بعد حادثة ريان.. السلطات المغربية تُشرع في هدم جميع الآبار “حتى التي في محلات وممتلكات المواطنين”

0
234

لم تدفع مأساة سقوط الطفل ريان في ثقب مائي بضواحي شفشاون، السلطات المغربية فقط لردم الآبار العشوائية والثقوب المائية.

بل تعدتها إلى عدد من المدن المغربية التي تحركت فيها السلطات من أجل ردم الآبار الخاصة وداخل مساكن المواطنين، بعد إصدار حكم قضائي  تجنباً لحدوث مأساة مثل تلك التي تعرض لها الطفل ريان وأسرته.

ففي مدينة الجديدة غرب وسط البلاد، أقدم قائد الملحقة الإدارية الثالثة بمدينة الجديدة،صباح يوم الخميس 17 فبراير الجاري، و بحضور رجال القوات المساعدة و الشرطة الإدارية، على هدم بئر يوجد بمحل لغسل السيارات “لافاج” المتواجد بحي السلام.

البئر الذي تم هدمه من طرف السلطات المحلية، قد تم حفره سنة 2016 من طرف صاحب المنزل، هذا الأخير قام بكرائه و تم تحويله واستغلاله كمحل لغسل السيارات.

و جاء هدم البئر بعد توصل السلطات بحكم قضائي، بكون البئر الموجود داخل محل لغسل السيارات قد بني بدون ترخيص، و هو ما جعل المكتري يحس بنوع من الظلم، خصوصا أنه في نزاع قضائي مع صاحب المحل من أجل الافراغ.

وبالنظر للتعقيدات الإدارية المرتبطة بحفر الآبار في المغرب والتي تتطلب في بعض الأحيان حوالي ثمانية أشهر، يلجأ السكان إلى الحفر بعيداً عن أعين السلطات.

وأوضحت المصادر أن إحدى الشركات تنشط مؤخراً في حفر الآبار في منطقة تنغير في الجنوب الشرقي بنصف الثمن المعهود وبسرعة كبيرة؛ ما شجع السكان على الحفر والاستعانة بها بسرية لإيجاد الماء.

هذا و يعرف حي السلام والنجد و باقي أحياء مدينة الجديدة، ظهور محلاته لغسل السيارات، و منهم من يقوم بالاستغلال المفرط للمياه، خصوصا أن الظرفية التي يعيشها المغرب جد صعبة مع قلة التساقطات…

وحسب مصادر في منطقة الجنوب الشرقي التي تعاني من تبعات شديدة للجفاف، فإنها تشهد حفراً مكثفاً للآبار العشوائية وغير المرخصة.

وتعالت أصوات للمطالبة بضرورة ردم أو إغلاق الآبار العشوائية وحتى البالوعات المكشوفة، تفاديا لوقوع ضحايا جدد، وذلك بعد حادثة وفاة الطفل ريان، الذي سقط في بئر، وتم انتشاله بعد 5 أيام.

وتدق مأساة الطفل ريان ناقوس الخطر حول إهمال تلك الآبار، كما تطلق دعوات لتسييج محيط الآبار العشوائية، أو طمرها نظرا للخطر الذي تشكله على حياة المواطنين، وخصوصا الأطفال.

ونبّه ناشطون على المنصات الاجتماعية إلى وجود آبار مفتوحة وجافة بعمق يتراوح ما بين 100 و150 مترا في عدد من المناطق، مشيرين إلى أن هذه الآبار تشكل خطرا كبيرا، خاصة وأنها توجد في أماكن يمر فيها الرعاة والصيادون وغيرهم.

وأطلقت هيئات المجتمع المدني حملة للمطالبة بإحصاء الآبار في المغرب والثقوب المهجورة، والعمل على ردمها حتى لا تتكرر مأساة الطفل ريان.

وفي خضم النقاش الذي طفا على السطح بعد حادثة الطفل ريان، تطرق عدد من المراقبين إلى التشريعات التي تنظم حفر الآبار في المغرب وتراقب عملها.

وجوابا على أسئلة “سكاي نيوز عربية”، أوضح الخبير القانوني والباحث السياسي، الحسين كنون: “هذا الأمر في المغرب مؤطر بالقانون 36.15 الذي ينظم حفر الآبار، وهي ثلاثة أنواع؛ أولاً الآبار التقليدية، ثم الآبار التي تُحفر ضمن مجهودات المجتمع المدني في إطار التضامن بين الدواوير، وفي الأخير الآبار العصرية التي ترى النور ضمن المخطط الأخضر التابع لوزارة الفلاحة”. 

