أثارت نتائج امتحانات ولوج مهنة المحاماة التي تم الكشف عنها مؤخرا في المغرب، جدلا واسعا ومطالب بفتح تحقيق بشأنها في حين دافع وزير العدل على مصداقيتها مؤكدا أنه يثق في لجنة الامتحان.
بدوره، طالب رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية (معارضة)، عبد الله بوانو، بفتح تحقيق في ما يسمى بـ”فضيحة” نتائج مباراة المحاماة لسنة 2022، فضيحة ختم بها المغرب عن طريق وزارة العدل سنة 2022، نفس الأسماء العائلية متسلسلة لناجحين وناجحات، وآخرين مرتبين بترتيب رقم الاستدعاء لاجتياز المباراة.
وأكد عبد الله بوانو، في كلمة خلال الاجتماع الأسبوعي للمجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، المنعقد يوم أمس الإثنين، أنه إذا صحّ ما نُشر حول التلاعب في نتائج هذه المباراة، فإن الأمر يُعد كارثة حقيقية.
وقال رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، أن المجموعة ستواكب موضوع نتائج مباراة شهادة الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة، من خلال مبادرات رقابية، وفق ما يتيحه النظام الداخلي لمجلس النواب، معتبرا أن “الموضوع مستفز ويستوجب كشف الحقيقة رفضا للمحسوبية والزبونية” ،معبرا عن أسفه “ختم الحكومة لسنة 2022 بهذه الفضيحة”.
وأشار بوانو، “إلى أن مسألة النزاهة والشفافية لم تكن مطروحة من قبل، فلماذا طُرحت في المباراة التي أشرفت عليها الحكومة الحالية”، مشددا على أن “التحقيق وكشف الحقيقة هو ما سيزيل اللبس والغموض عن النتائج المعلنة لمباراة المحاماة”.
كما توقف بوانو، على تصريحات وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، معتبرا أنه “لا تليق بوزير وبرجل سياسة، وأنها تبعث برسالة سلبية، تتعلق بكون شروط النجاح في المباريات هي المال والاسم العائلي، على حساب عموم أبناء الشعب”.
وفيما يخص انجازات الحكومة خلال العام 2022،قال بوانو، إن “السنة تميزت باستمرار ارتكاب الحكومة للأخطاء الكبيرة، وعدم تمكنها من معالجة الإشكالات التي يتخبط فيها المغرب والمغاربة”، مشيرا إلى أن “استمرار غلاء الأسعار، وخاصة أسعار المحروقات، يبقى هو العنوان الأبرز لسنة من عمل الحكومة”.
وأضاف القيادي بحزب العدالة والتنمية، أن “هناك محاولات من طرف شركة رئيس الحكومة الفاعلة في قطاع المحروقات، لقطع الطريق عن أي مقاطعة محتملة، بسب استمرار ارتفاع أسعار المحروقات، وهو ما يفسره انخفاض الأسعار بين الفينة والأخرى في محطات هذه الشركة لوحدها”.
كما سجل رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، ما أسماه ب”استمرار هروب رئيس الحكومة من البرلمان، واستمرار خرق الدستور في موضوع الجلسة الشهرية لرئيس الحكومة، وهو ما يبين حسبه ضعف رئيس الحكومة”.
ونظم عدد من الراسبين في الامتحان المذكور، الثلاثاء، وقفة احتجاجية أمام البرلمان دعوا خلالها إلى فتح تحقيق في النتائج التي وصفوها بـ”المشبوهة” وعبروا عن استنكارهم لتعرضهم لما وصفوه بـ”الإقصاء الطبقي والاجتماعي”.
وكان نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي بالمغرب تداولوا خلال اليومين الأخيرين، بعض لوائح الناجحين في الامتحان الكتابي لمزاولة مهنة المحاماة حيث أظهرت أن عددا من الناجحين يحملون ألقابا عائلية متشابهة، وهو ما فجر اتهامات بـ”المحسوبية” وبـ”عدم مصداقية” نتائج الامتحان الذي سجل نجاح 2081 شخصا من مجموع أزيد من 70 ألف.
وعلى إثر ذلك، طالب “المنتدى الديمقراطي المغربي للحق والإنصاف” في بلاغ، الإثنين، بإلغاء ما وصفها بـ”مهزلة لوائح نتائج امتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة، باعتبارها محصورة لفائدة أبناء العائلات المحسوبة على القضاء والمحاماة والشخصيات السياسية النافذة”
ودعا المنتدى في هذا السياق، إلى إعادة تصحيح الامتحان والرفع من عدد المناصب المتبارى بشأنها، داعيا إلى “فتح تحقيق جاد ومسؤول والمطالبة بإقالة وزير العدل ومحاسبته”وفي المقابل دافع وزير العدل عبد اللطيف وهبي على مصداقية النتائج المعلنة في امتحان..
وأثار تصريح وزير العدل ، عبد اللطيف وهبي، جدلا واسعا وموجة من ردود الفعل الغاضبة بين مرتادي المنصات الاجتماعية حيث اعتبر كثيرون بأنه “مستفز ومسيء”.
ومن جانبه، اعتبر النائب البرلماني عبد الرحيم بوعيدة، في فيديو بثه على صفحته عبر الفيسبوك، أن تصريح وهبي حول إجازتي ابنه “كلام غير مسؤول”، مؤكدا أن “المدارس والجامعات المغربية العمومية قدمت وتقدم نخبا وطنية”.
ورفض بوعيدة “خوصصة وتوريث المحاماة” وفق تعبيره، لافتا إلى أنه لا يتهم ولا يشكك في نزاهة أحد، قبل أن يردف مؤكدا ضرورة “إصدار بيان توضيحي بدل التصريح الذي زاد الطين بلة وأغضب عددا من المغاربة عوض التخفيف عنهم”.
في المغرب، المتفرجون وهم قلة مقارنة مع اللاعبين الأساسيين الذي دخلوا مباراة “فضيحة امتحان المحاماة”، لن يملوا من المستجدات، فحتما ستكون متوفرة بأحداث مشوقة وأكثر إثارة عن سابقاتها، ولن ينتهي الجدل على المدى القريب، خاصة أن مغاربة التواصل الاجتماعي لا يشرعون في موضوع إلا وأنهكوه تعليقا وتدوينا ومتابعة، كما يكونون على أهبة الاستعداد للرد والهجوم المضاد والكشف عن كل التفاصيل.