في خطاب مفعم بالتحليل والنقد، ألقى عبد الله بوانو، القيادي البارز في حزب العدالة والتنمية، كلمة مفصلة تناول فيها الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية للمغرب تحت حكومة عزيز أخنوش. بوانو، الذي وصف نفسه بـ”الطبيب”، قدم تشخيصاً دقيقاً لأزمات البلاد، معتبراً أن سياسات الحكومة الحالية أوصلت المغرب إلى حالة حرجة تستدعي تدخلاً عاجلاً. فما هي أبرز النقاط التي أثارها بوانو؟ وما هي الأبعاد السياسية والاجتماعية التي تكشفها تصريحاته؟
تشخيص الأزمة: المغرب على حافة الهاوية
بدأ بوانو حديثه بالإشارة إلى أن المغرب يعيش حالة من الارتباك تحت حكومة أخنوش، قائلاً: “أنا احترت قليلاً… المغرب مع هذه الحكومة قرع فيما ضربتي سدم”. وأكد أن المغرب، رغم ما حققه من تقدم في عهد الملك محمد السادس، يواجه اليوم تحديات جسيمة تهدد استقراره.
السياسة الخارجية: إنجازات أم تراجعات؟
توقف بوانو عند السياسة الخارجية للمغرب، مشيراً إلى أن البلاد حققت تقدماً ملحوظاً في هذا المجال، خاصة بعد اتفاقيات الشراكة مع الاتحاد الأوروبي عام 2011. لكنه تساءل: “أين نحن الآن من هذه الإنجازات؟ هل ما زلنا نخطو إلى الأمام أم أننا نتراجع؟”. وأشار إلى أن المغرب، رغم كونه شريكاً للاتحاد الأوروبي، لا يزال يعامل كـ”ملاحظ” وليس كعضو كامل، مما يطرح تساؤلات حول جدوى السياسة الخارجية الحالية.
الداخل المغربي: تراجع الثقة وانتشار الخوف
انتقل بوانو إلى تحليل الوضع الداخلي، حيث أشار إلى تراجع الثقة في المؤسسات الحكومية والبرلمانية، قائلاً: “الثقة في الحكومة والبرلمان والمؤسسات المنتخبة في أدنى مستوياتها”. وأضاف أن هذا التراجع يرافقه انتشار الخوف بين المواطنين، خاصة مع تزايد ملاحقة الصحفيين والمدونين أمام المحاكم، مما ينذر بتراجع الحريات العامة وتهديد السلم الاجتماعي.
الأزمة الاقتصادية: من يدفع الثمن؟
تناول بوانو الأزمة الاقتصادية بالتفصيل، مشيراً إلى أن الحكومة تعتمد على زيادة الضرائب لتمويل مشاريعها، مما يثقل كاهل المواطنين. وقال: “الفلوس منين جبناهم؟ جبناهم من المواطنين”. وأضاف أن المديونية الخارجية للمغرب بلغت مستويات خطيرة، حيث تجاوزت 887 مليار درهم، مما يهدد مستقبل الأجيال القادمة.
كما انتقد بوانو سياسة الحكومة في إدارة أزمة ارتفاع الأسعار، خاصة أسعار اللحوم، قائلاً: “اللحوم غالية… الحكومة تقول إن التضخم مستورد، ولكن أين هي الإجراءات الحقيقية لمواجهة هذه الأزمة؟”. وأشار إلى أن الدعم الحكومي للقطاع الفلاحي لم يحقق النتائج المرجوة، مما زاد من معاناة المواطنين.
السياسة الاجتماعية: ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية
أكد بوانو أن الأزمة الاقتصادية انعكست سلباً على الوضع الاجتماعي، حيث ارتفعت الأسعار بشكل غير مسبوق، مما أدى إلى تراجع القدرة الشرائية للمواطنين. وقال: “السلة الاستهلاكية للمغاربة ارتفعت بنسبة 82.5%… الناس ما عندهم ما يدخروه”.
كما انتقد سياسة الحكومة في إدارة أزمة المحروقات، قائلاً: “ثمن البرميل ينزل عالمياً، ولكن الحكومة تبيع للمغاربة بأكثر من 10 دراهم للتر”. وأشار إلى أن شركات المحروقات تحقق أرباحاً طائلة على حساب المواطنين، دون أن تتخذ الحكومة إجراءات حاسمة لمواجهة هذه الأزمة.
الخلاصة: المغرب بحاجة إلى تغيير جذري
اختتم بوانو حديثه بالتأكيد على أن المغرب بحاجة إلى تغيير جذري في سياساته الاقتصادية والاجتماعية، قائلاً: “التغيير السياسي لا يمكن أن يتكرر كما حدث في 8 سبتمبر… نحن أمام تحديات كبيرة تتطلب إجراءات حاسمة”.
وأضاف أن الحكومة الحالية فشلت في إدارة الأزمات المتعددة التي يواجهها المغرب، مما يستدعي مراجعة شاملة لسياساتها واتخاذ إجراءات عاجلة لاستعادة ثقة المواطنين.
تحليل الأبعاد: ما وراء الكلمات
تصريحات بوانو تكشف عن عمق الأزمة التي يعيشها المغرب تحت حكومة أخنوش، حيث تتضافر الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لتخلق وضعاً معقداً يهدد استقرار البلاد. هذه التصريحات ليست مجرد انتقادات سياسية، بل تشخيص دقيق لأزمات بنيوية تتطلب حلولاً جذرية.
السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل ستكون هذه التصريحات بمثابة “الصفعة” التي توقظ الحكومة من سباتها، أم أنها مجرد كلمات تذهب أدراج الرياح في ظل استمرار الأزمات؟
ختاماً، تصريحات عبد الله بوانو ليست مجرد خطاب سياسي، بل هي صرخة تحذير من أزمات عميقة تهدد مستقبل المغرب. فهل ستكون هذه الصرخة بداية للتغيير، أم أنها ستضيع في زحام الأزمات التي لا تبدو لها نهاية؟