بنكيران “على الرغم من أنهم يقولون أننا انتهينا، لكنهم مازال مشوشين من جهتنا، لعل في ذلك ما يثير الارتياب”

0
420

ما إن يتحدث رئيس الحكومة السابق، والآمين العام لحزب “العدالة والتنمية”، عبد الإله بنكيران (2011: 2017)، في السياسة حتى تتصدر تصريحاته الصحف والمواقع الإخبارية ونشرات التلفزيون. وبقدر ما تثير تلك التصريحات جدلا ونقاشا سياسيا، بقدر ما يساهم بنكيران (67 عاما) بشكل كبير في تحريك اللعبة السياسية، التي تبدو رتيبة أحيانا.

طرح القيادي المغربي المثير للجدل عبد الإله بنكيران سؤال عن أسباب استمرار تربص خصومه بالحزب الذي يقوده من جديد، قائلاً : “على الرغم من أنهم يقولون أننا انتهينا، لكنهم مازال مشوشين من جهتنا، لعل في ذلك ما يثير الارتياب”.

وشبه الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الخصوم بقصة ذلك اليهودي الذي رأه الناس يضرب مسلما، لكن اليهودي كان يضرب ويبكي، فشألوه عن سبب بكاءه، فأجاب: أفكر في الساعة التي سيقوم هو ويضربني.

وتابع بنكيران متحدثا خلال المؤتمر الجهوي السادس لحزب العدالة والتنمية بسوس ماسة، “هؤلاء الناس لم يكتفو بعد من سقوط العدالة والتنمية، لأنهم موقنون بأنه لم ينته بعد”.

واعتبر عبدالاله بنكيران، أنه لم يسبق لأي حزب سياسي أن وقع له ما وقع لحزبه بسقوطه من المرتبة الأولى بـ 125 نائبا برلمانيا إلى المرتبة الثامنة بـ13 نائبا ونائبة بمجلس النواب و0 مستشار بمجلس المستشارين. 

وأوضح رئيس الحكومة السابق أن الأحزب السياسية عندما تأتيها مثل هذه الضربات فهي تنطفئ شيئا فشيئا أو تندثر كما حدث مع أحزاب مغربية كانت كبيرة مثل حزب الشورى والاستقلال، وأحزاب أخرى بقيت موجودة في الساحة فقط، وأحزاب تطورت وأصبحت أحزاب اشخاص وهناك بعض الأحزاب تتحول إلى ما تتحول إليه السيارات في لافيراي، يتم الأخذ منها القطع التي مازالت صالحة.

وتساءل بنكيران إذا كان حزب العدالة والتنمية سيذهب في هذه الطريق، أو أن أناسه سوف يجددون العهود ويبذلون الجهود ويصبرون، حتى ولو كان من الصعب تبوؤ المرتبة الأولى مجددا، لكن الحزب يحضى بمكانة اجتماعية والنس وضعوا ثقتهم فيه وآمنوا به.

وتابع قائلا: “ما حدث أشعرني بالقطيعة وكنت على نية المغادرة، مشكلتي ليست الهزبمة وهذا عادي يحدث في السياسة ولكن ما حدث لنا كان غير عادي وتخلت فيها أيادي على مستويات مختلفة، فلا داعي أن نخوض في تفاصيل ليس لدينا عليها دليل وبرهان..”

وافترض بنكيران أنه حتى ولو كانت الدولة تتدخل في الانتخابات، “لنفترض ذلك، ولو أنه غير صحيح بشكل مطلق، وقد يكون فيه بعض الصحة، لماذا ستجلب الدولة حزب العدالة والتنمية إلى صدارة المشهد السياسي، يجب أن يكون هناك مبرر” وأشار إلى أنه “في 2011 منع تدخل الدولة في الانتخابات، وفي 2016 لم تكن هناك رغبة من الدولة في بقاء العدالة والتنمية ولكنه فاز، لأنه من ذكاءها ألا تتضادم مع تيار إيديولوجي”، على حد تعبيره. 

