تسميتها بالمرأة الاستثناء، نظراً لقُدرتها على إثبات حضورها المهني، وفرض وجودها في مراكز قرار لم تطأها امرأة قبلها قط.
وحسب معلومات حصلت عليها «الأخبار»، فإن العدوي طلبت بعض المعلومات من مدير شركة «رباط التهيئة»، بعد زيارة هذا الأخير لمسؤول كبير بوزارة الداخلية يعرف «خبايا وأسرار» الشركة والمشاريع التي تشرف عليها. ومن المنتظر أن يتم الاستماع إليه من طرف قضاة المجلس، والاستماع إلى عدد من المسؤولين الكبار بولاية الجهة.
ومن بين الملفات التي فجرت الصراع، استحواذ شركات قادمة من جهة طنجة تطوان الحسيمة على جل الصفقات، وكذلك تعثر بعض المشاريع التي تدخل في إطار البرنامج المندمج للتنمية الحضرية للرباط، الذي رصدت له اعتمادات مالية بلغت قيمتها 9 ملايير و425 مليون درهم.
وكان إطلاق هذا البرنامج عام 2014، ويرتكز على محاور عدة، من بينها تثمين الموروث الثقافي والحضاري للمدينة والحفاظ على الفضاءات الخضراء والبيئة وتحسين الولوج للخدمات والتجهيزات الاجتماعية وتقوية وتحديث تجهيزات النقل وإنعاش الأنشطة الاقتصادية وتعزيز البنيات التحتية الطرقية، والذي كلف حوالي تسعة مليارات درهم (نحو 933 مليون دولار)، والتزمت بإنجازه أطراف متعددة من سلطات محلية ووزارات ومؤسسات عمومية، إلى جانب بلدية الرباط التي ساهمت – بـ 720 مليون درهم (نحو 75 مليون دولار) ووفرت أكثر من 40 هكتارا، إضافة إلى تسهيل الإجراءات الإدارية وتسريع الإنجاز.
وخلال أغسطس/ آب من السنة نفسها، جرى إحداث شركة مساهمة مَملوكة للدولة تحت اسم “شركة الرباط الجهة للتهيئة Rabat Région Aménagement”، للإشراف على تنفيذ المشروع والتنسيق مع مختلف الفاعلين وتتبع الإنجازات، بحسب ما وثقه معد التحقيق عبر عدد الجريدة الرسمية رقم 6285 الصادر في 25 أغسطس 2014.
ويهدف مشروع البرنامج إلى خلق ديناميكية على مستوى الأنشطة الاقتصادية وتعزيز البنية التحتية للطرق والحفاظ على البيئة، فضلا عن تثمين التراث الثقافي والحضاري للمدينة وإعادة تأهيل النسيج الحضري وتعزيز وتحديث تجهيزات النقل وتحسين الولوج إلى الخدمات والمرافق الاجتماعية للقرب وتعزيز الحكامة، وفق ما جاء في مذكرة حول التوزيع الجهوي للاستثمار، نشرت على الموقع الإلكتروني لوزارة المالية المغربية.
ورغم أنه كان من المفترض أن تنتهي أشغال مشروع “الرباط مدينة الأنوار” المحددة آجال إنجازها النهائية بأربع سنوات، في عام 2018، إلا أنها ما زالت مستمرة في تأخير لأكثر من سنة، وهو ما يبرره المدير العام للشركة المنفذة (الرباط الجهة للتهيئة) بأنه “لا يمكن صرف 9 مليارات درهم (حوالي مليار دولار) في أربع سنوات”.