أعادت مبادرة رئيس وسيط المملكة (مؤسسة رسمية بالمغرب) بتنظيم امتحان جديد لمزاولة مهنة المحاماة، الجدل مجددا إلى الواجهة بعد أن قال عبد الإله بنكيران الأمين العام لحزب “العدالة والتنمية، كان ينبغي من مؤسسة الوسيط إما أن تقول إن المباراة تمت وفق الشروط المحددة لها، أم أن المحتجين ضددها ليسوا على حق.
وأضاف بنكيران في كلمة له خلال اجتماع اللجنة الوطنية للحزب، اليوم السبت، أن فساد منطق الدولة ومقاربتها لا يبرر فساد منطق الشعوب، لأنها بذلك لا تتقدم ولا تتطور.
وكانت نتائج امتحان ولوج مهنة المحاماة بالمغرب قد أثارت جدلا منذ الإعلان عنها في أواخر ديسمبر الماضي، حيث نظم عدد من الراسبين في هذا الامتحان وقفات احتجاجية وإضرابا عن الطعام داعين إلى فتح تحقيق في النتائج التي وصفوها بـ”المشبوهة”، كما تصاعدت المطالب بذلك من فعاليات سياسية وحقوقية.
واعتبر بنكيران أن فاجعة وقعت في المغرب خلال الأيام الأخيرة، بعد الذي وقع في مباراة المحاماة التي كانت جريمة ونتائجها غريبة، ومؤسسة الوسيط كان ينبغي إما أن تقول إن المباراة تمت وفق الشروط المحددة لها، أم أن المحتجين ضددها ليسوا على حق.
وتابع بنكيران ” إذا شابت المباراة خروقات كان يجب أن تلغى ويتحمل الوزير نتائجها ويمشي في حالو”، مضيفا ” على أقل من هذا وزراء في حكومات أخرى يقدمون استقالتهم”.
زاد ” ما حدث أن الوزير بقي في مكانه والناجحين كذلك وستتم إعادة المباراة من جديد، وهذه مصيبة لأنه من الآن فصاعدا كل مباراة ستحدث فيها مشاكل وتظهر فيها احتجاجات، فهل في كل مرة نعيد فيها المباراة”.
وواصل بالقول ” هذه المباراة نظمت تحت سلطة الوزير الذي اتهم بأنه فسح المجال لمجموعة من المحظوظين والأقارب والأصدقاء”.
وأكد بنكيران أن المهم بالنسبة له هو الدولة، لأن بعض الناس يتواجهون معها وبذلك يضعفونها، ولا يقدمون أي اقتراحات في المقابل.
وشدد على أن الدولة يجب أن تكون قوية وفي داخلها يمكن أن يحدث نزاع أو صراع، لأنه إذا ضاعت الدولة يضيع كل شيء، خاصة أننا في ظرفية الدول فيها مهددة.
وأكمل ” ما حدث من إعادة مباراة المحاماة سيعيد الاحتجاجات إلى الشارع واحتلال الملك العام، وسيحدث نوعا من الفوضى”.
وأشار أن مؤسسة الوسيط ما كان عليها التدخل لأن القضية موجودة الآن بين أيدي القضاء، ولا أن تعطي توجيه للحكومة.
وسجل أن الحكومة بتنفيذها لتوصيات مؤسسات الوسيط فإنها جبانة، لأن الصواب كان يقتضي إلغاء المباراة السابقة وأن تقام بعد إقالة الوزير.
ووجه بنكيران انتقادات عديدة لعبد اللطيف وهبي، معتبرا في الوقت ذاته أن العلاقة بينهما ودية، ولا يحمل ضدده أي شيء شخصي، قبل أن يضيف “لكنه مسكين غي كيخربق ومنذ جاء ونحن في المشاكل، سواء في قضية الضرائب مع المحامين، أو مباراة المحامين، أو مدونة الأسرة”.
وتساءل عن من يحمي وهبي لأنه كان يجب أن يذهب منذ زمن، وفي كل مرة نسمع عن إقالته، لأنه أظهر أنه غير كفء، ومؤسسة الوسيط أدانت عبد اللطيف وهبي لذلك عليه أن يستقيل.
وسجل أن “إعادة مباراة المحاماة ستفتح باب الفتنة، وأن هذا الموضوع يجب أن يعالج على أعلى مستوى”.
وتحوّلت نتائج اختبارات المحامين التي أُعلِنَت بداية يناير/ كانون الثاني الجاري، إلى قضية رأي عام في المغرب، بعد الكشف عن تضمن لوائح الناجحين أسماء نجل وزير العدل الحالي وأقارب له، وأبناء محامين ومسؤولين في وزارة العدل، بالإضافة إلى برلمانيين سابقين وحاليين.
وتعليقاً على الجدل الدائر، قال المحامي ورئيس “الجمعية المغربية لحماية المال العام” (غير حكومية) محمد الغلوسي، في تصريح صحفي سابق :” الذين طالبوا بشفافية امتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة لم يسيئوا للمهنة ولا لرسالة الدفاع، فقط طالبوا بإجراء تحقيق وبحث حول افتراض شبهة فساد شابت الامتحان وهو حق مشروع يضمنه الدستور والقانون، وهم بذلك يدافعون عن نبل المهنة وشموخها وتحصينها من أية خدوش أو انزلاقات مفترضة تمسّ بجوهر رسالة المحاماة، كما أن سلوكهم هذا يعد انتصاراً للقانون والعدالة”.
وتابع: “المطالبة بإجراء تحقيق لا يتضمن أية إساءة للمهنة، بل إنه من صميم دولة الحق والقانون، وشيطنة ذلك لا يمكن أن يفهم إلا بكونه خوفاً من نتائج البحث والتحقيق. لا يمكن لأي منتسب لمهنة المحاماة ومؤمن برسالتها أن يكون ضد فتح أي بحث حول ادعاءات ومزاعم بوجود فساد أو زبونية أو محسوبية أو أن يعتبر ذلك استهدافاً للمهنة وللأشخاص، بل إنه سيكون مدافعاً شرساً عن ضرورة إجراء هذا البحث خوفاً على المهنة ورفضاً لأي شبهة تلصق بأهلها وإدانة لكل ما من شأنه أن يلحق بها أي ضرر”.
وكان إعلان نتائج امتحان الأهلية قد أثار غضب عدد من المتبارين الراسبين، الذين احتجوا الثلاثاء الماضي أمام مقر البرلمان المغربي، للمطالبة بفتح تحقيق في هذه النتائج وإبطالها وإعادة تصحيح الأوراق.
كذلك دشن ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، وسم (هاشتاغ) #مباراة المحاباة وليس المحاماة، شككوا من خلاله في نزاهة الامتحان والنتائج، منددين بمحاولات “توريث” مهنة المحاماة داخل العائلات النافذة وإقصاء أبناء الطبقات الفقيرة وتحطيم أحلامهم.