قبل عقد من الزمن، جاء وصول العدالة والتنمية إلى الحكومة إثر انتفاضة حركة 20 فبراير سنة 2011، كضرورة أملتها التحولات الجيوستراتيجية والظرفية الدولية على الحاكمين في المغرب. وفعلا، قام الإسلاميون المعتدلون بمهمة كتيبة الإطفاء. هكذا استطاع المغرب الإفلات من مصير دول مجاورة أنهكتها ثورات “الربيع العربي” وأدخلتها في أنفاق مظلمة لم تفلح في الخروج من حلكة عتمتها القاسية حتى اليوم.

هزيمة “البيجيدي” إذًا سيناريو لم يكن واردا بهذه القساوة لدى جماعة الإخوان في المغرب، وفي مقدمتهم عبد الإله بنكيران وسعد الدين العثماني، الذي تولى في الخمس سنوات الأخيرة مهمة رئاسة الحكومة، ففي أكثر من جهة مغربية ذهب إليها العثماني خلال الحملة الانتخابية الأخيرة، بغاية الترويج لمرشحي حزبه وحث الناس على التصويت على رمز “المصباح”، وجد نفسه أمام جماهير هائجة من المحتجين المطالبين برحيله. لكن العثماني وإخوانه لم يصدقوا ما رأت أمُّ أعينهم. إذ سيصرح الأمين العام لـ”البيجيدي” لمراسل محطة “البي بي سي” في الرباط متبسما أن “هؤلاء مجرد مرتزقة مسخرين أخذوا ثمن ما يقومون به من تهجم وتحرش ضدنا”. ولم يكن يعلم أن عربون فشل حزبه سيكون سقوط رأسه في الدائرة المحيطة بالعاصمة، ولم يكن عبثا أن سميت تلك الدائرة الرباطية بـ”دائرة الموت”.

الذي حصل هو أن “البيجيدي” لم يغادر نشوة الاغترار بفوزه بالرتبة الأولى في انتخابات 2016، حين حصل على 125 مقعدا، مكرّرا إنجازا أفضل مما حققه في انتخابات 2011، ليستمر في قيادة التحالف الحكومي على رأس الحكومة، ناسيا خطورة “المخزن”، إذ لم يقرأ جيدا تجربة الاشتراكيين بزعامة عبد الرحمان اليوسفي، وكيف لفظهم القصر في لحظة مارقة من الزمن السياسي أُطلق عليها في الأدبيات السياسية المغربية “الخروج عن المنهجية الديمقراطية”. وها هم إخوان بنكيران يؤكلون اليوم في النهار الأبيض جهارا وطبقا لـ”المنهجية الديمقراطية”.

هل كانت هزيمة “البيجيدي” المذلة تصويتا عقابيا؟ أو أنها أتت قبل كل شيء استجابة لإرادة القصر بعد أن انتهت صلاحية الإسلاميين، وأصبح إلغاء استمرارهم في الواجهة الحكومية واجبا ملحا أسبق من الانتصار على جائحة كورونا، وأن على الدولة والمجتمع التخلص منهم قبل القضاء النهائي على “كوفيد 19” ومتحوراته المهددة.

وتراجع حزب “العدالة والتنمية”، الذي قاد الحكومتين السابقتين لأول مرة في تاريخ البلاد، من 125 مقعدا خلال انتخابات عام 2016 إلى 13 مقعدا خلال انتخابات 2021.

وبنكيران (68 عاما) هو رئيس الحكومة المغربية خلال الفترة من نوفمبر/تشرين ثان 2011 إلى أبريل/نيسان 2017، وأمين عام حزب العدالة والتنمية المعارض.

 

شاهد..لحظة انهيار عمارة تتكون من أربعة طوابق بالدار البيضاء أمام أعين المواطنين