الفوضى الرقمية في المغرب: كيف تواجه الرابطة المغربية لحقوق الإنسان حملات التشهير والابتزاز؟
في عالم رقمي متشابك، باتت وسائل التواصل الاجتماعي منصة لا يقتصر استخدامها على تعزيز الحوار والتواصل، بل أصبحت ساحة تتجلى فيها مظاهر التشهير والابتزاز، وهو ما يهدد المبادئ الأخلاقية والمجتمعية.
في هذا السياق، وجدت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان نفسها في مواجهة مباشرة مع هذا الواقع، بعد تعرضها لحملة ترهيب إثر تقديمها شكاية قانونية ضد أحد صانعي المحتوى المعروف بـ”ولد الشينوية”.
الرابطة، التي لم تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه الهجمات الرقمية، أعلنت عزمها على تنظيم ندوة صحفية بالتزامن مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان. وتهدف هذه الندوة إلى كشف تفاصيل الحملات الممنهجة ضدها وإطلاق حملة وطنية ودولية لمكافحة التشهير الرقمي والابتزاز.
هذه الخطوة تأتي في إطار مواجهة ظاهرة متنامية تهدد القيم المجتمعية وتدعو إلى وقفة حازمة لمعالجتها.
مواجهة التشهير: خطوات شجاعة ولكن
بدأت الأزمة عندما تقدمت الرابطة بشكاية ضد رضا البوزيدي، المعروف باسم “ولد الشينوية”، بتهم تشمل الاتجار بالبشر والإخلال العلني بالحياء والسب والقذف. هذه الخطوة القانونية أثارت ردود فعل عنيفة من قبل داعميه على منصات التواصل الاجتماعي، الذين شنوا حملة منظمة ضد الرابطة وعدد من المدافعين عن حقوق الإنسان.
هذا الوضع يفتح الباب للتساؤلات: كيف يمكن لمؤسسات الدولة أن تضمن حماية المنظمات الحقوقية من مثل هذه الهجمات؟ وهل يمتلك الإطار القانوني الحالي في المغرب الأدوات الكافية لمواجهة هذه التحديات الرقمية؟
تطهير الفضاء الرقمي: من المسؤول؟
الندوة الصحفية المرتقبة لا تسعى فقط إلى كشف تفاصيل الحملة، بل تهدف أيضًا إلى تسليط الضوء على أهمية تنظيف الفضاء الرقمي من المحتويات التافهة والضارة.
يأتي ذلك في وقت تتزايد فيه الدعوات لتشديد الرقابة على منصات التواصل الاجتماعي وتحميل الشركات التكنولوجية مسؤولية مراقبة المحتويات.
لكن السؤال الأهم هنا: هل يمكن تحقيق توازن بين حرية التعبير وحماية الأفراد والمنظمات من التشهير والابتزاز؟ وكيف يمكن للمجتمع المدني أن يلعب دورًا أكثر فاعلية في هذا الإطار؟
الأبعاد القانونية: ضرورة التحرك الفوري
من الناحية القانونية، يمثل تحرك الرابطة خطوة هامة في محاربة الفوضى الرقمية، لكنه يبرز في الوقت ذاته الحاجة إلى إصلاحات هيكلية في القوانين المتعلقة بالفضاء الرقمي. مع تصاعد قضايا التشهير والابتزاز، يصبح من الضروري تعزيز الأطر القانونية لتشمل عقوبات صارمة على ممارسات التشهير الرقمي، إلى جانب ضمان آليات شكاوى فعالة وسريعة.
هل تكفي الإجراءات الحالية للحد من هذه الظاهرة؟ أم أن الوضع يستدعي تحركًا أوسع يشمل إصلاحات قانونية ومجتمعية متكاملة؟
نحو فضاء رقمي آمن: مسؤولية مشتركة
في ظل تصاعد المخاوف من التأثير السلبي للمحتويات الضارة على منصات التواصل، يبقى الحل مرهونًا بتعاون جميع الأطراف:
-
الدولة: من خلال تحديث القوانين وتفعيل الرقابة الفعالة.
-
المجتمع المدني: عبر إطلاق مبادرات توعوية تحفز على الاستخدام المسؤول للتكنولوجيا.
-
شركات التكنولوجيا: بتحمل مسؤوليتها في مراقبة المحتويات وضمان التزامها بالقوانين المحلية والدولية.