أعتبر القيادي في حزب العدالة والتنمية، ورئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية بمجلس النواب، عبد الله بوانو ، أن المغرب يعيش وضعا غير طبيعي، نتيجة انسحاب الحكومة ورئيسها، من المشهد، وفشلها الواضح في الوفاء بما التزمت به، خاصة في السنة الأولى من عمرها.
هذا الوضع لا يساعد على تقدم بلادنا في مسار الولوج إلى كتلة الدول الصاعدة، في سياق التحولات الجارفة الجارية على المستوى الدولي، على الرغم من الرؤية المتبصرة والطموحة لجلالة الملك، والتي توفر زاوية نظر كبيرة تستجمع كل الإمكانيات المتوفرة من رأس مال بشري ومؤهلات وموارد طبيعية، وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها باقي مؤسسات الدولة، وهو ما يجعل من استمرار هذا الوضع عامل تكبيل وإبطاء، وجب الخروج منه في أسرع وقت ممكن، بالنظر لخطورته على مستوى الثقة المطلوبة في المؤسسات، وعلى مستوى التعبئة الوطنية لجميع الفئات والقوى.
وللخروج من هذا الوضع، لا يبدو أن هناك حل سليم وغير مكلف، سوى اجراء تعديل حكومي حقيقي، يتفاعل لما يعتمل داخل المشهد السياسي، ويستجيب للتوجه العام الذي كشفت عنه العديد من البلاغات والوقفات الاحتجاجية، وحملات مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها حملة “ارحل أخنوش”، التي تجاوز المشاركون فيها 2 مليون ونصف، ويبدو أنها أصبحت حالة عامة تجاوزت مواقع التواصل الاجتماعي.
وبما أن رئيس الحكومة، اشترى أغلب المواقع والمنابر الصحافية، فليس مستبعدا أن يكون هو من وقف خلف خبر التعديل الحكومي الذي جرى تداوله نقلا عن جريدة أجنبية، واستهدف أمين عام حزب يشارك معه في الحكومة، بهدف تحريف النقاش حول حملة “ارحل أخنوش”، وربما حقق جزءا من هدفه، إلا أن مطالب المغاربة ما تزال تُرفع في وجهه، وما يزال موقع الفيسبوك شاهدا على مشاركات تحمل نفس الهاشتاغ، وهذا يعني أن الحملة حقيقية وأن هناك فئات عريضة من المغاربة تطالب فعلا برحيل رئيس الحكومة، وتسريب خبر التعديل بصيغة مغادرة أحد الامناء/الوزراء دليل قاطع في هذا الاتجاه.
طيب، لنترك جانبا موضوع حملة ارحل اخنوش، هناك مؤشرات وأساب وأحداث كثيرة، تبين أنه لا مجال لاستمرار هذه الحكومة، بهذه الوجوه وبهذه الهيكلة وبهذا البرنامج.
فعلى مستوى البرنامج، ثبت خلال سنة، أن الحكومة فشلت في الوفاء بالتزاماتها المبرمجة في ظرف سنة، ولعل أهم التزام كان يُفترض أن يكون قد تم ارساؤه، هو مدخول الكرامة، الذي وعد به رئيس الحكومة، لكن هاهي السنة الأولى انتهت دون أن يرى المعنيون هذا المدخول.
بل إن التحولات التي شهدها العالم، وكانت لها انعكاسات وتداعيات على المغرب، تفرض أن يتم تعديل البرنامج الحكومي برمته، وهذا لم يكن مطلبا لنا في المعارضة فحسب، إذ أن حزب الأصالة والمعاصرة المشارك في الحكومة، طالب به في بلاغ رسمي وبشكل علني، نتيجة الشعور بأن البرنامج الذي نالت على إثره الحكومة التنصيب البرلماني، لم يعد منسجما مع الوضعية التي تعرفها البلاد ولا أدل على ذلك اننا في ثان تعديل على مستوى قانون المالية لسنة 2022 من خلال مرسوم فتح اعتمادات اضافية ..
