لم تكن تصريحات محمد المهدي بنسعيد أمام لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية مجرّد تعقيب تقني على مشروع قانون جديد. ما قاله الوزير بدا أشبه بقراءة رسمية لما حدث «الأسبوع الماضي»، أي الفضيحة التي فجّرها الفيديو المسرّب للجنة الأخلاقيات داخل المجلس الوطني للصحافة.
لكن خلف هذه الإشارة العابرة، كانت هناك حقيقة أعمق: الدولة نفسها وصلت إلى قناعة بأن «المؤسسة التي وُلدت لحماية الصحافيين من الانزلاقات الأخلاقية» أصبحت هي موضوع أزمة أخلاقية.
1. الطعن كآلية لإصلاح العطب… أم كبوابة لإعادة توزيع السلطة؟
حين يؤكد الوزير أن «النص الجديد يقوّي من الطعن»، فهو يُدخل كلمة مفصلية إلى قلب النقاش: الطعن.
ليس المقصود فقط تصحيح قرارات لجنة فقدت الثقة، بل إعادة هندسة موازين القوة داخل المجلس.
فالطعن، في الحالة المغربية، لم يعد مجرد إجراء قانوني، بل أصبح آلية لإعادة الشرعية بعد أن اهتزت أمام الرأي العام.
هنا يبرز سؤال تحليلي جوهري: هل نحن أمام محاولة لإنقاذ المؤسسة من نفسها؟ أم أمام رغبة لإعادة وضعها تحت رقابة أكبر من الدولة بعد أن انفلتت إحدى لجانها من قواعد اللعبة؟
2. “نخبة جديدة”… عبارة محمّلة بأكثر من معنى
حين يقول بنسعيد إن «ما نحتاجه هو نخبة جديدة»، فهو يعلن بوضوح أن النخبة الحالية فشلت.
لكن ما لا يقوله الوزير هو: ما طبيعة هذه النخبة الجديدة؟ ومن سيصنعها؟ ومن سيحظى بحق اختيارها؟
الحديث عن “مرحلة جديدة” يعكس إدراكًا رسميًا بأن التراكمات داخل المجلس لم تعد قابلة للترقيع، وأن بنية التمثيلية المهنية انغلقت على نفسها.
فالصالونات المهنية، وحسابات الأنا، والصراعات الخفية بين الفاعلين، جعلت مؤسسة تُفترض فيها الحيادية ساحة معارك صغيرة تُدار بالمصالح.
هذه ليست دعوة إلى تجديد الأشخاص فقط، بل إعادة صياغة الشرعية المهنية من الأساس.
3. الحكومة و”التراكم”: اعتراف ضمني بأن المجلس لم يُنجز مهمته
بنسعيد قال جملة لافتة: «الحكومة – عكس الحكومات السابقة – تعيش مع تراكم».
هذا يعني شيئين:
-
أن المجلس لم يؤدّ الدور الذي أنشئ من أجله.
-
أن الحكومة الحالية لا تريد أن تتحمّل تبعات هذا الفشل دون تعديل قواعد اللعبة.