وأضاف الخبير: “استنادا إلى القانون، فإنه من المفترض أن يحصل كل شخص طبيعي أو معنوي، على ترخيص من السلطات المختصة؛ وهي السلطة المحلية التي تنسق مع وكالات الأحواض المائية المتواجدة في كل الأقاليم والعمالات والجماعات الترابية”.

ولا تتوفر الدولة على إحصائيات دقيقة بخصوص أعداد الآبار التقليدية المهترئة، التي لم تعد صالحة للاستعمال، في ظل شح المياه بالعديد من المناطق الجبلية، ما يتطلب تدخل السلطات المعنية قصد الحد من الظاهرة.

وكان مرصد الشمال لحقوق الإنسان قد سجل في بيان له “المسؤولية التقصيرية للسلطات بمجموعة من عمالات وأقاليم شمال المغرب، بعدما غضت الطرف لسنوات عن عمليات حفر مئات الآبار من طرف بعض تجار ومزارعي القنب الهندي في خرق واضح للقانون وضد إرادة السكان وبتواطؤ مكشوف للسلطات المحلية”.

ولفت المرصد إلى “وجود العشرات من الشكايات موضوعة من طرف السكان لدى الجهات المختصة. مما ساهم في تمادي العديد من ذوي النفوذ، وهدد الفرشات المائية لمجموعة من المناطق، ناهيك على أن تلك الآبار أصبحت تهدد حياة المواطنين القاطنين بهذه المناطق وبالخصوص الأطفال”. 

كما علق الحسين كنون في تصريح خص به “سكاي نيوز عربية”، قائلا: “أعتقد أن القانون يكون في بعض الأحيان قاصرا، لا سيما فيما يتعلق بالثقوب المائية، حيث إنه لا يلزم صاحب الثقب بأن يغلق الفوهة بعد الانتهاء من أعمال الحفر، أو وضع سياج حوله يتجاوز المتر”.

وطالب الباحث السياسي، “السلطات المحلية المتمثلة في الأعوان الذين يعملون مع وكالات الأحواض، بأن يقوموا بتنسيق مع الجماعات المحلية بإيجاد حل لهذه الآبار، وذلك في إطار الجهوية المتقدمة. أما السلطات المركزية وعلى رأسها الحكومة والبرلمان، فهي مطالبة بسن القوانين التي من شأنها أن تنظم كل مناحي الحياة، وبالتالي فحسب هذه المقتضيات، على السلطة المحلية أن تضبط هذا الموضوع، لأن الأعوان لهم صلاحية تحرير المحاضر وفقا لأحكام المسطرة الجنائية، وإحالة المخالفات على النيابة العامة داخل أجل عشرة أيام”.

وخلص رجل القانون إلى أن “السلطات المحلية عليها أن تسارع لإجراء مسح شامل وإحصاء محين لكل الآبار وإغلاق الثقوب المائية التي تم الانتهاء من استخدامها”. 

وكانت وزارة الداخلية المغربية، قد أصدرت تعليمات بهدم وإغلاق الآبار والحفر المهجورة القريبة من التجمعات السكانية، وطالبت أعوان السلطة بمدها بإحصاء وجرد شامل لكافة الآبار المهجورة والعشوائية، خصوصاً في المناطق القروية وذلك لوضع حد للحوادث التي تخلف ضحايا، وحتى لا تتكرر حوادث مأساوية مثل تلك التي شهدها المغرب الأسبوع الماضي.

وأنشأت الحكومة المغربية سنة 2017 شرطة المياه مهمتها مراقبة استعمال واستغلال الملك العمومي المائي.

ويعهد إلى أعوان هذه الشرطة معاينة المخالفات طبقاً لمقتضيات قانون الماء، وولوج المنشآت المائية بما فيها الآبار والأثقاب والتجهيزات المتعلقة باستعمال واستغلال الملك العمومي المائي، وتوقيف الأشغال والحجز على الآليات والأدوات والأشياء التي كان استعمالها أساس المخالفة وإيداعها بالمحجز، غير أن عمل هذه الشرطة محدود بالنظر لضعف الإمكانيات المرصودة لتسهيل عملها.

 

 

 

 

جلالة الملك المفدى يأمر بإنفاق عشرة مليارات درهم لمساعدة قطاع الزراعة على مواجهة الجفاف