“بنكيران ينتقد بشدة: ‘جهل ماكرون المركب’ إزاء فلسطين ومستقبل المغرب”

0
63

في خطابه الأخير عبر مقطع فيديو بثه على صفحته على الفايسبوك، ركّز عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، على عدة مواضيع تتعلق بالوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي في المغرب، بالإضافة إلى مواقفه من التطبيع مع إسرائيل والتدخلات الأجنبية.

جاء الخطاب متشابكًا يحمل رسائل مباشرة وأخرى ضمنية، مما يستدعي تحليلًا معمقًا للكشف عما يريد بنكيران قوله وما يحاول تجنبه أو الإيحاء به بشكل غير مباشر.

التطورات السياسية في المغرب: رؤية بنكيران

بدأ بنكيران خطابه بالإشادة بما اعتبره أوضاعًا إيجابية عامة في البلاد، مشيرًا إلى الاستقرار السياسي والتقدم الاقتصادي، بما في ذلك الاعترافات الدولية بالصحراء المغربية. غير أنه عبر عن استيائه من الحكومة الحالية وسلوك بعض أعضائها، متسائلًا عن دوافع بقاء بعض الشخصيات فيها.

هذا النقد يثير تساؤلات حول طبيعة علاقة حزب العدالة والتنمية بالسلطة الحالية، فهل يسعى بنكيران للإشارة إلى تضارب القيم والمبادئ بين حزبه والحكومة؟ أم أنه يضع أسسًا لانتقاد مستقبلي أكثر وضوحًا لحكومة يبدو أنه لا يراها منسجمة مع تطلعات الحزب وأهدافه؟

التطبيع والعلاقات مع إسرائيل: موقف ثابت أم مناورة سياسية؟

تطرق بنكيران إلى موضوع التطبيع مع إسرائيل، موجهًا انتقادات لاذعة لسياسات الاحتلال الإسرائيلي، واصفًا معاملة الفلسطينيين بالوحشية، وتشبيهًا لما يحدث بأنه “هولوكوست جديد.” وأكد على أن موقفه الشخصي وموقف الدولة المغربية تجاه اليهود تاريخيًا كان دائمًا مميزًا، مستشهدًا بمكانة اليهود في المغرب تاريخيًا وعلاقة السلاطين باليهود.

ورغم تصريحاته الحادة ضد سياسات إسرائيل، لم يدن بنكيران التطبيع بشكل مباشر في خطابه. فهل يحاول بنكيران الموازنة بين موقفه الثابت من القضية الفلسطينية وبين موقف حزبه الذي سبق له أن انتقد التطبيع؟ أم أن هذه التصريحات جاءت لتخفيف حدة الانتقادات الموجهة للحزب بعد تراجع نفوذه في البرلمان؟

انتقاده للصمت الدولي وتجاهل المعاناة الفلسطينية: محاولة لكسب تأييد الشارع؟

أبدى بنكيران استياءه من الموقف الدولي، وخاصة الدول العربية المطَبّعة التي لم تقم بواجبها تجاه القضية الفلسطينية حسب قوله، موجهًا انتقادات لاذعة إلى الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية. كما أبدى استغرابه من تصرفات رئيس الولايات المتحدة تجاه ما يحدث، مشيرًا إلى المعاناة الإنسانية في قطاع غزة، من فقر وتجويع وقتل للأطفال.

لكن هذه المواقف تفتح مجالًا للتساؤل: هل يسعى بنكيران من خلال هذه التصريحات إلى كسب دعم الشارع المغربي وتأكيد موقف حزبه المعارض للتطبيع؟ أم أنها محاولة لإعادة تعزيز شعبية الحزب التي شهدت تراجعًا كبيرًا بعد خسارته في الانتخابات البرلمانية؟

العلاقة مع فرنسا: رسائل متبادلة أم خلاف مستمر؟

وأشار بنكيران إلى زيارة الرئيس الفرنسي الأخيرة للمغرب، معتبراً أنها نتيجة للسياسة الحصيفة للملك محمد السادس، ولكنّه أبدى استياءً من تصريحات الرئيس الفرنسي واعتبرها عدم احترام للمغرب. ويبدو أن هذه الإشارة موجهة لانتقاد فرنسا بشكل غير مباشر، خاصةً في ظل تصاعد التوترات بين المغرب وفرنسا.

قد تثير هذه التصريحات أسئلة حول مدى رغبة بنكيران في فتح ملف العلاقات المغربية الفرنسية على مصراعيه، وهل يقصد فقط توجيه رسائل نقدية لفرنسا، أم أنه يحاول أن ينأى بحزبه عن المواقف الدبلوماسية المتوترة؟

النقد الذاتي وإعادة النظر في الوضع السياسي للحزب: ما الهدف؟

اختتم بنكيران خطابه بالحديث عن الوضع الحالي لحزب العدالة والتنمية، معتبرًا أن تراجع الحزب في الانتخابات البرلمانية الأخيرة هو نتيجة طبيعية للديناميكية السياسية. شدد على ضرورة تقبّل الواقع السياسي والعمل بواقعية، متجنبًا إعطاء وعود أو تأكيدات بخصوص انتخابات مستقبلية.

هذا الموقف يطرح أسئلة حول نوايا بنكيران الحقيقية، فهل يسعى إلى تمهيد الأرضية لإعادة بناء الحزب من جديد؟ أم أنه يستعد لمرحلة المعارضة بعيدًا عن أي طموح سياسي قصير المدى؟

ختامًا: محاولة للحفاظ على توازن صعب

بينما ركّز بنكيران على القضايا الكبرى، مثل القضية الفلسطينية والعلاقات المغربية الفرنسية، ترك بعض النقاط مفتوحة. فعلى الرغم من انتقاداته، لم يوضح موقفًا حاسمًا تجاه الحكومة الحالية أو قضايا داخلية شائكة. هل هي محاولة لاستعادة الشعبية بحذر؟ أم أن بنكيران يفضّل أن يبقي تصريحاته مفتوحة على عدة احتمالات، ليظل خيار التوجه في السياسة الداخلية والخارجية لحزبه مرنًا؟