وجّه الأمين العام السابق لحزب “العدالة والتنمية” المغربي، عبد الإله بنكيران، انتقادات لاذعة، للأمانة العامة للحزب التي يرأسها الأمين العام سعد الدين العثماني، الذي أعلن رفقة أعضاء الأمانة بعد الانتخابات استقالتهم الجماعية، بسبب تأجيل عقد المؤتمر الاستثنائي للحزب لمدة سنة لأسباب ‘’مادية’’.
وقال بنكيران الذي أطل عبر تقنية المباشر على صفحته الرسمية بالفايسبوك ‘’ لم أقبل أن تتحكم الأمانة العامة المستقيلة في الأمانة العامة المقبلة وتحدد لها سنة أو أقل أو أكثر”. وأن تحديد مدة الأمانة العامة المقبلة قرار سياسي اتخذته القيادة المستقيلة، لماذا ستتحكم الأمانة العامة الجديدة، وأنت مستقيل وأنت مسؤول عن وضعية كارثية؟”.
ورفض بنكيران من خلال بثه المباشر مشروع القرار الذي اتخذه المجلس الوطني (برلمان الحزب) والمتمثل في تأجيل المؤتمر التاسع العادي، سنة كاملة؛ وهو الاقتراح الذي سيطرح على أنظار المؤتمر الاستثنائي المتوقع انعقاده أواخر الشهر الجاري.
وطالب الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، تيار سعد الدين العثماني، الذين عبروا عن استقالتهم الجماعية بالوفاء بـ’’الاستقالة السياسية على حد تعبيرهم” مشددا في ذات السياق على أنه لا يمكن قبول التبريرات ‘’المادية’’ التي برر بها التيار نفسه قرار تأجيل عقد المؤتمر، في حين أنه ” أشرف على عقد مؤتمر للحزب سنة 1996 بمبلغ مالي لا يفوق 9 ملايين سنتيم، بعدما جمع 12 مليون سنتيم من مساهمات أعضاء الحزب.
وفي سياق متصل، وجه بنكيران انتقادات واسعة لعدد من القيادات الحزبية الموالية لتيار سعد الدين العثماني، أبرزهم لحسن الداودي الذي قال عنه بنكيران ‘’مايعرف إدوي مايعرف اسكت’’ ردا على الخرجة الإعلامية التي قال فيها الداودي أن إستقالة أعضاء الأمانة العامة ليست مكتوبة، وإنما هي استقالة سياسية.
في هذا السياق، أعلن حسن حمورو، عضو المجلس الوطني لحزب “المـــصباح”، القرار بغير القانوني. وأشار إلى أن هذا المشروع الذي قدمته الأمانة العامة المستقيلة لا يستند إلى أي مقتضى قانوني داخل الحزب، سواء في النظام الأساسي أو النظام الداخلي. وأعلن اللجوء إلى المحكمة الإدارية لطلب إلغائه في حالة مصادقة المؤتمر الوطني الذي سينعقد يوم 30 تشرين الأول/ أكتوبر عليه.
وقال حمورو ليس الوحيد الذي سيخطو على هذا النحو، بل إن عدداً من أعضاء المجلس الوطني سيتجهون في نفس التوجه، أي الطعن لدى المحكمة الإدارية بالرباط.
وحمل بنكيران الأمينَ العام لحزب العدالة والتنمية المستقيل، سعد الدين العثماني، مسؤولية الهزيمة المدوية في انتخابات 8 شتنبر، وقال: “النتائج التي حصلنا عليها يمكنني أن أعتبرها واردة، لأن الديمقراطية هكذا، لكن الأمر لا يتعلق بالنتائج فقط، لكن هناك أمورا أخرى رافقت النتائج جعلتنا نشعر بأننا أصبحنا محڭورين في هذه البلاد، وخرجنا ولم يتأسف علينا أحد”.
وأضاف: “حينما ظهرت نتائج الانتخابات، اتصلت بسليمان العمراني وطلبت منه أن يخبر العثماني بضرورة الاستقالة وأن تواصل الأمانة العامة التحضير للمؤتمر”.
تابع: “أعتبر أن استقالة الأمين العام من الأعراف الديمقراطية، هذا ما أعرفه، وليس هناك استقالة سياسية وغير تقنية كما روجوا”، مبرزا أنه شخصيا تعهد بالاستقالة واعتزال الحياة السياسية إذا خسر انتخابات 2016.
وشدد بنكيران على رفضه تحمل مسؤولية الأمانة العامة للحزب لمدة سنة فقط، مؤكدا أنه لا حق للأمانة العامة المستقيلة في تحديد مسار الحزب، ويجب أن تترك الأمر للأمانة العامة المقبلة.
وأضاف “أنا لم أقبل أن تتحكم الأمانة العامة المستقيلة في الأمانة العامة المقبلة وتحدد لها سنة أو أقل أو أكثر”.
