بعد الجدل الناشئ عن توحيد خطبة الجمعة في مختلف المساجد المغربية، خرج المجلس العلمي الأعلى ليعلن عن جعل اعتماد الخطبة الموحدة اختياريًا.
وأفادت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ببيان من المجلس العلمي الأعلى يعلن فيه عن تقديم خطبة الجمعة المقبلة كخيار للخطباء كل يوم أربعاء في الساعة الثانية بعد الزوال.
الإعلان أوضح أن هذه الخطبة ستكون متاحة للاعتماد من قبل خطباء الجمعة الراغبين، وذلك عبر موقع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية (www.habous.gov.ma) وصفحاتها الرسمية على الشبكات الاجتماعية، إضافة إلى صفحات المجالس العلمية الجهوية والمحلية.
تجدر الإشارة إلى أن هذه الخطوة أثارت نقاشًا واسعًا وتلقت انتقادات متعددة، حيث عبرت بعض الأصوات عن رفضها لتحول الخطيب إلى مجرد قارئ لخطبة محددة مسبقًا، في حين اعتبرت أصوات أخرى أن هذا التوحيد يساهم في تقليل خطر التطرف وتوحيد خطاب الجمعة.
وكانت الوزارة قد أعلنت سابقًا عن مشروع تسديد التبليغ، الذي يشمل تعميم خطب الجمعة كخطوة مؤقتة تهدف إلى تحسين الأوضاع العامة وتعزيز الحياة المشتركة.
“الحكومة تحت النار: رفض تفاعلي مع أزمة كليات الطب والصيدلة يثير جدلاً برلمانيًا”
تشهد خطة “تسديد التبليغ” الدينية في المغرب، التي أعدها المجلس العلمي الأعلى ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، تباينًا واسعًا في الآراء بين مختلف شرائح المجتمع. يرى البعض أن توحيد خطب الجمعة قد يحول الخطيب من شخص بتكوين ديني يختار المواضيع بحسب الحاجة والمناسبة، إلى مجرد قارئ لخطب مكتوبة، مما يقلل من التفاعل الشخصي والمرونة في التعامل مع قضايا متنوعة تطرحها الساحة الاجتماعية والثقافية.
من ناحية أخرى، يرى آخرون أن هذه الخطوة قد تحسن من جودة الخطب وتوفر رسالة دينية متسقة وموحدة للمجتمعات المسلمة، مما يساهم في تجنب الاختلافات والأخطاء التي قد تنشأ في خطب متفرقة. يعتبرون هذا التوحيد خطوة نحو ترشيد التدين وتعزيز الوعي الديني بين الناس.
بالنهاية، يجسد هذا الجدل التوتر المستمر بين الحفاظ على التقاليد الدينية والتكيف مع التحديات الحديثة التي تطرحها المجتمعات الدينية. تظل حاجة إلى مناقشة متعمقة وشاملة لمختلف الآراء والمخاوف المتعلقة بالممارسات الدينية في إطار التطورات الاجتماعية والثقافية الراهنة.
لقد بدأ الأسبوع الأخير من يونيو/حزيران الماضي بتنفيذ خطة “تسديد التبليغ من أجل حياة طيبة” في عدد من مساجد المملكة المغربية، حيث تم اعتماد أول خطبة موحدة بعنوان “فضل الاستجابة إلى الله ورسوله”، قبل أن يتم تعميمها على جميع المساجد.
يبلغ عدد المساجد في المغرب حوالي 52 ألفًا، منها 24 ألفًا هي مساجد جامعة تستخدم لصلوات الجمعة، بينما تخصص البقية للصلوات الخمسية. تقع 72% من هذه المساجد في المناطق الريفية، بينما تتوزع الباقي في المدن.
أوضح سعيد بيهي، رئيس المجلس العلمي لعمالة الحي الحسني بالدار البيضاء، أن المجلس العلمي الأعلى وضع هذه الخطة نظرًا لملاحظته أن التبليغ الديني الحالي لا يحقق الهدف المرجو منه في تغيير أحوال الناس ورفع مستوى التدين لديهم، وبالتالي لا يظهر ثمراته على الواقع بشكل كافٍ.
بيهي أكد أن التدين في الوضع الحالي قد تحول إلى “تدين قشري ومظاهر جوفاء وأيديولوجيا”، دون أن يحقق المقصود الحقيقي من الدين في تحقيق حياة طيبة للمتدينين. وأشار إلى أن هذا الوضع يستنزف جهود وأوقات وموارد، مع العلم بأن حوالي 9 ملايين شخص ينصتون للخطبة كل جمعة دون أن تترك أي أثر في حياتهم، وأن الانحرافات تتزايد مما يكلف الأفراد والأسر والدولة الكثير.
وأضاف أن المجلس العلمي الأعلى سينفذ هذه الرؤية من خلال خطب الجمعة ودروس الوعظ والإرشاد في المساجد، حيث سيتم تقديم خطبة موحدة في كل جمعة سيتم عرضها في دروس للوعظ والإرشاد تُعقد في المساجد طيلة الأسبوع.