“جبهة إنقاذ لاسامير” تطالب باسترجاع أرباحاً فاحشة فاقت 45 مليار دره لشركات المحروقات بالمغرب
وتعديل البرنامج الحكومي، كضرورة ملحة، يستتبعه بالضرورة كذلك، تعديل تركيبة الحكومة وهيكلتها، بعد أن ظهر بما لا يدع مجالا للشك، أن الهيكلة المعمول بها لم تكن ناجعة، ولا ناجحة، لاعتبارات كثيرة، منها كون بعض الوزارات كبيرة جدا من حيث اختصاصاتها ومجالات تدخلها، فتحتاج إلى أكثر من وزير، وهذه مناسبة للتذكير بضرورة استكمال الحكومة وفق ما جاء في بلاغ الديوان الملكي الذي أعلن عن تعيين الحكومة، وبلاغ الديوان الملكي وحده كاف لكي يبادر رئيس الحكومة بإجراء تعديل على حكومته اليوم قبل الغد.
من الأسباب التي تجعل الحديث عن التعديل الحكومي، حديثا موضوعيا، بل مسؤولية سياسية، كون عدد من الوزراء بدوا وكأن كرسي الوزارات التي تكلفوا بها، اكبر منهم بكثير، بالنظر لكونهم عديمي الخبرة السياسية وعديمي الكفاءة كذلك، وعليهم أن يغادروا الحكومة.
من الاسباب كذلك، ارتكاب عدد من الوزراء لأخطاء فادحة، سياسيا وتدبيريا، وقانونيا أيضا، ومنهم من تختلط لديه الأمور لدرجة عدم التفريق بين أنواع القانون وتصنيفاته، ومثل هؤلاء لا موقع لهم في الحكومة، وإن كان السؤال الحقيقي هو كيف دخلوا لهذه الحكومة.
إن كل المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية، التي عبرت عنها تقارير مؤسسات وطنية، ذات مصداقية، تفيد بأن الجو العام في البلاد في حاجة إلى تعديل حكومي حقيقي وذلك قبل انفجار الوضع لا قدر الله وخروجه عن السيطرة كما تؤكده عدد من التحركات الميدانية لبعض الفئات والقطاعات وفي عدد من المجالات.
وكذلك الحاجة ملحة إلى مغادرة وجوه للحكومة، ودخول وجوه جديدة قادرة على مواجهة التحديات القائمة والقادمة، ونحن إذ نقترح هذا الحل، ونحن في المعارضة، لا نلمح لشيء ولا نبتغي شيئا من رئيس الحكومة، فقد قضينا فيها ما تيسر والمغاربة يشهدون كيف غادرناها برأس مرفوع، وكيف تركنا المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية، في مستويات لم تسجل طيلة السنوات الماضية، على الرغم من أن السنتين الأخيرتين كانتا محكومتين بتداعيات جائحة كوفيد 19.
نحن ندعو إلى ما ندعو إليه، لأننا نرى أن التعديل ضروري، قبل الدخول السياسي، وقبل تقديم مشروع قانون المالية لسنة 2023، وعلى رئيس الحكومة أن يبادر لهذا الأمر لانقاذ ما يمكن انقاذه من سمعة البلد ومصداقيته، وصدق نيته في خدمة هذا الوطن.
ولن أدخل في تفاصيل أخرى تكشف فشل نسخة السنة الأولى من الحكومة، حيث يكفي أن أشير إلى أنها عجزت عجزا بينا عن التجاوب مع التوجيهات الملكية، في موضوع المخزون الاستراتيجي للمواد الطاقية والصحية والغذائية، وفي موضوع الاستثمار، وفي موضوع الأسرة، وفي موضوع الحماية الاجتماعية، ومواضيع أخرى، وعجزت كذلك عن التفاعل مع تداعيات الحرب الروسية الاوكرانية، وقدد تتبع المواطنون، ويتتبعون كيف أن الحكومة تركتهم وجها لوجه مع ارتفاع أسعار المواد الأساسية، وعلى رأسها المحروقات، رغم أن رئيس الحكومة فاعل رئيسي في القطاع، لكنه لم يحرك ساكنا، سواء كرئيس حكومة، أو كرئيس موزعي وبائعي المحروقات الذي استغل الظرف لتنمية ثروته على حساب الشعب والمواطنين في إطار زواج المال والسلطة.
التعديل الحكومة ضرورة للبلاد، فلا تتأخروا كثيرا… إن الزمن السياسي لا ينتظر كثيرا !