ودعا بنكيران أعضاء المؤتمر الوطني الاستثنائي لحزب العدالة والتنمية، الذي سينعقد السبت المقبل، إلى رفض قرار الأمانة العامة والمجلس الوطني.
من جهة أخرى، رفض بنكيران مبررات أعضاء الأمانة العامة التي تذهب إلى أن تأجيل المؤتمر العادي لأكثر من سنة، سيضيع على الحزب فرصة الحصول على دعم الدولة، وقال: “إن الإخوان قادرون على جمع الأموال للحزب، وإذا كانوا غير مستعدين فمعناه أنهم لم يعودوا يصلحون له”.
وبعث أعضاء آخرون برسائل تحذير للموالين لمواقف وتوجيهات سعد الدين العثماني وبعض أعضاء الأمانة العامة الذين يشاطرونه الموقف، القاضي بـــتأجيل انعقاد المؤتمر الوطني العادي. وتفيد تلك الرسائل عزم بعض قيادات وقواعد الحزب اللجوء إلى القضاء الإداري في حال اتخذ المؤتمر الوطني الاستثنائي المقبل للحزب قراراً يقــضي بتأييد مشروع قرار المجلس الوطني من أجل تأجيل المؤتمر العادي. وتحدث عبد العالي حامي الدين، نائب رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، عن وجود “مساس بالضوابط الأخلاقية، والدوس على القواعد المتعارف عليها” محذراً من انعكاساتها على الديمقراطية الداخلـية للحزب.
وانتقد حامي الدين بلغة حادة قيادات في الحزب، ملمحاً إلى ضلوعها في التأثير على آراء أعضاء المجلس الوطني، وقال في تدوينة له على «فيسبوك» نشرها، أمس الأحد أنه «ليس من أخلاق القيـــادة في شيء أن تحمل هاتفك، وتشرع في تركيب أرقام من تعرف من أعضاء المجلس الوطني لتعبئتهم حول فكرة معينة، بدعوى أن حساسيتها تمنعك من قولها في جلسة عامة، وليس من الديمقراطية في شيء أن تشرع في التعبئة القبلية لأسماء معينة ضداً في أسماء أخرى في حجة الحفاظ على المصلحة العامة وعلى وحدة ومصلحة الحزب».
ودافع حامي الدين عن خروجه للكتابة عن مشاكل داخلية للحزب في شبكات التواصل الاجتماعي، على غـير عادته، وقال إن ما دفعه إلى ذلك هو “الحــاجة إلى مواجهة اختلالاتنا بالوضوح اللازم، الذي يبدو ضرورياً، بعدما ظهر لي أن موانع الحــياء، والصمت لا تزيد البعض إلا إصراراً على المضي في اعتماد أساليب ثبت فشلها بكل ما تحمل الكلمة من معنى”.
في سياق متصل، اعتبر عبد الإله بن كيران، الأمين العام السابق لحزب “العدالة والتنمية” أن تحديد أجل سنة لعقد مؤتمر عادي «سيكون تشويشاً وتضييقاً على الأمانة العامة الجديدة التي ستنتخب في المؤتمر الاستثنائي». وأوضح حسن حمورو، عـــضو الــمجلس الوطني للحزب، أن بن كيران عبر له في اتصال هاتفي، عن اتفاقه مع مضمون التدوينة التي نشرها حول النقاش الدائر داخل الحزب بخصوص تحديد آجال عقد المؤتمر الوطني العادي بعد تأجيله المرتقب.
وأكد أن وضعية الحزب إزاء قانون الأحزاب هي الأساسية، معتبراً أن الحزب سيكون بعقده للمؤتمر في ظرف 4 ســنوات في وضعية قانونية سليمة.
وقال بن كيران إن الأمانة العامة المقبلة (إذا كانت هناك أمانة عامة حسب تعبيره) ستكون إزاء “معالجة وضعية معتلة، وليست بصدد تدبير استحقاق ما”.
وأضاف أن أحد الأعضاء في الأمانة العامة المستقيلة “سبق أن شرح له بأن الوضعية إزاء قانون الأحزاب هي الأساسية، وأن الحزب سيكون بعقده للمؤتمر في ظرف 4 سنوات في وضعية قانونية سليمة”.
وكانت الأمانة العامة للحزب قد أعلنت، يوم 9 أيلول/ سبـــتمبر الماضي، عن تقديم استقالة جماعية لها من مهامها، وذلك بعد الهزيمة المدوية، التي لحقت بالحزب في الانتخابات التشريعية والبلدية، وقررت الدعوة إلى مؤتمر استثنائي.
وأفرزت صناديق الاقتراع نتيجة صادمة للحزب الإسلامي، حيث وضعته في المرتبة الثامنة من حيث عدد المقاعد في مــجلس النواب، بـ 13 مقعداً فقط، بعدما كان يتـــصدر المشهــــد السياسي والحزبي بـ125 مقعداً، وقاد الحكومة لولايتين متتاليتين مدة عشر سنوات.